لندن: يبدو أن حظوظ رجل روسيا القوي فلاديمير بوتين تنقلب رأسا على عقب وربما صار بوسعها أن تطيح أحلامه في العودة الى الرئاسة بعد انتخابات العام الحالي كما راح يتصرف وكأن نتيجتها معروفة سلفا. فقد أظهر استطلاع على المستوى القومي أن رئيس الوزراء الذي تجاوزت شعبيته عتبة 60 في المائة في 2010، فقد أكثر من ثلث مؤيديه الآن إذ قال 38 في المائة فقط إنهم يقفون من خلفه باعتباره السياسي الأمثل لقيادة البلاد. والواقع أن انخفاض شعبية بوتين صار واضحا للعيان منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، التي اعتبرت على نطاق واسع مزورة لصالح حزبه «روسياالمتحدة». ومنذ ذلك الوقت، اجتاحت قرابة 70 من مدن البلاد سلسلة من تظاهرات الاحتجاجات التي بلغت أوجها في موسكو منتصف الشهر الماضي وشارك فيها أكثر من 100 ألف شخص. وحدا هذا الوضع بآخر الرؤساء السوفيات، ميخائيل غورباتشوف، الى الخروج عن صمته المعهود إزاء أحداث الكرملين فراح ينتقد بوتين علنا. وطالب بإعلان بطلان نتيجة الانتخابات التشريعية وإعادة إجرائها بالتالي لأنها، على حد قوله الصريح، «كذبة لن تجد من يصدقها». وبلغ الغضب بغورباتشوف حد أنه وصف رئيس الوزراء بأنه يتصرف على نحو «يدعو للخجل». وكان يرد بهذا على تشبيه بوتين شرائط كان يحملها المتظاهرون ب«العازلات الطبيّة» (الكوندوم). أما الرجل الذي يعتبر «دمية الكرملين»، وهو الرئيس ديمتري مدفيديف نفسه، فقد عانى في استطلاع الرأي الأخير هذا مصيراً أسوأ من نكسة بوتين نفسه. والواقع أن مدفيديف لم يتمتع بالشعبية أصلا. فقد بلغت نسبة تأييده قمتها في 2010 بنسبة 37 في المائة. ولكن حتى هذه انخفضت في الاستطلاع الأخير الى 19 في المائة فقط. ويذكر هنا أنه اعترف مؤخرا باتفاق سري قال إنه أبرمه مع بوتين منذ سنوات، يتنازل له فيه عن الرئاسة ليحل محله في رئاسة الوزراء، وأن بوتين أيضا أقرّ بالشيء نفسه. ونتيجة هذا كله، لا يستطيع بوتين القول الآن إنه واثق من الفوز في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة مارس (آذار) المقبل بنسبة الخمسين في المائة التي تضمنها له وتحيل دورة ثانية بلا لزوم. وقارن هذا بنسبة 52 في المائة أتت به الى الكرملين للمرة الأولى العام 2000، ونسبة 72 في المائة عندما اعيد انتخابه للمنصب نفسه في 2004. وتنوي القوى المعارضة الآن إحكام خناقها السياسي حول عنق بوتين بدعوتها الى «تظاهرة حاشدة تخطر رئيس الوزراء بأنه غير مرغوب فيه» في الرابع من شباط (فبراير) المقبل، قبل شهر واحد من موعد الإنتخابات الرئاسية الحاسمة.