قلة قليلة جدا من المراقبين والمتابعين للشان السوري كانوا متفائلين بمهمة الجامعة العربية في القضية السورية وتحديدا تجاه شخص امين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي اطلق عددا من التصريحات بعد بدء مساعيه بعد اشهر من اندلاع الثورة السورية والتى كانت منحازة تماما للنظام ، وحتى عندما جرت الانعطافة السياسية المتمثلة بقرار الجامعة اقرار العقوبات على النظام بعد تعنته في الاستجابة والقبول بالمبادرة العربية ، كان قد سارع امين عام الجامعة الى رمى طوق النجاة للنظام مبكرا وبعد ايام فقط من اقرار تلك العقوبات عندما بادر للقول انه بمجرد توقيع دمشق لبروتوكول المراقبين فان العقوبات سترفع مباشرة ، وهو ما اثار حفيظة المجلس الوطني السوري والمتعاطفين مع الدم السوري من سياسيين واعلاميين وشخصيات على مستوى الراي العام العالمي ، وكان تساؤل هؤلاء» هل من المعقول والمنطقي ان ترفع عقوبات لم تنفذ بعد دون التأكد من ان النظام اوقف ادوات القتل الممنهج التى تمارس ضد المعارضين ؟؟ ومع بداية رحلة المراقبين وتزامن ذلك مع تفجيري دمشق وما لاحق ذلك من علامات استفهام حولهما ، جاءت تصريحات احمد الدابي بعد زيارة الوفد الى حمص والتى قال فيها « ان الوضع مطمئن ومستقر « لتكشف اكثر واكثر العيوب في مجمل قصة المراقبين ، سواء طبيعة المفاوضات التى جرت بين الجامعة والنظام حول البروتوكول وسر الموافقة المفاجئة للنظام على البروتوكول بعد رفض وتعنت ، وطبيعة الاتفاق والية تنفيذه ، والتشكيلة القيادية لوفد المراقبين وبخاصة رئيس البعثة وشخصيته المثيرة للجدل واقصد اللواء الدابي الذي تبوأ منصب رئيس اركان الجيش السوداني وتدور شبهات حول دوره في قيادة الجنجويد وارتكاب مجازر في جنوبي السودان ودارفور . فالدابي ووفق المعلومات التى تتداولها جهات معارضة سورية كان اختيارا سوريا بحتا لم يعارضه نبيل العربي من بين ثلاثة اسماء قدمت لدمشق ، وكان الاختراق الرئيسي الاول في مهمة المراقبين ، اما الاختراق الثاني فكان الية عمل اللجنة ورفع التقارير التى اتفق ان ترفع من الدابي نفسه الى نبيل العربي والى وزير الخارجية السوري وليد المعلم ، وهي الية تنزع ادني مصداقية يمكن ان تتوفر في مثل هذه التقارير ، اما ثالث هذه الاختراقات فهي المرافقة العسكرية والامنية السورية للبعثة في الاماكن التى من المفترض ان تذهب اليها للتحقق والتحقيق ، فكيف يمكن للمواطن ان يتحدث بحرية وان يكشف معاناته بوجود ضابط مخابرات تابع للنظام ؟؟ . لقد ادركت الجامعة حراجة الموقف الذي وضعت فيه ومدى تدهور مصداقية عملها في الملف السورى ، وعندما حاولت التدخل لاعادة انتاج مصداقيتها عبر تصريح رئيس غرفة العمليات الخاصة ببعثة مراقبي الجامعة العربية السفير عدنان الخضير الذي اوضح ان ما قصده الدابي ليس الوضع الميداني في حمص بل هو التزام الحكومة السورية تجاه البعثة ، كان اشبه بالمثل الشعبي القائل « جاء ليكحلها قام عورها « ، فكيف تصمت الجامعة اسبوعا كاملا على تصريح خطير بشان وضع حمص واذا كان خضير صادقا هو والدابي فما هو وضع حمص وبقية المدن التى زاروها ؟ كما ان تصريح الدابي صريح وواضح وضوح الشمس فقد كان يتحدث عن الوضع في حمص انه « مطمئن « ، فلا المكان ولا الاجواء كانت مناسبة ليتحدث الدابي عن علاقة البعثة بالنظام السوري ، ولو افترضنا جدلا صحة ذلك ، فما هو تفسير السيد خضير اصرار الدابي ومساعديه السودانيين في البعثة برفض تقبل شكاوى المواطنيين في حمص الا بحضور مندوبي النظام الامنيين ؟ فهل هذا تصرف موضوعي وهل هذا هو دور البعثة في ان تكشف الثوار للنظام ؟؟ في كل الاحوال فان الجامعة مطالبة ولاعادة الاعتبار لمصداقيتها القيام وعلى الفور باختيار شخصية اخرى خلاف الدابي لتولى مهمة المراقبة في سوريا يكون مشهودا لها بالخبرة العسكرية والنزاهة واحترام حقوق الانسان وهناك عشرات الشخصيات في العديد من الدول العربية من تنطبق عليها تلك المواصفات ، وفوق هذا وذاك الحاجة ماسة الى اعادة التركيز على المبادرة العربية ككل وعدم الاكتفاء ببروتوكول المراقبة ، فالقتل اليومي وفي كل لحظة وفي عموم سوريا ليس بحاجة لمراقبين للتاكد منه ، فهو موت موثق بالصورة والصوت والاسم والتاريخ . [email protected] الراي