بعد اهتزاز مستوى برشلونة مؤخراً وخسارته للقبيه كبطل أوروبا وبطل إسبانيا، كثرت الآراء والتحليلات حول أسباب هذا التراجع وكيفية تداركه، والتقت كافة الآراء عند ثلاث مراكز أساسية كانت تشكل نقاط ضعفٍ يجب على البرشا تدعيمها إن ما أراد العملاق الكاتالوني استعادة التفوق وفرض السيطرة من جديد على أسبانيا وأوروبا. وهذه المراكز الثلاث كما هو معروف هي الظهير الأيسر الذي شكل نقطة ضعف للفريق في ظل غياب أبيدال وعدم وجود أي لاعب قادر على تغطية الفراغ الذي خلّفه الفرنسي بشكلٍ فعال، والمركز الثاني هو قلب الدفاع الذي أصبح من الواجب تدعيمه وبسرعة بعد أن نال العمر أخيراً من قائد الفريق بويول الذي لم يعد قادراً على اللعب بشكلٍ متواصل، ومؤخراً تراجع مستوى بيكيه الذي إن لم يسترجع قدراته بشكلٍ كامل بسرعة سيشكل مشكلة حقيقية يجب على إدارة النادي التعامل معها بجدية. يبقى أخيراً نقطة ضعف برشلونة الحالي في الهجوم وعدم وجود مهاجم يساعد ميسي بالقيام بعملية التهديف وخصوصاً بعد اصابة فيا وحتى غيابات سانشيز المتكررة عن الملاعب، ولحل هذه المشكلة أصبح الكثيرين يطالبون باستقدام لاعب نجم من نوعية مهاجم الصندوق يكون قادراً على اقتناص الأهداف وبالذات على زيادة الخيارات الهجومية للفريق أمام الفرق التي تتكتل بشكلٍ كبير دفاعياً كما كانت الحالة بمواجهة تشيلسي في نصف نهائي دوري الأبطال. وبهذه النقطة فهذه الجماهير المتحمسة للعملاق الكاتالوني ولتحل مشكلة الهجوم لدى البلوجرانا ترتكب خطئاً قاتلاً على الصعيد التكتيكي بمطالبتها والضغط على إدارة فريقها من أجل استقدام لاعب صندوق نجم من أمثال لورينتي، توريس أو غيرهم، لذا لا بد من التنبه على بعض السلبيات التي ستشكلها بها مثل هذه الصفقة إن تمت على برشلونة الحالي وقد تؤدي إلى مفعول عكسي وتجعل الفريق يندم على القيام بها في المستقبل. أبرز السلبيات هي: -اهتزاز العمق الدفاعي للفريق: إن اللعب بطريقة 4-3-3 يرتب على جميع الفرق التي تعتمده اللعب بلاعبي ارتكاز في الوسط وذلك للتغطية على الفراغ الذي يتركه تقدم الأجنحة الهجومية وهذا ما نراه بوضوح في ريال مدريد حيث ممنوع المس بتواجد الونسو ومعه خضيرة أو ديارا في الوسط، وكذلك في البايرن الذي يمتلك تقريباً جناحين برتبة مهاجمين هما روبين وريبيري مما يرتب وجود شفايني وجوستافو الصلبين دفاعياً في الوسط. أما في برشلونة فالوضع مختلف ولا يوجد إلا بوسكتش في مركز الارتكز والفريق لا يتأثر وربح العديد من البطولات وهو يلعب بهذه الطريقة، وذلك لسبب بسيط هو أن ميسي في وسط الهجوم قادر على لعب دور الهداف بالإضافة إلى الرجوع للوراء للربط بين خط الوسط والهجوم مما يسمح لانييستا وتشافي بعدم التقدم دائماً لصناعة اللعب وبالتالي يجعل من الاثنين قادرين على العودة بسرعة للدفاع وهذا ما كان يشكل قوة برشلونة الكبيرة، وهي الارتداد السريع من الحالة الهجومية إلى الحالة الدفاعية. لكن متى أتى لاعب مثل لورنتي ولعب في منتصف الهجوم، سيعني ذلك أن الأرجنتيني سينتقل لعب على الجناح الهجومي مما سيحد من قدرته على القيام بدور صانع الألعاب وسيجبر تشافي وانييستا على الاندفاع بكلٍ أكبر للأمام مما سيفتح ثغرات واضحة في العمق الدفاعي لوسط البلوجرانا لن يتمكن لا بوسكيتش ولا أي لاعب ارتكاز لوحده من التعامل معها بنجاح. -الفريق لن يكون قادراً على صناعة نفس الكمية من الفرص الهجومية: المطالبين باستقدام مهاجم صندوق يستندون على قدرة هكذا لاعب على انهاء الفرص الكثيرة التي كان يصنعها البرشا ولا يحسن اسغلالها في بعض مباريات الموسم المنصرم، لكن لا يجب التناسي أنه باللعب بمهاجم صريح لن يكون الفريق قادراً أصلاً على صناعة هذا الكم من الفرص، أولاً بسبب أن صناعة هذه الفرص تتأتى حالياً عن استحواذ الفريق الكبير على الكرة وضغطه المتواصل لإيجاد ثغرة يخترق منافسه بها. ومع اللعب بمهاجم صندوق ونقل ميسي إلى الجناح الهجومي ستتأثر منظومة الاستحواذ لدى الفريق الكاتالوني بشكلٍ كبير، وذلك لغياب ميسي عن القيام بدوره الاعتيادي بالربط بين الوسط والهجوم وغياب مما سيعنيه هذا الأمر من وبقاء انيستا وتشافي لوحدهم بالوسط، وغياب الضلع الثالث من عملية صناعة اللعب بالوسط أكيد ستلقي بثقلها على طريقة تدوير الكرة وعلى نسبة الاستحواذ لدى البرشا، ولهذا السبب بالذات كان اصرار جوارديولا الذي لا يمكن القول عنه إلا أنه أستاذ بالتكتيك، كان اصراره بالدفع بميسي بالمنتصف. -نقل ميسي من الوسط قد يخفف من فعاليته: آخر ما يريده أي مدير فني عندما يمتلك لاعباً يحرز 50 هدفاً بالموسم ويصنع 16 تمريرة حاسمة هوا المغامرة بتغيير مركزه وبالتالي امكانية انخفاض مستوى مردوده، فكما هو معروف بالكرة وبالحياة عموماً لا أحد يغير تركيبة ناجحة وحالياً ما يفعله الأرجنتيني في وسط الهجوم ليس ناجحاً فقط بل سوبر ناجح، فمتى كانت آخر مرة أحرز بها أي أحد 50 هدف في أوروبا قبل ميسي، لذا سيعتبر ضرباً تاريخياً من الجنون المس بمركز ميسي الحالي بتشكيلة البلوجرانا. إذاً ما الحل!! لا بد من الاعتراف بوجود مشكلة هجومية بالفريق وأكيد يجب تداركها، كما أنه بالفعل ينبغي على الفريق استقدام مهاجم صندوق ليكون جاهزاً أمام الفرق التي تعتمد على القوة البدنية الكبيرة في الخلف والمنكفئة دفاعياً ويعطي الفريق القوة البدنية وخيار فتح الملعب واللعب على الأطراف والعرضيات، ولكن هذا المهاجم يجب أن يكون خياراً احتياطياً لخطة الفريق الأساسية التي يعتمدها حالياً فليس غياب هذا النوع من المهاجمين هو سبب الموسم المخيب، بل غياب الهداف المساند أي كلن مركزه هو السبب المباشر ولا يجب التناسي أن الفريق عانى من غياب نجمٍ كبير من طراز فيا من منتصف الموسم وهو قبل إصابة الجواخي كان يمر بأجمل فتراته عندما تغلب على الريال وتصدر الليجا، ولم نكن نسمع أي أحد يطالب بمهاجم متمركز. كما لا يجب النسيان أن طريقة اللعب الحالية جعلت الفريق سيد العالم الكروي لثلاث سنوات وحتى بالموسم الحالي فلولا الكثير من الحظ لكان البرشا في نهائي دوري الأبطال، فكم من مرة اخترق البرشا وبطريقته الاعتيادية دفاعات تشيلسي رغم غياب نجم كبير جداً من طراز فيا ولم تنقذ الفريق الأزرق إلا القوائم والعارضات والعناية الإلهية، ولولا اصابات فيا وسانشيز بمراحل كبيرة من الموسم لأختلف الحديث كثيراً بالليجا. فالهداف المساعد لا يجب أن يكون مهاجم صندوق بل يجب أن يكون جناحاً هدافاً كما كان يتم توظيف فيا في الموسم الماضي، وبحال عودة فيا ستنحل المشكلة، وحتى من الممكن بيع فيا واستقدام هالك، جيوفينكو، يوفيتيتش أو حتى كافاني القادر على اللعب كجناح، والخيارين الأمثلين طبعاً هما هالك وكافاني وذلك لقدرتهما على تقديم المجهود البدني في المنتصف عندما يتطلب الوضع ذلك. لكن هذا لا يغني ابداً عن ضرورة استقدام مهاجم صندوق احتياطي بحال عدم القدرة على التوقيع مع هالك أو كافاني، ولكن لا يمكن أن يكون هذا المهاجم المتمركز نجماً غالي الثمن ولا يرضى بالجلوس على مقاعد الاحتياط، فمن غير المعقول أن يدفع الفريق 20 أو 25 مليون يورو للتوقيع مع لاعب يشكل خطة احتياطية للفريق وان لعب أساسياً يلحق الضرر بمنظومة اللعب لدى النادي، لذلك فأفضل المرشحين للعب هذا الدور بحال استقدامهم هم لاعبين من أمثال سولدادو، نيجريدو، بيرباتوف وحتى دروجبا الذي يمكن التوقيع معه من دون دفع أي مبلغ لتشيلسي وذلك بسبب انتهاء عقده بالصيف وهو أصبح راضياً بالجلوس على الدكة بسبب تقدمه بالعمر.