بعد أن خلص الحكم للإسلاميين في السودان بدأت أسراب العودة الطوعية للكوادر التي أدمنت الاغتراب.. من بين هؤلاء وأولئك كان المهندس الطيب مصطفى.. الأستاذ الطيب ليس إسلامياً فحسب، ولكن صلة القربى تربطه مباشرة بالقائد العسكري الجديد الفريق (وقتها) عمر حسن البشير.. ليست صلة الدم وحدها.. عمر والطيب جمعتهما صداقة ومودة وجيرة في حي كوبر الشعبي.. ثم إن كليهما التزم في صباه بخط الحركة الإسلامية.. دراسة الطيب بكلية الآداب جامعة الخرطوم هيأت له امتداداً تنظيمياً.. والتحاق عمر حسن بالكلية العسكرية قطع اتصاله بالتنظيم الاسلامي إلى حين. الطيب مصطفى ارتقى الوظائف العليا في الدولة الجديدة.. في التلفزيون ابتكر المدير الطيب مصطفى طريقة غريبة لتأصيل المسلسلات المصرية.. الفكرة كانت تقضي بوضع شبكة مظللة على (سيقان) جميلات الشاشة العربية.. أما الرأي الآخر فقد كانت مساحته محدودة جداً في تلفزيون الطيب مصطفى.. من التلفزيون ترقى المهندس الطيب ليصبح وزير دولة بوزارة الإعلام. بداية الطيب في الإطلالة على الصحافة المكتوبة كانت سلسلة مقالات في الدفاع عن الشيخ حسن الترابي كان عنوانها (الترابي وعداء الأتراب).. حينما جاءت المفاصلة كان الطيب أشقى الناس.. بل إن الدموع كادت أن تطفر من عينيه يوم أذاع البشير بيانه الثاني والذي أطر عبره للإنقاذ الجديدة.. بعد أن وقع الفأس على الرأس انتحى الطيب نحو جبهة القصر جندياً مخلصاً إلى حين. أخيراً من رحم المؤتمر الوطني خرج الطيب بمنبره الانفصالي.. تفاصيل الخروج أريق فيها مداد كثيف.. ولكن الثابت أن الخال الطيب لم يقطع صلاته بالحزب الحاكم.. قبيل الانتخابات أعلن منبر السلام بشكل مفاجئ الانسحاب وآزر بشدة مرشحي الحزب الحاكم. أصبح صاحب منبر السلام يشغل (تكتيكيا) منصب الرجل صاحب اللسان الطويل.. تولى بشكل فاجر بذر الكراهية بين أبناء السودان.. الطيب مصطفى يرى الجنوب وأهله الذي زواله يستوجب الحمد والشكر.. في يوم الانفصال نحر الطيب ثوراً أسود ابتهاجاً بشطر الوطن. في الفترة الأخيرة بدأ الطيب مصطفى تستهويه فكرة أن يصبح حاكماً مطلقاً.. أول تعديل أجري على هيكل منبر السلام جعل الطيب رئيسا له نواب.. الأمين العام للمنبر البشرى محمد عثمان مثله مثل الشيخ الترابي ذهب مع رياح التغيير.. ذات الخطوة حدثت في المؤتمر الوطني بعد أن تم إلغاء الأمانة العامة. أول الغيث كانت مشاركة منبر السلام في انتخابات جامعة السودان.. حصيلة المشاركة كانت بضعاً وسبعين صوتاً صبت لصالح الانفصاليين الجدد.. أمس تحدث الطيب مصطفى عن أمنيات أن يصيب المنبر السلطة هذه المرة.. الجديد أن الطيب مصطفى هاجم بضراوة إخوته السابقين في الحزب الحاكم.. الطيب أكد لدي مخاطبته اجتماعات مجلس الشورى أن الحزب الحاكم شاخ وهرم وأن الفساد قد عم البر والبحر وأن اللحظة مواتية لمنافسته على السلطة. شهادة الطيب مصطفى مجروحة.. لأنه ببساطة لا يستطيع تحميل الرئيس البشير مسئولية الإخفاق.. الخال الطيب مصطفى يرى فقط حزباً هرماً يقوده شاب يجب أن يعطى فرصة وأخرى. التيار