سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دعوات إلى تأجيل الاستفتاء ومرحلة انتقالية..قمة فرنسا تبحث استفتاء الجنوب..الأمم المتحدة ومصر : سيكون من الصعب إقناع الجنوبيين بالتأجيل..انقسام السودان لن يكون بنعومة تقسيم تشيكوسلوفاكيا..الاتحاد الافريقي يلزم الصمت.
التأم في مدينة نيس، صباح أمس، على هامش القمة الفرنسية - الأفريقية، اجتماع دول جوار السودان بدعوة مشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. وحضر الاجتماع، إلى جانب النائب الثاني لرئيس السودان علي عثمان طه، وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير باعتبار فرنسا البلد المضيف، ومسؤول قوات حفظ السلام بالأممالمتحدة الفرنسي ألان لوروا، ممثلا الأمين العام بان كي مون الذي بقي في كمبالا، ووزير خارجية الجزائر مراد مدلسي والوسيط الأفريقي جان بينغ. وأفادت مصادر دبلوماسية متطابقة بأن الاجتماع خصص بالكامل لموضوع جنوب السودان وتحديدا استفتاء تحديد المصير الذي سيجرى بداية العام القادم، وذلك على خلفية المخاوف التي تنتاب الدوائر الدبلوماسية من أن يفضي انفصال الجنوب إلى حرب أهلية داخل الجنوب أو إلى حرب ما بين الجنوب والشمال، مما سيستتبع تدخل دول الجوار وربما تدخلات أخرى واتساع نطاق الفوضى وهز الاستقرار في منطقة تعاني مشكلات سياسية وحدودية كثيرة واتهامات متبادلة بالتدخل وزرع البلبلة. وحرص ممثل السودان الذي عرض التطورات الأخيرة، التي حصلت في بلاده ومنها الانتخابات الرئاسية، على تأكيد احترام الحكومة السودانية استحقاق الاستفتاء في رد على اتهامات توجه لها بالسعي إلى نسفه. وقال علي عثمان طه إن السودان على «عتبة مرحلة جديدة» وإن حكومته «تسعى لجعل الوحدة جاذبة» للجنوبيين بحيث يتم تحاشي تفتيت البلاد وأفادت مصادر دبلوماسية فرنسية ل«الشرق الأوسط» بأن باريس تعي المخاطر التي يمكن أن تترتب على تجزئة السودان وأن ما تريده فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي هو العمل مع دول الجوار والدول الأفريقية، والمنظمات والأطراف الدولية، وعلى رأسها الأممالمتحدة لتحاشي الفوضى و«مواكبة» الاستفتاء. وترى باريس أن هناك «التزامات» قبلتها الحكومة السودانية، وبالتالي يتعين احترامها «وإلا ما معنى قيمتها»؟ غير أن أصواتا داخل اجتماع الأمس اقترحت تأجيل الاستفتاء، وهو ما دعا إليه ممثل أريتريا ووافقه عليه ممثل جنوب أفريقيا. واعتبر ممثل الأممالمتحدة، الذي قرأ رسالة من بان كي مون، للإشارة إلى أنه «سيكون من الصعب إقناع الجنوبيين بالتأجيل» في الوقت الحاضر. وأعلم لوروا الحاضرين بأن المناقشات بين الشمال والجنوب تدور الآن على ثلاث نقاط هي: ترسيم الحدود وتحديد المواطنة وتقاسم إيرادات النفط. غير أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط تدخل بدوره ليقول إنه «سيكون من الصعب اليوم إقناع الجنوبيين بالتأجيل». لكن هذا لا يعني أن الأمر سيكون صعبا في حال تبين في الأشهر القادمة أن الطرفين قادمان على القبول بصيغة تحافظ على وحدة البلاد. ونبه أبو الغيط إلى أن انقسام السودان لن يكون بالنعومة نفسها التي تم فيها تقسيم تشيكوسلوفاكيا إلى تشيكيا وسلوفاكيا، بل نبه للمخاطر المترتبة على عملية كهذه. ودعا، في حال أقر التقسيم إلى توقع فترة انتقالية تمتد لسنوات يحتاج خلالها لدور قوي للأمم المتحدة. ونبه أبو الغيط من حروب قد تحصل من أنواع كثيرة في منطقة عرفت حربا دامت سنوات طويلة. واقترح الوزير المصري مرحلة انتقالية من عشر سنوات. ولم يعبر ممثل الاتحاد الأفريقي عن موقف محدد مما يفرضه عليه عمله كوسيط. وقالت المصادر الفرنسية إن المهم هو التوصل إلى تأطير الاستفتاء واحتواء نتائجه السلبية في حال حصلت، إذ إن الغرض هو إطفاء نزاع وليس إشعال نزاع سابق. القمة الفرنسية الأفريقية تطالب بإصلاح مجلس الأمن وتمثيل دولي أفضل لأفريقيا ساركوزي عن بوتفليقة : هو حكيم أفريقيا واتصلت به طالبا إليه المجيء إلى نيس سعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والقادة الأفارقة في ختام القمة الفرنسية - الأفريقية الخامسة والعشرين إلى تبيان «فائدة» هذا النوع من اللقاءات، وأجمع الرؤساء الخمسة (الفرنسي والجنوب أفريقي والكاميروني والإثيوبي والمالاوي) في المؤتمر الصحافي الختامي، على أهمية إعطاء أفريقيا الموقع الذي تستحقه في عالم اليوم. وقال رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما إن «العالم تغير ولا يجوز أن نبقى نعمل وفق القواعد المجحفة بحقنا، التي رسمت في الأربعينات عندما كانت غالبية الدول الأفريقية تحت الاستعمار»، في إشارة منه إلى المطالبة بإفساح مجال أكبر لأفريقيا في مجلس الأمن الدولي وفي المؤسسات الدولية والحوكمة العالمية. وبحسب زوما، فإن ساركوزي «قدم مقترحات بناءة يمكن أن ترضي أفريقيا»، لكنه امتنع عن الكشف عن مضمونها. وقال رئيس الكاميرون بول بيا إن مقترحات ساركوزي «خطوة لا يستهان بها لتحقيق مطالب أفريقيا»، التي اعتبر أنها «نضجت وحان وقت مساهمتها في إدارة شؤون المجتمع الدولي». غير أن مصادر رسمية فرنسية قالت ل«الشرق الأوسط» إن ساركوزي أفهم القادة الأفارقة أن مطلب إعطاء مقعدين دائمي العضوية ومقعدين مؤقتين (صيغة 2 زائد 2) «مطلب فيه كثير من المغالاة ولن يقبل لا غدا ولا بعد غد». ولذا، عاد ساركوزي لفكرته في إيجاد فئة جديدة من المقاعد في مجلس الأمن تكون بين المقعد الدائم مع حق «الفيتو»، والمقعد المؤقت، بحيث تمتد فترة الانتداب لخمس أو ست سنوات ولكن من غير حق النقض. وأضاف ساركوزي أن الهدف ليس أن تتخلى أفريقيا عن إجماع «2 زائد 2» بل البحث عن مخرج يكون حلا وسطا. وفي البيان الختامي المكون من 7 صفحات و22 فقرة، غابت تفاصيل المناقشات واكتفي بالإشارة إلى أن القادة المجتمعين «يدعون إلى إصلاح مجلس الأمن بصفة عاجلة». وفي السياق عينه، طالب البيان الختامي بتمثيل أفضل لأفريقيا في المحافل الدولية مثل «مجموعة العشرين» أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي وخلافه. وأعرب القادة المجتمعون في الفقرة السابعة، عن «عزمهم» على محاربة التهديدات العابرة للحدود في إشارة إلى الإرهاب والقرصنة وشبكات الإجرام الدولية والتهريب بأنواعه خاصة المخدرات، والتزموا التعاون في ما بينهم وإيلاء هذه القضايا الأولوية في عملهم. فضلا عن ذلك، التزموا العمل معا لمعالجة مسألة الهجرة وما ينتج عنها من مشكلات وفق المبادئ التي أقرت في اجتماعات الرباط وطرابلس ولشبونة. وأفرد البيان فقرات كثيرة ومفصلة للأوضاع الاقتصادية وللتنمية في أفريقيا ولأمنها الغذائي والحاجة لإقامة مؤسسات مالية تقوم بتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة فضلا عن البحث عن توفير الطاقة لأفريقيا عبر التركيز على تنفيذ برامج الطاقة الشمسية. ونصت الفقرة الأخيرة على عقد قمتهم مرة كل عام على أن تعقد القمة القادمة على الأرض الأفريقية وتحديدا في مصر. وكان الرئيس مبارك غادر مدينة نيس صباحا للمشاركة في انتخابات مجلس الشورى التي جرت في مصر أمس، بينما غادرها مولاي الرشيد، شقيق ملك المغرب محمد السادس مساء الاثنين. وحرص الرئيس ساركوزي في المؤتمر الصحافي على الإشادة بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، معبرا عن سعادته بحضوره إلى القمة وكاشفا عن أنه اتصل به ليقول له: «تفضل بالمجيء إلى نيس». ووصف ساركوزي الرئيس الجزائري بأنه «حكيم أفريقيا». وتأتي هذه الأقوال على خلفية «البرودة» التي تعتري العلاقات الفرنسية - الجزائرية وتأجيل الزيارة الرسمية لبوتفليقة إلى فرنسا التي كان يفترض أن تتم العام الماضي. كما أجلت زيارة الوزير كوشنير إلى الجزائر عدة مرات بينما حفلت الصحافة الجزائرية بحملات على فرنسا بسبب وضعها المواطنين الجزائريين على لائحة الدول ال8 التي يخضع رعاياها لإجراءات خاصة في مجال الرقابة الجوية. وحرص ساركوزي على القول إن المشكلات مع الجزائر «ليست مشكلات شخصية مع الرئيس الجزائري». وتساءل ساركوزي: «هل يكفي أن يشارك بوتفليقة في القمة حتى تحل المشكلات بين البلدين؟ والجواب هو أن (التطبيع) يحتاج لمزيد من الوقت والخلاف التاريخي بين الجانبين يحتاج لعمل المؤرخين». وفي أي حال، وصف الرئيس الفرنسي الجزائر بأنها «بلد صديق» لفرنسا. وخلال أكثر من مناسبة، سعى البروتوكول الفرنسي إلى إيجاد مساحة التقاء بين الرئيسين الجزائري والمصري. وقد تصافح الرئيسان وجلسا جنبا إلى جنب في العشاء الرسمي ليل الاثنين الثلاثاء. غير أن ذلك لم يذب الجليد على الرغم من مظاهر التحيات الخارجية. من ناحية أخرى، أكدت فرنسا عزمها تدريب قوات حفظ سلام أفريقية في إطار استراتيجيتها لنقل المسؤولية الأمنية إلى قوات محلية وخفض وجودها العسكري في القارة في نهاية الأمر. وقال ساركوزي: «قررنا تخصيص 300 مليون يورو (365 مليون دولار) على مدى الفترة بين عامي 2010 و2012 لتدريب 12 ألف جندي أفريقي لقوات حفظ السلام». وأضاف: «عندما تكون قواتنا المسلحة موجودة ينظر إلينا بارتياب، وعندما نريد الانسحاب نعتبر غير مبالين». وكثيرا ما وجه الانتقاد إلى فرنسا لتدخلها في الشؤون الداخلية بأفريقيا. وتهدف الخطوة في ما يبدو إلى إبعاد القوة الاستعمارية السابقة عن الشؤون العسكرية في القارة. وقال ساركوزي إن دعم القوات الأفريقية يعد خطوة «أكثر ذكاء» لأن الدول الأفريقية ستكون في وضع أفضل للتصدي للأزمات الإقليمية.