شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    الاهلي السعودي    شاهد بالفيديو.. الإعلامي السوداني حازم حلمي يقود الجمهور لتشجيع الأهلي السعودي في نهائي أبطال آسيا من المدرجات    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    بالفيديو.. مواطن سوداني يستيقظ من نومه ويتفاجأ برئيس مجلس السيادة جالس أمامه.. شاهد ردة فعله التي أضحكت الآلاف    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    الخارجية القطرية: نجدد دعمنا الكامل لوحدة وسيادة استقرار السودان    الناطق الرسمي لحكومة السودان: السودان يتصدى لهجوم جوي لبورتسودان بطائرات مسيرة مدعومة إماراتياً    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    انتر نواكشوط يخطط لتكرار الفوز على المريخ    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توّجه حضاري بلا ثقافة.. كيف ؟..التوجه إعتمد على أمريكا روسيا قد دنا عذابها علىّ أن لاقيتها ضرابها.. الفنان عثمان حسين : الجماعة ديل قالوا غنانا ما بتماشى مع مشروعهم.
نشر في الراكوبة يوم 29 - 07 - 2010

سألت رولا خرسا مقدمة برنامج « الحياة والناس» بقناة الحياة ضيفها المهندس ابراهيم المعّلم صاحب «دار الشروق» المصرية ورئيس اتحاد الناشرين العرب السابق ونائب الرئيس الحالي للاتحاد الدولي للناشرين عن أكثر وأقل الشعوب العربية قراءة للكتاب فأجابها بقوله : في الماضي كان العراق والسودان هما الأكثر قراءة, اما اليوم فمصر هى الأكثر قراءة, ودول الخليج بصفة عامة هى الأقل قراءة في كل الأحوال.
رفعت الانقاذ عند مجيئها قبل عقدين من الزمان شعار «المشروع الحضاري» وهو شعار فضفاض و غامض لا يمكن الامساك بمعناه, وكذلك يستعصى معرفة أهدافه, وقد مسّت تطبيقاته جوانب عديدة ليس من بينها بالضرورة أهم مرتكزين للنهضة والحضارة : الثقافة والتعليم.
مظاهر المشروع الحضاري وتطبيقاته في عصر الانقاذ اهتمّت بالمسائل الشكلية التي تمثلت في أشياء من مثل تخصيص مقاعد للنساء في المواصلات العامة, ومنع الرقص المختلط في بيوت الأفراح, وبناء المساجد في مداخل العاصمة وشوارعها الرئيسية, وعدم السماح للطالبات بدخول الجامعة الاّ بغطاء الرأس، اضافة للمهرجانات و التجمعات الاحتفالية من شاكلة «الذكر والذاكرين».
التوجّه الحضاري الذي تبنّته الانقاذ لم يستلهم القيم الجوهرية في الدين ولم يطلق مشاريع ثقافية كبرى يمكن قياس نتائجها وتساعد في النهضة الحضارية المنشودة. لم يضع هدفا على سبيل المثال القضاء على الأميّة مثلما فعلت دولة عربية كاليمن الجنوبي سابقا. وهو أمر مستغرب من نظام يستند الى مرجعية دينية اسلامية تعتبر قيمة العلم والقراءة فيها قيمة مركزية (أوّل أية نزلت في القرآن حثت على القراءة). أهمية أمر مثل محو الأميّة في التراث الاسلامي-بعيداً عن منفعته المادية العملية- يمكن قراءتها من خلال استحضار حادثة أسرى معركة بدر الذين قرّر الرسول اطلاق سراحهم في مقابل تعليم المسلمين القراءة والكتابة.
تقول الاحصائيات إن نسبة الأمية في السودان ارتفعت من (37%) الى (57%) مع ارتفاع نسبة الأمية وسط المرأة الى (72%)، وان عدد اليافعين واليافعات الذين يعانون من الأمّية في سن المدرسة ارتفع الى ثلاثة ملايين ومائة وخمسة وعشرين ألفاً بحسب احصاءات المجلس القومي لمحو الامية.
لم تطلق الحكومة طوال العقدين الماضيين مشروعا للقراءة وللكتاب يمكنه التأثير في مسيرة النهضة الثقافية. فأين هى المكتبات العامة ؟ واين هى قصور الثقافة ؟ وأين هى مهرجانات القراءة ؟ . انّ المفارقة الكبرى في هذا الخصوص تكمن في أنّ الانقاذ في أوّل عهدها اتخذت من دولتين عظميتين هما أمريكا وروسيا أعداء لها وقرّرت إنّ عذاب هاتين الدولتين على يدى الانقاذ قد دنا وانّ « علىّ أن لاقيتها ضرابها», ولك أن تعلم - طال عمرك- أنّ الميزانية المرصودة من قبل الحكومة الفيدرالية الأمريكية للمكتبات العامة هى خمسة عشر مليار دولار سنويا ( اكبر من ميزانية السودان).
تصّدرت مصر قائمة الدول الأكثر قراءة بين الدول العربية بفضل تبني برامج مثل برنامج « مكتبة الأسرة و مهرجان القراءة للجميع» الذي أنطلق قبل عقدين من الزمان ونجح حتى الآن في نشر أكثر من ثلاثين مليون كتاب بأسعار مخفضّة جعلت الكتاب في متناول جميع طبقات المجتمع وخصوصا الشرائح الفقيرة.
وفي المقابل تراجع السودان بسبب غياب برامج التثقيف العام عن أجندّة التوّجه الحضاري, فعلى سبيل المثال اختفى مشروع ثقافي ذكي و جرىء شبيه بالمشروع المصري وهو مشروع « المليون كتاب» الذي اطلقه الدكتور زهير حسن بابكر المدير السابق لدار جامعة الخرطوم للنشر قبل عقدين من الزمان.
لقد بلغ اهمال الكتاب والقراءة في ظل المشروع الحضاري درجة مخيفة جعلت الكاتب عبد الله أحمد خيرالسيد يكتب تحت عنوان « ما عادت في كسلا مكتبة يؤمها الناس» : ( وقد تلاشت المكتبات بوفاة الرّواد الاوائل حيث اصبحت المكتبات الآن تهتم بالأدوات المكتبية واختفى القرّاء وما عاد الكتاب رفيقاً أو خير جليس خاصة فى جيل اليوم الذى لا هّم له غير صحف كرة القدم والألغاز . فقد سألت طالب بجامعة من جامعات كسلا هل قرأت كتاب (الايام) . فقال: لا . قلت له: هل سمعت بالدكتور طه حسين؟ قال لى: هل يعمل الدكتور طه حسين بصحيفة ( الأيام) ؟ انقبض قلبى وطفرت دمعة من عيونى ... مات جيل وراح جيل فى ستين ألف داهية .وما عادت حتى المدرسة تهتم بالمكتبة ولا عاد الطلاب هم الطلاب ... سجارة وسفة وقزازة بيبسى وواحدة من اليمين وواحدة فى الشمال ). انتهى.
لم تبلغ الحضارة الاسلامية أوج توّهجها في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) بتبني توجّه يقوم على أشياء ثانوية مثل منع الاختلاط بين الجنسين أو التشديّد على غطاء الرأس للمرأة, بل بتشجيع الحركة العلمية والثقافية حيث شهدت حركة الترجمة تطورا كبيرا في عهد الخليفة هارون الرشيد الذي توسع في ترجمة كتب الطب و الفلسفة اليونانية والفارسية والهندية , ثم جاء من بعده الخليفة المأمون الذي دعم الحركة العلمية, وأمر بترجمة الكتب في مختلف الفنون والعلوم , وكان يعطي وزن ما يترجم ذهبا مما أدى الى توافد العلماء والمترجمين ورواج صناعة العلم والادب والفنون والنقل والترجمة.
لم يقتصر اهمال المشروع الحضاري للأدوات الثقافية على الكتاب وحده بل امتد للعديد من مواعينها ومنها السينما- على سبيل المثال- التي تم تحطيمها بالكامل. لقد تحّول مبنى مؤسسة الدولة للسينما الى ثكنة عسكرية لقوات الاحتياطي المركزي, وتحوّلت سينما النيل الأزرق الى «فرع الأعلام العسكري», وأغلقت دور السينما في العاصمة والأقاليم أبوابها. والسينما وسيلة للتثقيف لا غنى عنها وقد لعبت أدوارا مهمة في نشر الثقافة العالمية في سودان ما قبل المشروع الحضاري.
التوّجه الحضاري لم يظهر عناية بالمسرح, والغناء تمّت محاصرته حتى يفسح المجال للجلالات وأناشيد الجهاد الحماسية. وانا إن أنسى لا أنسى تلك الأمسية من نوفمبر في العام 1999 عندما كنت مسؤولا ثقافيا بدار الزمالة الاولمبية وتم تكليفي مع آخرين بمهمة تكريم الاستاذ الفنان المرحوم عثمان حسين. ذهبت له بمنزله وتجاذبنا أطراف الحديث, وشكا لي بأسى عن العزلة التي ضربتها أجهزة الاعلام على كبار الفنانين والمنع الذي طال أغانيهم, وقال لي» نحن ما ارتكبنا جريمة غير أننا غنينا للحب و للجمال والجماعة ديل قالوا غنانا ما بتماشى مع مشروعهم, طيب ما يذيعوا أغانينا الوطنية, أنا غنيت «أفدّيك بالروح يا موطني» وغيرها !! « .
حال الفنون والغناء كتبت عنه في رسالة لصديق بعد عودتي للسودان من غربة امتدّت لسنوات, وكان مما جاء في تلك الرسالة : ( تلك القناة التلفزيونية المسماة « النيل الأزرق», أدهشتني بروحها السوداني وتسامحها وتنوعها. خرجت من البلد وبه قناة تليفزيونية واحدة أشبه ما تكون بال»مجروس» , لا شىء فيها سوى ملابس الجنود وصرخات الجهاد في زمان المشرع الحضاري , وعدت لتفاجئني النيل الأزرق ببرامجها الأصيلة وغير المصطنعة ,هذه قناة « تترك الناس يختارون ملابسهم بأنفسهم» وذلك لعمري روح السودان الذي عرفناه قبل أن تطل علينا الانقاذ. بها كثير من الفكر والفن والغناء والرسم وحوارات الثقافة. أخيرا, أعّزيك وأعزي نفسي في رحيل عملاق آخر من عمالقة الغناء السوداني: ابراهيم عوض , الفنان الذّري , الفيس بريسلي أو كما قلت. هذا جيل أثرى وجدان الشعب السوداني بجميل الكلمات وعظيم اللحون وروعة الأداء وفي مناسبة رحيل أمثال أبو خليل تتجدّد التساؤلات حول النهضة الغنائية المنشودة في ظل الواقع الثقافي المتراجع في كل شىْ, والساحة الغنائية التي أصابها فقر الدم في الشكل والمضمون وأعتلى صهوات جيادها» : شنان, وقيقم وبخيت بعد أن جلس على عرشها من قبل الكاشف, وعثمان حسين, والتاج مصطفى وغيرهم , فتأمل !! ) انتهى.
في ظنّي - وليس كل الظن أثم - أنّ المشاريع الحضارية والثورات التي تطمح في احداث التحولات الكبرى في التاريخ لا بدّ أن يقودها أناس مثقفون, يقرأون , ويتذوقون الموسيقى و الغناء, ويتأثرون بالسينما والمسرح. فقد ثبت على سبيل المثال أنّ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان يستلف من مكتبة الكلية الحربية ? بجانب الكتب العسكرية- اصدارات الأدب العالمي الكبرى, وقد ذكر هو مرارا انّه تأثر كثيرا بكتاب الاستاذ توفيق الحكيم «عودة الرّوح» وكان انحيازه لأم كلثوم أكيدا, بجانب ولعه بالسينما وعلى وجه الخصوص كان يذكر تأثره بالفيلم العالمي «أنّها حياة رائعة», It,s A Wonderful Life
ولا حول ولا قوّة الاّ بالله.
بابكرفيصل بابكر
الرأي العام
---
الصورة : الطيب مصطفى خال البشير مدير التلفزيون الأسبق التلفزيون في عهده شهد حرق كثير من أشرطة مكتبة التلفزيون وضرب حصارا على كثير من الفنانين وأعمالهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.