الرائد المسرحي عثمان احمد حمد الشهير باب دليبة, شخصية مهرجان ايام الخرطوم المسرحية التي تجري منافساته هذه الايام بالمسرح القومي , (شال الطوب) ووضع (الساس ) للمسرح الذي يكرم على خشبته , وبين التأليف والاخراج والتمثيل , تدرج اب دليبه من ممثل في فرقة الفاضل سعيد الى ان وصل درجة مدير للمسرح القومي لثماني سنوات , عطاء اب دليبه في العمل المسرحي في مجالاته الثلاثة لم ينقطع حتى في فترة اغترابه التي استمرت (22) عاماً ومستمرا حتى انطلاق هذا المهرجان الذي قدم اليه بعمل وابعده مشروع تكريمه وترقية مخرجه صديق صالح كمدير للمسرح القومي , اب دليبة مرجعية في العمل المسرحي وشاهد على عصره الذهبي . في هذه المساحة قلبنا معه اوراق الماضي والحاضر. حوار ماجدة حسن *مقارنة بأيامكم كيف ترى الممثل السوداني الآن؟ - نحن عملنا بموهبتنا فقط , جيل اليوم افضل حالا لانهم جمعوا بين العلم والموهبة ،والعلم والثقافة تصقل الموهبة وتقدم الممثل في افضل حالاته. *لكن الممثل رغم ماذكرت من موهبة متهم بعدم التلقائية وبالتكلف؟ - الموهبة التي اقصدها هي الموهبة المقننة مثل (الملح في الملاح) وهذه المقاييس السليمة تبعد عنها التكلف. *ماهي المؤثرات او التغييرات التي طرأت على الممثل؟ -الممثلون حاليا متأثرون بالمسرح العربي وبعضهم تأثر برؤى خارجية كلها (جري وكواريك) وتجسيد في الحركة اكثر من التعبير , بخلاف جيلنا الموهوب امثال اسماعيل خورشيد, وعثمان حميدة (تور الجر), والفاضل سعيد, والسر قدور كانت مواهب فطريه تجاوزت المواهب المتعلمة. *الفاضل سعيد كيف تقيم تجربته؟ - الفاضل سعيد نموذج للموهبة بدون الدراسة , استطاع ان يبرع في اداء اربعة شخصيات راسخة (العجب) و(بت قضيم) و(كرتوب) و(حماقة). * لماذا انتهى مسرح الفاضل سعيد بوفاته؟ - لانه ارتكب خطأ من حيث لايدري بتركيزه على الشخصية الواحدة التي يستحيل ان يؤديها شخص غيره , وعلى الرغم من انه طاقة فنية لاتتكرر الا انه لم يجرب التنوع الا من خلال شخصياته الاربعة . * ماسر تسمية (اب دليبة)؟ - عندما ظهرنا مع الفاضل سعيد لم تكن لدينا شخصيات , قدمنا معه في مسرح البراميل مسرحية (دستور يا اسيادي) ولم يكن بها اي شخصية نمطية والبرامج الاذاعية (فرصة سعيدة)و(انسى همومك)كانت النواة الاولى للاحتكاك بالجمهور ومن خلال المسرح المذاع قررنا ان نظهر بشخصيات محددة واول شخصية نمطية كانت عثمان حميدة (تور الجر) ثم (اب قبورة) وهو شيخ فاشل و شخصية(اب دليبة) وهو رجل في سني الحالية قدمته عبر المكياج وهو رجل (كذاب) والدليبة هي الكذبة من ناحية بلاغية. * لكن الشخصية النمطية هي سبب شهرة اصحابها رغم تحفظاتك؟ - صحيح هي سبب شهرة اصحابها والبذرة التي انطلق منها هؤلاء الممثلون الى المسرح , والمسرح الذي انطلق في العام 1968 نحن اساسه وجئناه بشخصيات معروفة , تورالجر , اب قبورة , اب دليبة, وشخصيات الفاضل سعيد المعروفة. *نجومية الممثل الآن مفقودة خلافا لزمانكم ،لماذا؟ - نجوميتنا كانت مسرحا خالصا , لكن نجوم اليوم ساعد التلفزيون كوسيط جديد كثيرا في ظهورهم , وحاليا اصبحت الاذاعة والتلفزيون والمسرح (كشكول نجومية), اضافه الى عنصر التشويق في الاذاعة ساعد على نجوميتنا وسعى الناس الى رؤيتنا وهذا مفقود الآن , وهناك ادوار خالدة مثل دور مكي سنادة في خطوبة سهير , وابراهيم حجازي في مدير ليوم واحد وهذا ايضا مفقود الآن. * هل انت مواكب ولك اعمال جديدة؟ - في هذا المهرجان كان يفترض ان يكون لي عمل (اصابع بلا بصمات) كوميديا باللغة العربية الفصحى تأجلت لتقدم خلال موسم قادم لان مخرجها اصبح مديرا للمسرح القومي وصاحبها شخصية المهرجان , غبت عن السودان (22) سنة مغتربا بالسعودية قمت بتأليف عدد من الاعمال هناك ويمكن ان نقول انا رائد مواكب. *يقال ان المسرحيات الآن لا تعبر عن الجمهور لذلك تركها مغادرا؟ - انا شخصيا طبقتها في نصوصي (بلد ناس فاطمة) (حالة طوارئ)(ساقية جحا) وابتعدت عن هذا النوع ,لان اي نص يرتبط بمشكلة آنية لا يكتب له الخلود . ومسرحيات شكسبير او نص من العهد الاغريقي خلدت لانها كتبت للانسان كإنسان او تتناول قضايا عامة تخص المجتمع ولا ترتبط بمكان أو زمان وهذا ما اكده الكاتب المسرحي الاسباني اجاسا لوركا (مسرح لايحس بنبض شعبه مسرح ميت أو كاد). * مادور المخرج فيما يحدث في الساحة الدرامية؟ -الاخراج احيانا يصعد بالنص واحيانا يهبط به , والمخرج لابد ان يكون موهوبا ولديه مخزون طيب من الخبرة والتجربة ولو مارس التمثيل يكون افضل , لان التمثيل يعطي القدرة على تقديم الشخصيات والمخرج هو المؤلف الثاني. * النصوص كذلك متهمة بالتسطيح .بوصفك كاتبا هل هي كذلك؟ -النص يجب ان يبتعد عن الاغراق في الرمزية غير المفهومة وغير المقبولة التي تؤدي للتسطيح, والمسرحيات الآن الجمهور لايفهم منها اي شيء ويغادر من المشاهد الاولى .وصحيح مسرح لا يحس بنبض شعبه مسرح بعيد عن جمهوره .وهذا هو مكمن الوجع والألم في الحركة المسرحية حاليا التي تأثرت بالمسارح العربية والخارجية في اسوأ صفاتها مع العلم لو تمت اعادة مسرحية (المك نمر) للعبادي لاتت بنفس جمهورها لمواكبتها وجودتها وحبكتها. *ما سبب تدهور المسرح من وجهة نظرك؟ - الميزانية سبب اساسي في تدهور المسرح , والمسرح مظلوم لم يكن يجد الاهتمام والاعتبار , لكن السموأل الآن اعاد للثقافة هيبتها وحيويتها والمسرح سيكون افضل على يديه. *هل يمكن لهذه المهرجانات أن تعيد للمسرح عافيته؟ -المهرجانات بالتأكيد تعيد للمسرح عافيته , والتنافس يسهم فى الابداع , لكنني اخشى على الثماني مسرحيات المختارة ان يظلمها عرض اليوم الواحد الذي قد لايمكن المتلقي من استيعابها. *ماذا تقول حول اختياركم كشخصية لمهرجان ايام الخرطوم المسرحية؟ - بعد (53) عاما وبعد ان وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا , لكنني سعيد بأن كرمت وانا على قيد الحياة , وان يأتي متأخرا خير من ان لايأتي , وشكرا لكل من التفت الينا في صحوة ثقافية يقودها جيل من ابنائي مسئولا او فنانا لهم تقديري وشكري والشكر لله اولا واخيرا.