الحكومات التى تتبنى قيَّم الديمقراطية والحكم الراشد فى العالم دائماً تراعى مصالح الشعوب وتنميتها, من أجل الرفاهية والإستقرار وحفظ الأمن وجعل بيئة الحياة سليمة ومعافاة, تتوفر فيها كافة سبل العيش, بدلاً من التعبئة السلبية والتحريض والدعوة للإقتتال فى قضايا هامشية تسعى من ورائها فئة تعد بالأصابع تنظر فى حدود إستغلال المواقف السياسية من أجل وجودها فى كرسى الحكم والتهرُّب من إستحقاقات الشعوب للتنمية والإستقرار. فها هو على عثمان محمد طه يقول : (لقد صدرت التعليمات للأجهزة الأمنية والشرطية وحرس الحدود و "المليشيات الموالية للمؤتمر الوطنى" بقتل أى مواطن أو تاجر يتاجر بالسلعة الضرورية من الشمال إلى الجنوب ) ويضيف (لا يمكن ان نمد لأعدائنا الطعام), فى حديث يفتقد لقيم حقوق الإنسان ودون مراعاة لحقوق الشعوب الإنسانية فى حريات التنقل من أجل كسب سبل العيش وسد رمق الحياة. إن تصريحات على عثمان ترتقى لفتح بلاغ فى المحكمة الجنائية الدولية وهى لا تختلف عن حديث أحمد هارون الذى قال فيها (أكسح ..أمسح .. ألخ) وحديث الرئيس عمر البشير عندما قدمت منظمة (هيومان رايتس ووتش) تقريرها عن الذين ماتوا فى دارفور , وان عددهم بلغ (300) ثلاثمائة ألف مواطن , فظهر عمر البشير أمام حشد جماهيرى قائلاً : الميتين فى دارفور (10,000) ألف بس, وكأن الناس (جراد) أو (جرجير) , هذا النظام الموجود فى الخرطوم لا يمكن أن يُستثنى منه أحد يمكن وصفه بالعفة والفضيلة , كلهم يشبهون بعضهم البعض, كلهم قتلة لا يستقرون ولا يفرحون إلا عندما يرون الدماء تسيل من الاطفال والنساء والعجزة, إنهم عنصريون ونازيون تفوَّقوا وإحترفوا سياسة الحرق والقتل والتعزيب مُستخدمين الدين شماعة من أجل تمرير أغراضهم بثمن بخس , إن نظام المؤتمر الوطنى جعل مصلحته أرفع وأسمى من مصالح الشعب السودانى الذى يتضرع جوعاً ويموت بالملاريا وسوء التغذية, ويفقد أبسط مقومات الحياة العادية والكرامة الإنسانية , لقد أصبح السودان يتقدم كل أخبار ونشرات إذاعات وفضائيات العالم بصفة القتل والكوارث المصنوعة من نظام الخرطوم, وأصبح كل السودانيين فى دول المهجر يتهربون بعدم الإعتراف بسودانيتهم خجلاً من تصرفات الرجرجة الحاكمة فى الخرطوم , لقد كان السودان مصدر فخر وقيم إنسانية نبيلة , ولكن الآن هيهات .. لا بد أن نشير إلى حديث الأديب الطيب صالح عندما سألته مذيعة إحدى الفضائيات عن الحاكمين فى الخرطوم, فقال لها : ( من هؤلاء ومن أين أتوا .. هؤلاء أمهاتهم ليست بسودانيات), ونحن نتفق معه لأن ما يفعله النظام فى الخرطوم لا يشبه القيم والشهامة السودانية , ان حديث على عثمان يؤكد عدم وجود قضاء عادل فى السودان وانه يتنافى مع حقوق الإنسان فى القضاء ( المحاكمة العادلة) تخيَّل معى نائب رئيس جمهورية يعطى أوامر بالقتل فى قمة الصلف والتسلط وهذا ليس بمستغرب من قادة المؤتمر الوطنى ,فهم دائماً يخلطون بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, الأمر الثانى, من هم الذين يتاجرون فى الحدود ؟ هم قبائل ومجموعات لها علاقات تاريخية مع الجنوب , علاقات لمدة (400) أربعمائة سنة إرتبطت بالرعى والتجارة والمصالح المشتركة ولا يمكن لأى كائن أن يقطع هذه العلاقات بين الحدود لأن المنطق وحركة التاريخ والمصالح المشتركة هو الدافع الأساسى , فى أمريكا رغم إمكانياتها التكنولوجية من طائرات ورادارات وأجهزة رصد وأجهزة أمنية (FBI), لم تستطيع إيقاف تجارة المخدرات بينها وبين المكسيك, والسؤال .. هل التجارة بين الجنوب والشمال هى تجارة مخدرات .؟ الإجابة لا , هذه التجارة ترتبط بالحياة الكريمة والمصالح المشتركة فبدلاً من تنظيم تجارة الحدود بين الشمال والجنوب أصبح النظام يضع العراقيل ويفرض الغرامات على العربات التجارية ويقوم بمصادرتها , وما زاد الطين المبلول, تصريحات على عثمان بقتل كل من تُضبط عنده بضاعة , هذه التصريحات سوف تخلق كثير من المشاكل نوجز منها الآتى : 1- خلق مشاكل مع بطون القبائل فى حالة تعرض أحد أفرادها للتصفية الجسدية , السؤال من الذى يدفع الدية ؟ .. على عثمان أم القاتل المدفوع بالأوامر. 2- تطلق هذه التصريحات يد حرس الحدود والأجهزة الأمنية لتصفية حسابات شخصية وتشَّفى ضد بعض التجار ,خاصة الذين تعود أصولهم إلى دارفور أو جبال النوبة . 3- تشجِّع التصريحات كبار الموظفين والمحليات وقادة الأجهزة الامنية على مصادرة أى شىء حتى ولو كان تراب فى جوالات. 4- تدفع ضعاف النفوس لإستغلال الأوضاع الأمنية والإقتصادية لعمليات نهب منظمة ضد المواطنين . 5- تجعل المواطنين فى حالة إقتصادية سيئة تتوقف معها كل سبل كسب العيش الكريم بعفة مما يساعد على الإنحلال الأخلاقى والتشتت الأسرى. الغريب فى الأمر ماذا يريد على عثمان من أهلنا ؟ .. ألا يكفيكم سرقة بترولهم ؟ ألا يكفيكم إستخدامهم فى حروبات لا ناقة لهم فيها ولا جمل ؟ إن سياسة جوِّع كلبك يتبعك , سيأتى يوم الكلب يأكل سيده , وهذا ليس ببعيد .