تباينت رؤى المراقبين والمحللين السياسيين حول تهديد حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور -والتي تقاطع مباحثات السلام بالعاصمة القطرية الدوحة- بالدعوة إلى طرح حق تقرير المصير لإقليمي دارفور وكردفان في المستقبل إذا ما استمر الحال على ما هو عليه. ففي حين يقلل بعضهم من الدعوة التي اعتبروها غير ذات فائدة أو أنها تصب في خانة المزايدات السياسية بين المؤتمر الوطني والمعارضة بشقيها المسلح والسلمي، اعتبرها آخرون نتيجة طبيعية لفشل الجميع في التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة. لكن يبدو أن الحكومة لن تقبل هذه المرة حتى مجرد التطرق للأمر، حينما وصف وزير الدولة بالخارجية كمال حسن علي التهديد بالمعزول والمهزوم المدحور، وأضاف ب"ألا تأثير له على الأرض". وأكد للصحفيين أن أبواب الحكومة ما زالت مشرعة للحوار مع جميع حملة السلاح بمن فيهم العدل والمساواة "وإن أرادت غير ذلك فلها ما تريد". حق المواطنة وفي حين قال المتحدث الرسمي للحركة أحمد حسين آدم إن شعب إقليمي كردفان ودارفور يحتاجون إلى الأمل ولديهم الحق في الحياة كمواطنين في دولة توفر لهم حق المواطنة والحريات والديمقراطية والمساواة وحكم القانون، مشيرا إلى أنه في حالة عدم توفر الشروط المذكورة بالمواطنة الحقيقية "فلابد من الاتجاه نحو خيارات أخرى". وأكد في تصريحات صحفية أن حركته تطرح خيار حق تقرير المصير لإقليمي دارفور وكردفان، مشيرا إلى أن طرح حركته لذلك الخيار ليس تكتيكا وإنما هو حق إنساني أصيل مطروح في مواثيق حقوق الإنسان وحقوق الشعوب للمحافظة على إنسانيتها وكرامتها. في غضون ذلك اعتبر الناشط في حقوق الإنسان وعضو الحزب الشيوعي السوداني صالح محمود أن لا غرابة في مطلب تقرير المصير لدارفور، معتبرا أن الحركة لم تأت بجديد "لأن دارفور كانت في الأصل دولة قائمة بذاتها تمتد إلى كردفان وبعض الأجزاء الشمالية". وأكد في تعليق للجزيرة نت أن الحزب الحاكم "ظل يضع العراقيل للحيلولة دون التوصل لحل شامل في دارفور" مستبعدا وجود دواع منطقية لطرح تقرير المصير لدارفور أسوة بالجنوب لأن الدولة السودانية وبحدودها المختلفة ملك لكل الشعب السوداني". وقال "لا الحركات المسلحة ولا المؤتمر الوطني يمثلون شعب السودان حتى يطرح كلا منهما ما يوافقه، لكن إذا ما واصل الوطني تماطله إزاء حل أزمة دارفور فإن تقرير المصير سيأتي مستقبلا كخيار حل لأزمة مستفحلة. من جانبه أكد المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن الشعور الطبيعي لدى أهل دارفور التعايش في سودان موحد نسبة لاختلاطهم مع كل الأطراف في الجنوب والشرق والشمال. استعلاء المركز وقال إن دارفور استطاعت الحفاظ على وحدة السودان من قبل. لكنه ربط بين ما سماه استعلاء المركز بطرح تقرير المصير كخيار إذا ما فشل الجميع في معالجة الأزمة. وأكد للجزيرة نت أن السودان الشمالي لن يتم تفكيكه إلا بعملية قيصرية كالتي تمت في توقيع اتفاق السلام الشامل بنيفاشا الكينية. واستبعد أن ينجح مصطلح تقرير المصير في دخول أزمة دارفور. وقال "يبدو أن هذا الطرح جاء في إطار المناورة السياسية لدفع المؤتمر الوطني للتفكير بمرونة أكثر للاستجابة للحل الشامل لأزمة دارفور". عماد عبد الهادي-الخرطوم