تحدث عدد من المواطنين الذين كان يمشون بالقرب من العربة إلى جوار مقابر فاروق عن موقف الشرطة، وللحق فقد كانت تعامل منسوبي الشرطة من ضباط وضباط صف وجنود شرطة ولاية الخرطوم وشرطة المرور والنجدة، مع الحدث في مستوى عالٍ من الوعي، والتفاني، منذ بدء توافد المشيعيين إلى مطار الخرطوم في الواحدة من فجر الأحد، وإنتهاءاً بمراسم رفع العزاء. بل رصدت (الميدان) ضابطاً برتبة العقيد وهو يرفع أكفه بالفاتحة مع المشيعين. وهو سلوك حميد يتسحق التقريظ لكونه قد أعاد العلاقة ما بين الشرطة والشعب إلى نصابها الصحيح، وعلقت أحداهنَّ بالقول أن موكب تشييع نقد أعطة الشرطة درساً مجانياً عن ماهية المواكب السلمية، حيث حضر الآلاف موكب التشييع بهتافاتهم التي شقت عنان السماء، وأنصرفوا عقب مراسم الصلاة والدفن بكل رقي وتحضُّر.. هو مشهد سيظل عالقاً في أفئدة الكثير من أصحاب الياقات الزرقاء والأزياء المموَّهة. صديق الطوائف: الأخوة الأقباط كانوا حضوراً ملحوظاً في موكب التشييع، وأصر أحد القساوسة الذي كان يرتدي زيَّه الكنسي بسواده الناصع على أن يتلو صلاوته على نعش الفقيد بمقابر فاروق وهو يغالب نحيبه، في مشهد أبكي العديد من الشباب الذي كانوا يحملون النعش.. لله درك من رجل يا نقد.. إنساناً تلتقي عنده الأديان السماويات وأشواق الأرضين في المحبة والسلام، وبالناس المسرة.. إتفق (الجميع) على محبته: مشهد لمَّاح ومؤثر جداً لشابة مُنقَّبَة كانت ترتدي القبعة الورقية المخصصة للتشييع والتي تحمل صورة الراحل نقد، وكانت تجلس منتحبة و(تتنهف) قبالة مدخل (الميدان) ورصدت كاميرا الزميل إبراهيم المطبعي هذا المشهد الفارق، إذ يخطر الزي الذي ترتديه الفتاة (نقاب وعباءة سوداء) عن الآيديولوجيا الدينية التي تحمل، والتي لم تمنعها من أبداء عواطفها تجاه شخصية وقامة مثل الاستاذ محمد ابراهيم نقد، إذن هو الرقم الصعب الذي يعلو فوق هام الإنتماءات والآيديولوجيا، محمد ابراهيم نقد و"بس"..