عندما يتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية، فإن المرشحين الفرنسيين يتفاخرون بأنهم اكثر سموا مقارنة بأسلوب الهجوم الذي يتبعه نظراؤهم الأميركيون. ولكن الايام القليلة الاخيرة للحملة الانتخابية للرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي ومنافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند بددت أية أوهام بشأن سمو التفكير حيث افتقر المرشحان إلى اداب اللياقة والسلوك المهذب قبيل جولة الاعادة المقررة في 6 مايو الجاري. فبالنسبة لساركوزي، يعد الديكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي مصدرا سريا للخزي والعار والفضيحة والذي كان قد استقبله ساركوزي استقبالا رسميا وبحفاوة في باريس عام 2007 ولكن كان له يد في وقت لاحق في اسقاطه عندما قاد الحملة من أجل التدخل العسكري الذي ساعد على الاطاحة به في عام 2011. ونشر موقع (ميديابارت) الاخباري اليساري، الذي يزعم أن القذافي قام بتمويل الحملة الانتخابية لساركوزي عام 2007، السبت الماضي ما عرضه كدليل موثق على ذلك. ونشر الموقع الاخباري وثيقة يعود تاريخها لعام 2006 يبدو أنها تحمل توقيع رئيس المخابرات الخارجية الليبية السابق موسى كوسا وتشير إلى «الموافقة على دعم الحملة الانتخابية للمرشح السيد نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية بمبلغ 50 مليون يورو (66 مليون دولار)». ورفض رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون هذا الجدل باعتباره «قنبلة ذات رائحة كريهة»، في حين شجب ساركوزي ما وصفه ب «تزوير فج» وتعهد برفع دعوى قضائية ضد ميديابارت. أما في المعسكر الاشتراكي فكان هناك ارتياح تام ازاء ما وصفه المتحدث باسم الحزب بينوا هامون بأنها «قضية خطيرة للغاية». ولكن أي ابتهاج من هذا القبيل كان قصير الاجل حيث عادت فضيحة الاشتراكي دومينيك ستراوس - كان، لتلقي بظلالها على الحملة الانتخابية لهولاند. فقد تدخل الرئيس الموصوم السابق لصندوق النقد الدولي في السباق الرئاسي خلال عطلة نهاية الاسبوع عندما قال للصحافي إدوار جاي ابشتاين في مقالة نشرها بصحيفة الجارديان البريطانية إن قضية الاعتداء الجنسي التي رفعت بحقه العام الماضي في نيويورك «أعدها أشخاص لديهم أجندة سياسية». وكان من المتوقع أن ينافس ستراوس - كان الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي على الرئاسة قبيل أن يتم اتهامه العام الماضي بمحاولة اغتصاب عاملة بأحد الفنادق في نيويورك. وبرغم أنه تم إسقاط التهم في وقت لاحق، إلا أنه يواجه قضية في فرنسا بتهمة التواطؤ في البغاء. وتجاهل ساركوزي مزاعم ستراوس كان بوجود مؤامرة، وركز بدلا من ذلك على الكشف عن حضور ستراوس - كان حفل عيد ميلاد أحد أعضاء فريق هولاند ليصم الحزب بأنه فاسد أخلاقيا. وذكرت صحيفة (لو باريزيان) إنه تم نشر صور على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي لستراوس - كان وهو مبتسم لالتقاط صور له أمام متجر جنسي سابق في باريس حيث أقيم الحفل. وسارع كبار الاشتراكيين الى التأكيد على أنه تم ابعاد ستراوس كان، وأعلن أولاند أنه لا علاقة للاول بالحملة الانتخابية، فيما أدان ساركوزي الاشتراكيين بسبب اساليبهم التي تقوم على «المراوغة والنفاق والكذب». وبدأ التنابز بالالقاب بشكل فعلي في أعقاب الجولة الأولى من الانتخابات والتي أجريت في 22 ابريل الماضي والتي تفوق خلالها هولاند على ساركوزي بنقطة مئوية واحدة ليحتل المركز الأول من بين عشرة مرشحين. وتمثل رد ساركوزي في قيادة حملته الانتخابية بحدة إلى اليمين متعهدا بتأمين حدود أوروبا التي تشبه «الغربال» والدفاع عن العمال «الحقيقيين» الذين ليس لهم نقابات، في محاولة لاسترضاء أنصار زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة ماريان لوبان. وأبرزت صحيفة لومانيتيه الشيوعية على غلافها الامامي أوجه التشابه بين ساركوزي والمارشال فيليب بيتان رئيس حكومة فيشي التي تعاونت مع ألمانيا النازية خلال احتلالها لفرنسا ابان الحرب العالمية الثانية. واتسم رد فعل ساركوزي بالغضب، معلنا أنه «من دواعي الشرف أن يطلق عليه الشيوعيون لقب فاشيستي». ومع ذلك، فإن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي يرأسه ساركوزي لم يترفع عن اثارة الذعر حيث حذر اثنان من نوابه البرلمانيين الاسبوع الماضي من أن هناك دعوة اطلقها «700 مسجد» للتصويت لصالح هولاند. وحتى اليوم، لم يستطع الحزب الحاكم تقديم أي دليل على انطلاق مثل تلك الدعوة من المساجد في فرنسا.