التاريخ: 21 أبريل 2012 تحتاج دولتا شمال وجنوب السودان إلى لغة الدبلوماسية لتحلّ محل لغة التصعيد ولغة الحرب التي غدت السمة الغالبة بينهما، في ظل الصراع على منطقة هجليج الغنية بالنفط. وكلتا الدولتين لديهما ما يكفيهما من مشكلات تغنيهما عن ساحة الحرب التي تريد كلتا الدولتين الولوج إليها، في وقت لا تتحمل المنطقة مزيداً من نذر الحرب، وسط عدم استقرار يعصف بالعديد من دول جوار الدولتين والتي تعاني أصلًا أوضاعاً اقتصادية متردية، فضلًا عن الأوضاع السياسية غير المستقرة. الخرطوم لديها أزمات اقتصادية طاحنة ليس أقلها فقدان حوالي 20 في المئة من إجمالي الناتج القومي، بسبب انفصال الجنوب الذي يستحوذ على النصيب الأوفر من النفط. كذلك فإن تنمية المناطق والأقاليم التي تعاني تدهوراً في الخدمات، هي بمثابة «صداع» مزمن في رأس دولة شمال السودان. غير ذلك من المشكلات الكثير، التي تحتاج إلى جعل الأولوية الملفات الداخلية ومعالجتها المعالجة الصحيحة. ليس بعيداً عن تلك المشكلات ما تعانيه دولة جنوب السودان، والتي لديها إضافة إلى المشكلات التي تعاني منها الخرطوم، العديد من المشكلات الأخرى، مثل تفعيل مؤسسات الدولة وإرساء نظام واضح لمؤسساتها، إضافة إلى ترسيخ هوية الدولة الجديدة، ومعالجة العديد من الملفات التي من بينها السكان المتواجدون في الشمال. في ظل هذه المشكلات التي تعاني منها كلتا الدولتين، فإنهما تحتاجان إلى لغة الدبلوماسية لمعالجة القضايا الشائكة بينهما، وكان أولى بجوبا بدلًا من الاعتداء على منطقة هجليج أن تسعى إلى أرضية مشتركة تجمعها مع جارتها، لحل الملفات العالقة، لاسيما أن التصعيد جاء قبيل لقاء وشيك كان من المفترض أن يجمع الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت. ولعل العديد من المساعي الدولية في هذا السياق تؤكد أن منحى التصعيد بين شمال وجنوب السودان ليس فقط ضد مصلحتهما، وإنما يهدد استقرار المنطقة، المتوترة بطبيعتها. إن دولتا شمال السودان وجنوبه مطالبتان بدعم كافة الجهود الدبلوماسية «لإطفاء» نار التوتر بينهما، وأولى هذه الجهود، ما قررته الجامعة العربية من عقد اجتماع وزاري طارئ، على رأس أولوياته بحث تطورات الأزمة بين الخرطوم وجوبا. كذلك، فإن الوساطة المصرية في هذا الصدد فإنها تصب في رأب الصدع وحل سريع لهذا التوتر الذي يوشك أن تندلع على إثره حرب لا يعلم أحد عواقبها.