استنكر علماء الأزهر فتوى أستاذ الفقه بجامعة الأزهر د.سعد الدين الهلالي حول تحليل البيرة وبعض أنواع الخمور المصنوعة من الشعير والنبيذ من غير العنب، كما اثارت هذه التصريحات علماء الكويت بينما اشار البعض إلى أن هناك لبسا في الفهم لهذه الفتوى. رئيس رابطة علماء الشريعة لدول مجلس التعاون والعميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.عجيل النشمي يقول قرأت فتوى د.سعد الدين الهلالي وقرأت ردود مشايخ وعلماء مصر عليها وأنا معهم وردودهم كافية ولا نحتاج إلى تكرار نفس الكلام. وهو ما أكدوه من ان «ما أسكر كثيره فقليله حرام». ويؤكد د.خالد السلطان ان هذا الكلام عبث ومجازفة فالخمر كل ما خامر العقل وأسكر والقاعدة عندنا كمسلمين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيره فقليله حرام» ولم يفرق سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين شعير وعنب وتمر، أما الأمر الثاني فأتساءل ما الفائدة من ذكر مثل هذه المسائل في وقت كثرت فيه الفتن والابتعاد عن الدين فبدلا من حث الناس على الاستقامة والالتزام يجيء د.سعد الدين الهلالي سامحه الله بمثل هذه التصريحات والفتاوى الشاذة وإن قال بها من قال فالعلم قول الله تعالى وقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وقد قال الصحابة رضوان الله عليهم «فليتق الله كل شيخ وعالم ومفت ربه ولا يدعو للضلال بقصد أو بغير قصد فالله لا يحب الفساد ولا يأمر به وهذه الفتوى باب شر وفساد. والعالم الحقيقي من ينظر للأثر البعيد وهو الباب الذي لا يفقهه كثير من الناس وهو باب سد الذرائع وفيه الخير الكثير للفرد وللأمة. وأقول سامحك الله يا د.سعد ففتواك التي لا تأتي إلا بالشر والضلال وإن كان مقصدك طيبا. باطلة ويضيف موجه التربية الإسلامية والإمام والخطيب بوزارة الاوقاف يوسف السويلم ان هذه الفتوى باطلة ومخالفة لما قاله الرسول الله صلى الله عليه وسلم، مؤكدا ان القليل الذي لا يسكر حرام فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيره فقليله حرام»، كما ان هذا التصريح يفتح الباب للناس لتناول الخمور فالقليل والكثير من تناول الخمر حرام وقد اجمع جمهور العلماء على تحريم الخمر وممكن بهذه الفتوى أن يأخذ بها قليلو الإيمان ويعتمدوا عليها في تناول الخمر. وأشار رئيس قسم العقيدة بكلية الشريعة جامعة الكويت د.بسام الشطي إلى أن كلام الهلالي مخالف لصريح الكتاب وصحيح السنة والإجماع في تحريم الخمر وعلة الاسكار والتفتير والتخدير وذهاب العقل والإضرار بالنفس، لافتا الى ان البيرة والخمر يصنعان من فواكه كثيرة وحبوب متنوعة مع تطور العلم والنبيذ من العنب وغيره وما اسكر كثيرة فقليله حرام. وأضاف الشطي أن ما يعود بالضرر على صحة الانسان في الحال والمآل وما يشتمل على الخبث حرام كما قال تعالى (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث). وأما الامام والخطيب بوزارة الاوقاف الشيخ محمد العصيمي فأنكر فتوى الهلالي قائلا ان قوله غير صحيح وذلك لأن الله تعالى حرم الخمر، ولم يعين منه نوعا واحدا كالعنب، بل انه علق الحرمة على الإسكار وذهاب العقل قل أم كثر. وتابع: ان تقديم الخمر لا يجوز لما فيه من التعاون على الإثم، واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم الجلوس على مائدة يدار عليها بخمر فكيف بتقديمها وشربها؟ بدوره قال الشيخ حاي الحاي انه، لا شك في بطلان هذا القول لأن تحريم الخمور لا يفتقر فيه إلى السكر فحسب ولكن إلى وجود مادة السكر وأصل الخمر وهي الكحول وإن كانت هذه النسبة الضئيلة لا تسكر استنادا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره حديث صحيح أخرجه النسائي وحديث: حرام قليله ما أسكر كثيره حديث صحيح أخرجه البغوي. وتابع: ان حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما يدل على أن الخمور المشتقة من غير العنب لا تخرج عن كونها محرمة وإن لم تؤد إلى الإسكار كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العنب خمرا وإن من التمر خمرا وإن من العسل خمرا وإن من البر خمرا وإن من الشعير خمرا حديث صحيح أخرجه أبو داود. وأضاف ان هذا القول المنسوب لأبي حنيفة رحمه وللحنفية في هذه المسالة مما لم يسلم له العلماء وهو خطأ لا ريب بذلك وقال الحاي انه لاريب في أن تقديم النادل لها حرام بل وفيه لعن لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها حديث صحيح أخرجه الحاكم والبيهقي. الشراح: فتوى الهلالي فُهمت خطأ أوضح الأستاذ المساعد في قسم الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.يوسف الشراح مغزى الفتوى وكان له رأي مختلف، حيث قال: الكلام الصادر من د.سعد الدين هلالي مخلوط فيه حق وفيه باطل بمعنى ان كثيرا من الناس ما يلتبس عليه ما صرح به الهلالي علة الاسكار إذا كانت موجودة كان التحريم فإذا انعدمت لا يكون الشراب ذاته مسكرا فتنتفي الحرمة عنه، وهذا كلام يعتبر حقا وبه يعرف الحلال من الحرام من الأشربة، أما قلة الشراب إذا لم تكن مسكرة فذلك لا يغير من الحكم شيئا اذا كان كثيره مسكرا وهذا ما يوقع الناس في اللبس من كلام د.الهلالي فإن الشرع قد علّق الحكم بالاسكار دون النظر الى اثره على الانسان وان كان يسكر بشرب ذلك الشراب او لا يسكر وبغض النظر عن كمية المشروب قليله ام كثيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيره فقليله حرام» فكلام د.سعد الدين الهلالي لا غبار عليه. علماء الأزهر: تفتح الباب للمسكرات قال عضو مجلس البحوث الإسلامية د.محمود مهنا: إن الفتوى تخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم وتفتح الباب للسكر مضيفا ان القليل الذي لا يسكر حرام وأقول لصاحب الفتوى أين أنت من قول النبي صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيره فقليله حرام». وأضاف انه طبقا لرأي جمهور العلماء في أن المفتي يجب ان يتمعن في فتواه قائلا: ان الهلالي بهذه الفتوى يفتح بابا للسكر والحديث واضح فلو أن الإنسان شرب بحرا من الخمر وسكر فنقطة واحدة من هذا البحر حرام. وأكد أن الله حرم الخمر على أربع مراحل فيقول تعالى: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) فهذه الآية تبين ان في هذه الأصناف سكرا وقوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر كل فيهما إثم كبير). من جانبه، قال أستاذ الفقه بجامعة الأزهر د.علوي أمين: ان الفقهاء اجمعوا على ان كل الخمر حرام، مشيرا إلى أن من قال هذه الفتوى اعتمد على رأي واحد في مذهب الأحناف، وهو رأي ظاهري. وأضاف ان القليل أو الكثير من الخمر حرام فلو وقعت نقطة من الخمر في إناء ينجس الإناء وما دام ينجس فهو حرام. وبدوره تساءل الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الشيخ علي عبدالباقي، كيف لمطلق الفتوى أن يتيقن أن القليل لا يسكر فهل سيقوم بعمل تجارب؟!، مشيرا إلى أن القاعدة الفقهية التي من المفترض أن يتم الالتزام بها «ان ما أسكر كثيره فقليله حرام» فالقلة مثل الكثرة.