بدأت احداث الثورة السورية تأخذ منحى جديدا في الايام القليلة الماضية حيث كثف المنشقون من هجماتهم على الجيش النظامي، فيما زادت قوات الامن من قمعها مع دخول الحركة الاحتجاجية شهرها العاشر امس الخميس، في حين تثير اعمال العنف المستمرة قلقا متزايدا لدى الاسرة الدولية و'هيومن رايتس ووتش' التي دانت اطلاق الجيش النار عشوائيا على المتظاهرين. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان منشقين عن الجيش السوري قتلوا 33 جنديا على الاقل في جنوب البلاد الخميس في بعض من أكثر الهجمات دموية ضد القوات الموالية للرئيس بشار الاسد منذ بداية انتفاضة ضد حكمه قبل نحو تسعة أشهر. وأضاف ان الاشتباكات اندلعت في مدينة درعا بجنوب البلاد حيث تفجرت الاحتجاجات ضد الاسد في اذار )مارس( وعند نقطة تفتيش شرقي المدينة قتل جميع الافراد الذين يتولون حراستها وعددهم 15 جنديا. في حال تأكد هذه الإحصائية فستكون تلك الاشتباكات واحدة من أعنف المواجهات التي وقعت بين القوات الحكومية والمنشقين عن الجيش منذ اندلاع المظاهرات المنادية بالديمقراطية في سورية قبل تسعة أشهر. في الوقت نفسه قال نشطاء يقيمون عند الحدود السورية الأردنية لوكالة الأنباء الالمانية إن إطلاق نار ودوي انفجارات سمع عبر الحدود في الساعات المبكرة من صباح امس. وأضافوا أن القوات الحكومية قتلت أربعة منشقين ومدنيين اثنين في درعا. من جهة اخرى افاد المرصد في بيان ثان عن ارتفاع عدد المدنيين الذين قتلوا الاربعاء الى 24 قتيلا، بعدما كانت الحصيلة السابقة تفيد عن سقوط 21 قتيلا. واشار الى مقتل اربعة اشخاص تحت التعذيب ووفاة ثلاثة اشخاص متأثرين بجروح اصيبوا بها في وقت سابق. ومن اسطنبول اعلنت مجموعة من المعارضين السوريين يؤكدون انهم يمثلون غالبية حركات المعارضة على الارض، الخميس اقامة 'اللقاء الوطني' للقوى الثورية لاسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد. وقال محمد بسام العمادي سفير سورية السابق في السويد ورئيس اللقاء امام الصحافيين ان 'النظام قتل واعتقل وعذب وهجر عشرات الآلاف من الاشخاص، لذلك سعت مجموعات ثورية مختلفة الى توحيد قيادتها العملية والسياسية لتجميع قواتها وقلب النظام'. واضاف العمادي في بيان تلاه 'الان بعد ان اجتمعت الشروط (...) اصبح من الضروري ان نكشف انفسنا للشعب ونعلن اللقاء الوطني للقوى والمنسقين ومجالس الثورة'. واكد الدبلوماسي السابق ان اللقاء يضم 'اغلبية المجموعات الثورية التي تقود الثورة في سورية'. واضاف 'تمكنا من جمع كل هذه المجموعات تحت المظلة نفسها'، مؤكدا ان المجلس الوطني السوري الذي يؤكد انه يضم معظم حركات المعارضة السورية، اعترف بحركته وقبلها في صفوفه. وفي الوقت نفسه اعلن العراق عن ارسال وفد الى دمشق قريبا لاقناع السلطات السورية بتطبيق خطة للخروج من الأزمة، كما قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لوكالة فرانس برس الخميس. ولم تخف الاسرة الدولية قلقها بشأن الفظائع التي تتهم النظام بارتكابها منذ تسعة اشهر، فقد دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاربعاء المجتمع الدولي 'باسم الانسانية' الى التحرك لوقف القمع في سورية، معتبرا ان هذا الوضع 'لا يمكن ان يستمر' على ما هو عليه. من جهته، دان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في طرابلس 'الجرائم اليومية بحق الانسانية' التي ترتكب في سورية مطالبا برحيل الاسد. وقال ان 'حوالى خمسة الاف قتيل وثلاثة ملايين سوري طاولهم القمع الدامي والعديد من التجاوزات والجرائم بحق الانسانية التي ترتكب يوميا: كم من الضحايا ينبغي ان يسقطوا حتى يدرك العالم ان على بشار الاسد ان يرحل؟'. ولم يتمكن مجلس الامن الدولي من الاتفاق على قرار يدين القمع في سورية بسبب معارضة روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض (الفيتو). من جهة اخرى وافق مجلس الشعب السوري امس الخميس على رفع العقوبات المتعلقة بجريمة تهريب السلاح الى الاراضي السورية من 5 الى 15 عاماً. ويتألف القانون الذي أصبح نافذاً 'من 5 مواد على أن يعاقب بالإشغال الشاقة خمسة عشر عاما كل من أقدم على تهريب الاسلحة، والأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان تهريبها بقصد الاتجار بها أو ارتكاب أعمال إرهابية وبالإعدام على من وزع كميات من الأسلحة او أسهم في توزيعها بقصد ارتكاب أعمال إرهابية كما يعاقب الشريك والمتدخل بعقوبة الفاعل الأصلي'. ويتضمن القانون تشديد العقوبة وفقا لأحكام المادة 247 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته إذا كان الفاعل من المعنيين بتنفيذ أحكام هذا القانون. وقال وزير العدل السوري تيسير قلا عواد ان القانون الجديد يتضمن تشديد العقوبة على كل من يقوم بتهريب الأسلحة أو الاتجار بها حيث كانت وفق القانون 51 لعام 2001 بالسجن من 5 سنوات حتى 10 سنوات. وأكد أن ذلك يهدف إلى حماية المواطنين والحفاظ على الأمن الاجتماعي باعتبار ان جرائم الأسلحة وتهريبها والاتجار بها بقصد ارتكاب أعمال إرهابية تمثل جرائم خطيرة تؤدي إلى الإخلال بالأمن وقتل الأبرياء. وقالت السلطات السورية انها ضبطت كميات كبيرة من الاسلحة هربت الى البلاد عبر دول الجوار . الى ذلك فاجأت روسيا الخميس المجتمع الدولي بتقديمها الى مجلس الامن مشروع قرار يدين اعمال العنف في سورية من قبل 'جميع الاطراف'، حسب نسخة مشروع القرار التي حصلت عليها وكالة فرانس برس. ويدين مشروع القرار العنف المرتكب 'من قبل جميع الاطراف ومن ضمنه الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات السورية'. وسارع السفير الفرنسي لدى الاممالمتحدة جيرار ارنو الى اصدار بيان اشاد فيه بهذا 'الحدث العظيم'. وقال ارنو في البيان الذي نشر على موقع البعثة الفرنسية لدى الاممالمتحدة على الانترنت 'اعتقد ان الحدث اليوم هو حدث عظيم، لان روسيا قررت اخيرا الخروج عن جمودها وتقديم قرار عن سورية'. واضاف البيان الفرنسي 'ان النص الذي قدم الينا يحتاج بالطبع الى الكثير من التعديلات لانه غير متوازن. الا انه نص سيكون اساسا نتفاوض عليه'. وكان مجلس الامن فشل حتى الان في اصدار قرار يندد بقمع النظام السوري للمتظاهرين بسبب الموقفين الروسي والصيني الرافضين لذلك. وتتراس روسيا هذا الشهر الرئاسة الدورية لمجلس الامن، وهي استخدمت مع الصين الفيتو في الرابع من تشرين الاول (اكتوبر) لمنع تمرير قرار يدين سورية.