يعتزم الأزهر الشريف نشر رسالته من خلال قنوات فضائية وهو المجال الذي تركه لفترة طويلة لجماعات إسلامية كونت الأحزاب المتقدمة حتى الآن على منافسيها في أول انتخابات حرة تجريها البلاد. كما يعتزم الأزهر تطوير موقعه على الإنترنت وتحسين التعليم الديني وحشد أئمته ليقدم بديلا للرسالة المتزمتة التي يقدمها بعض المنتمين للتيار الإسلامي والتي تلقى إعجابا على نحو غير متوقع. وعلاوة على تدريب الأزهر غالبية أئمة مصر وإصدار الفتاوى يوميا فإنه يستضيف ايضا مناقشات بين زعماء دينيين وسياسيين ومفكرين بارزين لبحث مستقبل مصر. وقال محمود عزب مستشار الشيخ احمد الطيب شيخ الأزهر إن الثورة ساعدت الأزهر على الإصلاح. وقال ابراهيم نجم مستشار الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية إن الأزهر لم يجار وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات الحديثة المتغيرة بدرجة كافية. وقال المستشاران ل"رويترز" إن الأزهر لا ينحاز لجانب على حساب الآخر في المنافسات السياسية التي تشهدها ساحة الانتخابات البرلمانية بمصر. ويسعى الازهر كي يعوض الوقت الذي فاته في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي استمر ثلاثة عقود اذ حافظ على قربه من السلطات حين اتجهت الجماعات الإسلامية المحظورة آنذاك لوسائل الإعلام الجديدة وكونت شبكة علاقات على مستوى القاعدة العريضة من الجماهير لتنشر آراءها التي تميل للتشدد. وحصد الإسلاميون نحو ثلثي الأصوات في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي. وتجري الانتخابات على ثلاث مراحل. وفاز حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين بنسبة 37 في المئة من الأصوات واحتل السلفيون المركز الثاني بنسبة 24 في المئة وحصل حزب إسلامي معتدل آخر على نحو أربعة في المئة. أنشيء الجامع الأزهر عام 970 في القاهرة العتيقة فكان جامعا ومدرسة. وتستطيع أن ترى الأئمة يدرسون لتلاميذ هناك حتى الآن. في القرن الماضي أصبح جامعة حديثة فأضاف فروعا من العلوم مثل الهندسة والطب وتوسع في مبان جديدة. ووقع الأزهر تحت سيطرة الدولة التي كانت تضغط على رجال الدين التابعين له للدفاع عن أنظمة الحكم. وتخلف الأزهر عن الركب حين أتيحت خيارات جديدة في مجال الاتصالات في حين استغلها الإسلاميون ليتحدوا التيار الإسلامي الوسطي. وقال نجم إن هذه الجماعات نجحت في مخاطبة الناس على انفراد داخل منازلهم. وأضاف أن هناك ثماني قنوات فضائية سلفية تبث إرسالها من دول أخرى بالشرق الأوسط ويشاهدها المصريون داخل بلادهم في حين ليس لدى الأزهر ما يضاهيها. ولدى جماعة الاخوان التي وصف نجم أعضاءها بأنهم أناس يمكن التحدث معهم دعاية ممولة جيدا علاوة على برامج مجتمعية. وقال نجم إن الأزهر بصدد تدشين قناتين إن لم يكن ثلاث قنوات تلفزيونية في أوائل 2012 تتحدث باسم المؤسسة مضيفا أن هذا مشروع لدار الإفتاء. وتابع أن قناة (أزهري) الفضائية الخاصة يمولها رجل أعمال ليبي وانطلق إرسالها منذ عامين لا علاقة لها بالأزهر. وقال نجم إن دار الإفتاء ستدشن بوابة جديدة على الإنترنت حول أنشطتها وستجمع 60 الف إمام من شتى أنحاء البلاد من أجل مسعى للالتقاء بالناس يحاكي نهج التواصل مع القاعدة العريضة من الناس الذي اتبعه الإسلاميون. ولدى سؤاله لماذا لم يفعل الأزهر هذا من قبل أجاب بأن هناك فرقا بين الوظيفة والرسالة مشيرا الى أن علماء الأزهر كانوا يؤدون عملا وليس رسالة وإن الوقت قد حان لإدراك هذا. وقال نجم إن المناقشات السياسية المفتوحة كان لها أثر إيجابي على الإسلاميين فحولتهم من التشكك في دور الأزهر في البداية الى الاعتراف علنا الآن بأنه المرجع الرئيسي لتفسير أحكام الشريعة الإسلامية في مصر. وقال عزب مستشار شيخ الأزهر لشؤون حوار الأديان إن الإمام الأكبر تواصل مع الأقباط في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد أن قتل 52 في هجوم شنه إسلاميون متشددون على كنيسة ببغداد. ونقل عن الإمام قوله إن الازهر لن ينتظر حتى يصل تنظيم القاعدة الى القاهرة مشيرا الى هجوم وقع بعد هجوم بغداد بفترة قصيرة واستهدف كنيسة بالاسكندرية مما أسفر عن سقوط 23 قتيلا. وأطلق على هذا الحوار اسم (بيت العائلة المصرية) واتسع نطاقه ليجمع قيادات دينية وسياسية وثقافية لبحث التحديات التي تواجه البلاد. وقال عزب إن النظام السابق غذى الصراعات الطائفية حتى يستمر في الحكم ويقدم نفسه على أنه الحامي الأوحد للمسيحيين. وأضاف أنه كان يتم إخفاء بعض المشاكل التي تنبع من قضايا أمنية او ثقافية وراء ستار المشاكل الطائفية. وكانت احدى ثمار هذه المناقشات وثيقة عن مستقبل مصر صدرت في يونيو/ حزيران وأيدت حرية الرأي والمعتقد وحقوق الانسان في دولة مدنية يحميها الدستور والقانون. وقال عزب إن إدارته ستستهدف التطرف الديني من خلال كتاب مدرسي جديد عن العدالة والحرية في المسيحية والإسلام يدرسه التلاميذ المسلمون والمسيحيون سويا. كما ينظم دورات تدريبية جديدة للأئمة لتوجيههم الى ما وصفها بالقيم الإسلامية الحقيقية. وتابع أن الأزهر يحتاج بعض الوقت لإصلاح الضرر الذي لحق بالمجتمع في ظل النظام السابق.