مدرب الشمال الموريتاني.. محمد الامين.. اتوقع مواجهة صعبة بين المرابطون وصقور الجديان    ضبط اجانب من ضحايا الاتجاربالبشر بشرق دلقو    الداخلية المصرية: إبعاد سوداني وسوري وأوزباكستانى لخطورتهم على الأمن العام!    المريخ يواجه الدراويش في ودية متجددة الليلة وارهاصات برفض النادي السفر إلى تنزانيا    كباشي اتفق مع رئيس الفترة الانتقالية بمالي أسيمي غويتا على وضع بروتوكولات للتعاو    "كعب العرقي الكعب" .. وفاة 8 أشخاص جراء التسمم الكحولي في المغرب    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    ميزات جديدة من واتساب.. تعرف عليها    الخارجية تنعي السفير ميرغني محمد صالح    الأول من نوعه.. اجتماع أميركي مصري بشأن السلاح النووي    الكشف عن قيمة الشرط الجزائي الخيالي في عقد مبابي مع الريال    النشاط البشري يرفع حرارة الأرض ل "مستويات غير مسبوقة".. ما القصة؟    حزب المؤتمر السوداني: ندين هذه الجريمة "مهاجمة قرية ود النورة" البشعة التي ولغت فيها قوات الدعم السريع    سد النهضة.. إثيوبيا تعلن توليد 2700 غيغاوات من الطاقة في 10 أشهر    شاهد بالصور : رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يزور مقر الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون ويقف على آداء العاملين    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد.. الفنانة هدى عربي تنشر صور من حفلها الأخير بالقاهرة وتقول: (جني وجن زول يعمل فيها فالح علي)    تعاقد الريال مع مبابي يرعب برشلونة    صراع المال والأفكار في كرة القدم    حب حياتي.. حمو بيكا يحتفل بعيد ميلاد زوجته    شاهد بالصور.. أبناء الجالية السودانية بموريتانيا يستقبلون بعثة المنتخب الوطني في مطار نواكشوط بمقولة الشهيد محمد صديق الشهيرة (من ياتو ناحية؟)    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    شاهد بالصور: أول ظهور لرونالدو بعد خسارة نهائي كأس الملك يستجم مع عائلته في البحر الأحمر    نيمار يحسم مستقبله مع الهلال    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    نائب البرهان يتوجه إلى روسيا    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوب السودان انفصال بالتراضي أم بالإكراه؟..الإصرار على إقحام الدين في السياسة سيؤدي إلى تدمير وتفتيت الوطن. والخوف أن يمتد هذا التهديد ليشمل مناطق أخرى..
نشر في الراكوبة يوم 01 - 09 - 2010

يوما إثر يوم، يتضح بجلاء أن انفصال جنوب السودان بات مسألة وقت لا أكثر، فالاستفتاء المزمع على تقرير مصيره في مطلع العام المقبل، طبقا لاتفاق نيفاشا (2005) الموقّع بين حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"، سيفضي في أغلب التقديرات وحسب جميع المؤشرات تقريبا إلى انفصاله لا محالة. وفي حال حصول ذلك فهو لن يحدث لأنه خيار الجنوبيين فحسب، بل لأن ما فعلته حكومة الخرطوم على مدى الأعوام الطويلة الماضية، وأقله منذ التوقيع على اتفاق نيفاشا، عزز وكرس هذا الخيار، ولم يساهم أبدا في جعل خيار الوحدة جاذبا في نظر الجنوبيين، أو على نحو يجعلهم يتلمسون مصالحهم في بقاء السودان موحدا وليس في الانفصال.
لدى توقيعها على الاتفاق تعهدت حكومة الخرطوم بانتهاج السياسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعل الوحدة جاذبة في أوساط الجنوبيين، بيد أن ما جرى في واقع الأمر هو عكس ذلك، حيث استمرت في اتباع سياسة التهميش على الصعيد التنموي، مع الإصرار على تطبيق الشريعة في الدستور والقوانين المعمول بها على مستوى الحكم المركزي في الدولة السودانية، وهو ما جعل منسوب القلق والتحفظ من الوحدة يرتفع لدى الجنوبيين الذين يشكل المسيحيون والاحيائيون غالبيتهم، ويعتقدون أنهم يعامَلون كمواطنين من الدرجة الثانية في شمال البلاد عبر فرض التشريعات الإسلامية عليهم.
وكانت دول وجهات عدة نصحت الخرطوم بإعادة صياغة علاقة الدين بالدولة على نحو يمكنه أن يؤسس لعلاقة جديدة بين الشمال والجنوب، ويفتح آفاقا توفر فرصاً أفضل للحفاظ على وحدة البلاد خلال الاستفتاء، إلا أن تمسك الحزب الحاكم بتطبيق الشريعة، واعتباره أن "مشروعية " حكمه تستند إلى "التوجه الإسلامي" وبأن أي حديث عن علمانية الدولة سيؤدي إلى "شرخ في بنية نظام حكمه"، هو ما عنى في محصلته الأخيرة، أنه يفضل خياراته العقيدية والسياسية على حفاظه على وحدة البلاد. وثمة تصريحات معروفة لبعض قادة الحكم أعلنت "جهارا نهارا" أنها "لن تقبل أي تنازل في تطبيق العلمانية حتى وان وقع انفصال الجنوب"!.
وفي الواقع، إن الخيار العلماني وقيام دولة مدنية حديثة، ترتكز إلى مبدأ المواطنة وفصل السلطات وإتاحة الحريات العامة والفردية وإباحة التعددية الثقافية والسياسية، لا يمثل في كثير من الدول العربية والإسلامية ترفا نظريا أو تعصبا فكريا، بقدر ما هو حل في منتهى الواقعية للمشاكل والأزمات العديدة التي تعاني منها هذه الدول والبلدان. إذ أن الإصرار على إقحام الدين في السياسة واستغلاله لتحقيق مآرب سياسية ومصلحية محددة، يمكن أن يؤدي إلى تدمير وتفتيت النسيج الاجتماعي والوطني في هذا البلد أو ذاك، وهذا يصح في السودان كما يصح في العراق أو في اليمن والصومال وأفغانستان. ولعل تجربة الأحزاب الدينية والنتائج الكارثية التي وصلت إليها في عدد من البلدان التي حكمت فيها، تنبئ عن ضرورة التعاطي بكثير من الحذر والدقة والحساسية مع الأطروحات الدينية، خشية أن تقودنا، بحسن نية أو بسوئها، إلى تفكيك اللحمة الوطنية وإلحاق المزيد من التفتت الداخلي، عبر العودة بالولاءات إلى المرحلة القبلية والطائفية والاثنية، أوما قبل الوطنية.
أما استغلال عواطف الجماهير وتجييشها على أساس ديني أو مذهبي، فإنه لا يتوافق في كثير من الأحيان مع الحد الأدنى للثقافة السياسية اللازمة للتعاطي في حقول علم الاجتماع والانتظام المدني والسياسي، ناهيك عن بناء الدولة الحديثة في العصر الراهن.
ومهما حاولت حكومة الخرطوم إلقاء اللوم على الغرب في الترويج للانفصال وتهيئة الأجواء المؤاتية والمساندة له إقليميا ودوليا، فإن ذلك ليس أكثر من ذر للرماد في العيون، ومحاولة للتعمية عن الأسباب الحقيقية والجوهرية التي دفعت إلى الانفصال وساهمت في جعله خيارا مرجحا. فالانفصال يوشك أن يكون خيار الحزب الحاكم بقدر ما هو خيار الجنوبيين في الوقت الراهن، مع التذكير بأن "الحركة الشعبية" لم تكن مع الانفصال إلا في الآونة الأخيرة، وهي ظلت في موقفها المعلن على الأقل، مع وحدة البلاد منذ تأسيسها. وكان القيادي البارز في هذه "الحركة" ياسر عرمان طالب أخيرا حزب "المؤتمر الوطني" ب"رفع سعر الوحدة" من خلال الدفع بدستور جديد للبلاد، يعيد هيكلية الدولة، وترسيم سياسيات الخرطوم تجاه قضايا الثروة والسلطة والمواطنة والترتيبات الإدارية والأمنية، ولكن قادة الحزب والحكومة صمّوا آذانهم عن هذه الدعوات والمناشدات وفضلوا إلتزام قناعاتهم العقيدية والفكرية على حساب المحافظة على وحدة البلاد.
وإذ تحاول حكومة الخرطوم الآن تعقيد المفاوضات أوالحؤول دون الوصول الى اتفاق نهائي على ترسيم الحدود، والتملص من استحقاق الاستفتاء أو تأخيره، فإن هذا كله لن يجديها نفعا، وكل ما في الأمر أنه قد يؤخر الإنفصال، و يمكن أن يحوله من انفصال بالتراضي إلى انفصال بالإكراه، . لكنه لن يعيق حصوله في المحصلة الأخيرة.
وأخشى ما يخشاه المراقبون الحريصون على السودان ومصيره هو أن تكون وحدته لم تعد مهددة في الجنوب وحده فقط، بل أن يمتد هذا التهديد ليشمل مناطق أخرى تعيش أوضاعا مشابهة مثل دارفور وغيرها أيضا، خصوصا إذا استمرت حكومة "المؤتمر الوطني" في السياسات والممارسات ذاتها التي انتهجتها منذ وصولها الى السلطة في انقلاب العام1989!.
فيصل علوش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.