تعتبر حفلات التخريج بمثابة يوم العرس لطلاب الجامعات الذين أكملوا سنوات الدارسة، وعندما يذكر مقدم الحفل اسم الطالب مسبوقاً بلقب الخريج، يعد ذلك إعلانا بنهاية علاقته بالمرحلة الجامعية ومؤشراً على حصوله على شهادة تثبت تخرجه، لذلك باتت حفلات التخريج تحظى باهتمام متعاظم من الطلاب، بل ويعتبرونها من مكملات مرحلة الجامعة. وتكتمل سعادتهم بحضور الأسرة والاصدقاء الذين يتقاطرون من أصقاع البلاد المختلفة، والكثير من الأسر تحضر من مدن وقرى الولايات لمشاركة الطالب او الطالبة الفرحة في الحفل، وتقام اغلب الحفلات في الأندية، وبعضها في صالات المناسبات، ويأتي الحفل متنوعاً في فقراته، وتعتبر الزفة من أهم فقراته، حيث يختار كل خريج أغنية خاصة به تعرض لمدة لا تزيد عن الدقيقتين تبدأ مع ذكر اسمه حتى لحظة تسلمه الشهادة التقديرية من المنصة، ويصحب الأغنية عادة أداء حركي «رقص» من قبل الخريج نفسه، فيما يعمد عدد من الخريجين الى ابتكار حركات تلفت الانتباه اليهم اثناء هذه الفقرة كالسجود وتقبيل أقدام أمهاتهم وغيرها، فيما تتفاوت موسيقى الزفة بين المديح السوداني والمديح العربي والأغاني السودانية الحديثة والوطنية والأغاني الأجنبية. واللافت في هذه الحفلات وجود رواج عالٍ لما اصطلح عليه ب «الأغاني الهابطة»، وبالذات في أغنية الزفة التي دائماً ما يدور حولها جدال فني ساخن تتأرجح فيه الآراء بين القبول و الرفض، وبين مواصفات الأغنية الهابطة في حد ذاتها، حيث أن أغاني الزفة كما يرى عدد من المتابعين تعبر عن المزاج الفني للخريجين الذين ينضمون الى فئة الشباب التي تعتبر دعامة المجتمع ومستقبله، ومن جانبهم يتبارى الخريجون في اختيار أغاني تلفت انتباه جماهير الحاضرين وتحوذ اعجابهم لتتفاعل الجماهير معها أيا كان نوع الاغاني حتى إن كانت «هابطة»، حيث تتميز حفلات التخريج في السودان عن جميع حفلات انحاء العالم، الا أنها سابقت التطور ودخلتها منذ أمد ليس بعيداً أعمال الديكور والزينة وشاشات وتصوير الفيديو الحديث وما يصحبه من تقنيات. «الصحافة» استطلعت عدداً من الطلاب الجامعيين بشأن آرائهم في ما يجري في حفلات التخريج، حيث أوضح عادل محمد «طالب في السنة النهائية» أن الكثير من حفلات التخريج أصبحت عبارة عن تهريج فقط، ولا يجب على الخريجين التصرف بهذا الشكل كالرقص مع أغنية هابطة أو الرقص بطريقة أجنبية، مضيفاً أن لنا تراثنا الشعبي في الرقص يغنينا عن الثقافة الاجنبية، وان حفلات التخريج عليها أن تبرز التراث السوداني الاصيل وتفتخر به، مشيرا الى ان هنالك عدداً من الظواهر في حفلات التخريج تستحق الاشادة كالسجود الذي يدل على حمد الله وشكره على هذه اللحظة، وتقبيل قدم الأم التي قدمت الكثير هي وبقية أفراد الاسرة حتى يتخرج ابنهم في الجامعة، كاشفا أن معظم حفلات التخريج يتم فيها التعاقد مع شركات لتنظمها. وتقول نسمة عمر «خريجة» إن حفل التخريج كان يوماً مهماً في حياتها، حيث حضرت اسرتها من ريف الدلنج لتشرفها في حفل التخرج، بالرغم مما صاحب ذلك اليوم من بعض الظواهر السالبة كما وصفتها من بعض زميلاتها التي أحرجتها امام اسرتها كاللبس الخليع والشاذ والرقص الاجنبي واختيار اغاني هابطة للزفة. وترى نسمة أن هذه المظاهر تعتبر لدى سكان العاصمة شيئاً معتاداً، ولكن لأسرتها القادمة من الريف غير مقبولة. وقالت إن أسرتها تؤاخذها بشأنها مع ألا يد لها فيها وليس لها الحق في اعتراض زملائها بسببها. وتحدث ماهل تيراب «أستاذ جامعي» ل «الصحافة» قائلاً إنه تشرف بالوقوف على «المنصة» وتسليم طلابه شهاداتهم ومشاركتهم هذا الحفل، مشيراً إلى أن الطلاب جزء من المجتمع وليسوا بمعزل عن أمراضه، موضحاً أن المظاهر التي تحدث في حفلات التخريج معظمها سلبية وتشير الي انحطاط القيم، وتساءل: ماذا يعني قذف الخريج إلى أعلى وتلقفه بواسطة أصحابه في حفل عام ومحضور، والتهريج الذي يحدث لا داعي له، وهو ينم عن عدم احترام للأساتذة الحاضرين ويدخلهم في حرج كبير، بالإضافة إلى إحراج أسر قادمة من الأقاليم ترى في هؤلاء الخريجين المستقبل الزاهي، فيفاجئونهم بصورة باهتة تسيء الى المجتمع الجامعي. الصحافة