مدريد تحقق الشرطة الإسبانية في ملف مهاجر مغربي تعرض لاعتداء مفترض في مركز أمني تسبب له في الشلل وعدم القدرة على الكلام، وانفجرت هذه القضية التي وصلت الى البرلمان رغم محاولة أوساط اسبانية التستر عليها. في حين يسود أوساط الجالية المغربية في هذا البلد الأوروبي استياء جراء تهاون دبلوماسية الرباط في الدفاع عن هذا المتضرر. وتعود وقائع هذا الملف الشائك الى يوم فاتح مارس الجاري عندما أوقفت الشرطة المغربي عبد الله العسري في مدينة واديلخرا وسط اسبانيا ونقلته الى مركز أمني بعدما تبين لها عدم توفره على وثائق الإقامة ويوجد في وضع غير قانوني. وهذا الحادث الذي يعتبر عاديا بحكم اعتقال الشرطة يوميا لعشرات المهاجرين المغاربة الذين لا يتوفرون على بطاقة الإقامة بشكل قانوني وترحيلهم نحو المغرب نظرا للقرب الجغرافي، إلا أن ما يعتبر عاديا تحول الى مأساة حقيقية بعدما تبين أن عبد الله العسري يوجد في مستشفى مدينة واديلخرا وهو مصاب بالشلل ولا يقدر على الكلام. ويكشف أصدقاء الضحية الذين يقطنون معه في منزل واحد أنه في أعقاب اعتقال عبد الله العسكري سألوا عنه خلال الأيام اللاحقة عدة مرات لدى الشرطة، وكان الجواب هو أنه جرى ترحيله الى المغرب، وعند الاتصال به لدى عائلته في مدينة أسفي جنوب المغرب كان الجواب بالنفي. وبعد مرور أكثر من أسبوعين اتصل طبيب بأصدقاء الضحية ليخبرهم أن صديقا لهم اسمه عبد الله العسري موجود في المستشفى ومصاب بالشلل لينفجر الملف سياسيا واجتماعيا وقتها، فقد طرح حزب اليسار الموحد القضية في البرلمان الإسباني مطالبا الحكومة بضرورة توضيح هذا الحادث ومتسائلا 'كيف يعقل أن يدخل شخصا مركز الشرطة وساعتين بعد ذلك يصاب بالشلل'. الحكومة من جانبها تؤكد أن عبد الله هو الذي تسبب لنفسه في ليتفادى الترحيل، لكن هذه الرواية تبقى غير مقبولة من طرف عدد من الخبراء وأصدقاء الضحية وتتساءل الجالية المغربية والمنظمات الحقوقية علاوة على بعض الأحزاب السياسية الإسبانية عن السر في تكتم وزارة الداخلية الإسبانية عن وجود العسري في المستشفى والقول بترحيله الى المغرب. ولا يستطيع عبد الله العسري الحديث بسبب الشلل الخطير الذي أصيب به لكي يقدم روايته للأحداث. ويندد أصدقاء الضحية بموقف السفارة المغربية التي رفضت التدخل في البدء، وصرحت ناشطة حقوقية مغربية نادية العثماني 'ماذا كان سوف يحدث لو أن اسبانيا تعرض لحادث مثل هذا في المغرب؟'. أفراد الجالية المغربية الذين يتابعون هذا الملف يؤكدون أن الدبلوماسية المغربية تحركت بعدما انفجر الملف ووصل البرلمان الإسباني ولكنها من قبل كانت تغلق الهاتف، ويعاتب المهاجرون وزارة سعد الدين العثماني الذي لم يخصص اهتماما للجالية المغربية في اسبانيا التي تقاسي من 'حيث إداري' بشأن تجديد بطاقة الإقامة ولم تكلف نفسها تولي ملف هذا المهاجر. وترتفع حدة الانتقادات في موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، وكتب أحدهم معلقا 'الملك محمد السادس تدخل وتولى نفقات عماد بن زيات الذي قتله إرهابي مفترض في تولوز في فرنسا رغم أن الأمر يتعلق بجندي فرنسي من أصول مغربية، لكنه لم يتدخل في حالة عبد الله العسري المهاجر المغربي العادي الذي لا يحمل جنسية أي بلد أوروبي'. في الوقت ذاته، لم تبدي الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان المغربي أي اهتمام بهذه المأساة، ولمت تكلف وزارة الهجرة المغربية نفسها تتبع هذا الملف.