من يتدحرج أولاً؟ رأس الأسد أم رأس نجاد؟ تصارع إيران بشراسة لإنقاذ نظام بشّار الأسد المتآكل الذي يمثل بالنسبة لها "منصّة الوثب إلى المنطقة العربية" وبالخصوص ل"الثكنة الإيرانية" في لبنان، مدركة أن انهياره المحتمل سيؤدّي إلى إضعاف دويلة حزب الله لدرجة كبيرة وربما إلى سقوطها. وفي انتظار ما سيتمخّض عنه مؤتمر "أصدقاء سوريا" الجمعة في تونس، تُركّز كل من إيران وحزب الله في إعلامهما على عدم مشاركة الحليف الروسي بالمؤتمر وعلى الانقسام بخصوص تقديم الدّعم العسكري للمعارضة السورية. وتساند قطر بقوة هذا الدّعم، وهي التي كانت أول من ألقى بفكرة التدخّل الأجنبي في سوريا. وتحدّثت قناة "المنار" التّابعة لحزب الله عن "تباينات واضحة في المواقف بين فرنسا وقطر من جهة وتونس من جهة ثانية حصلت في اجتماع الجامعة العربية حول سوريا". وأضافت أن الدوحة "طرحت على الدول العربية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، غير أن هذا المسعى اصطدم برفض كل من تونس والجزائر والعراق ولبنان والسودان، مما أثار غضب وزير خارجية قطر وامتعاضه". وتعي إيران أنها إذا فشلت في الإبقاء على نظام بشار الأسد فسوف تفقد طريق الإمدادات العسكرية والتمويلية ل"حزب الله"، الورقة الأقوى لطهران في التفاوض حول برنامجها النووي. ويبدو أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بعد فشل جولة جديدة من الجدال الماراثوني بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. إيران تستعد لما بعد الأسد لذلك فإن إيران، الداعم الرئيسي لنظام الأسد بالسلاح والمال، تقاتل بشراسة للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا. وقال الكاتب البريطاني سيمون تيسدال إن إيران "دفعت بالمئات من قوات الحرس الثوري إلى داخل الأراضي السورية يعملون كمدربين ومستشارين وعناصر استخبارية لجمع المعلومات لصالح قوات النظام السوري". وأضاف الكاتب في صحيفة ال"غارديان" البريطانية أن طهران تسعى للاحتفاظ بنظام الأسد الموالي لها لأنه يمثل لها منصة الوثب إلى المنطقة العربية". وأكد أن "إيران مصممة على إبقاء سيطرتها على سوريا بغض النظر عمّا سيحدث للأسد". كما تخطط إيران لمرحلة قد تلي الانهيار المحتمل لحليفها الإستراتيجي. وذكرت الصحيفة الألمانية "دي فيلت" مؤخّراً، أن إيران، على الرغم من الدعم الواسع العسكري والاقتصادي الذي توفره للنظام السوري في محاولة شبه ميؤوسة لإنقاذه، فإنها "تعد الترتيبات لما بعد الأسد". وأكدت الصحيفة، استناداً الى "تقرير سري سعودي"، أن الاستخبارات السعودية عرضت مؤخّراً على نظرائها في مجلس التعاون الخليجي، "باستثناء قطر"، معلومات جديدة تفيد بأن السقوط المحتمل لحليفها السوري أجبر إيران على البحث عن طرق جديدة لتهريب الأسلحة إلى حزب الله. وأضافت الصحيفة أن سرايا القدس، الذراع الخارجي لقوات الحرس الثوري الإيراني، رفعت من اعتمادها على السفن بالتعاون مع "الشركة الوطنية الإيرانية للنقل البحري" في تزويد حزب الله، وكذلك ميليشيات الشباب في الصومال وارتريا ومجموعات أخرى، بالأسلحة. ويذكر أن شركة الملاحة البحرية هذه تعمل بشكل وثيق مع الصناعة العسكرية الإيرانية ولديها شبكة من الشركات التابعة لها في مختلف أنحاء العالم وتربط المصدرين الايرانيين والمستوردين بأمريكا الجنوبية وأوروبا والشرق الاوسط واسيا وأفريقيا. وبحسب الصحيفة، فإن السعودية ترى أن التصرف الإيراني قد يتسبب في زيادة النشاط العسكري في بحر العرب وفي خليج عدن ويساهم في تصعيد الوضع في المنطقة، علاوة على أنه ينتهك قرار مجلس الأمن بشأن لبنان ويخالف عقوبات الأممالمتحدة ضد إيران. وكانت صحف سعودية قد ذكرت أن إيران عمدت منذ عدة أشهر إلى توسيع انتشار بحريتها في عرض البحر وكثفت عملياتها في بحر عمان وخليج عدن، بعدما كانت تكتفي بالدفاع عن سواحلها شرق مضيق هرمز الذي تهدد الآن باغلاقه. صراع على المستقبل ومنذ أن أقحم الملك عبدالله بن عبدالعزيز نفسه مباشرة في الأزمة السورية، بدأ السعوديون يعبّرون عن قلقهم حيال المؤشرات الطائفية للصراع في سوريا وعن التأثيرات الإستراتيجية في المنطقة، وكذلك عن توقّعاتهم حول تداعيات الوضع السوري في لبنان وعلى حزب الله. يرى بعضهم أن حزب الله، الذي يملك ترسانة تفيض بالصواريخ والأسلحة المتقدمة، لن يتوانى في الدفاع عن استمرارية النظام في سوريا في حال صار مهدداً فعلياً وذلك لإدراكه بأن مصير الأسد يحدد مصير إيران وبالتالي مصيره هو ككيان سياسي وعسكري مقاوم. وهناك من يعتقد أن سقوط الأسد لن يؤثّر في مستقبل حزب الله الذي يحظى باحتضان شعبي واسع واكتفاء ذاتي من القدرات اللّوجستية، كما أن الدّعم الخارجي سيستمر، ولو بوتيرة أقل، نظراً للرقابة البحرية والجوية الإسرائيلية الصرامة . لكن الأغلبية يرون أن مصير حزب الله مرتبطً مباشرة بمصير النظام في طهران وبالتالي، فإن نهاية "الحرس الثوري" في إيران سيكون بداية بداية النهاية لحزب الله. ويتفق الجميع على أن نتائج الصراع الدائر في سوريا سوف تقرر مصير المنطقة بأسرها ويعيد رسم خريطتها من جديد. ميدل ايست أونلاين