قال محمد أبوعنجة أبو رأس عضو البرلمان السودانى فى عهد الديمقراطية الثالثة القيادى بالحزب القومى السودانى وأحد قيادات وفد النوبة بأمريكا الذي حضر للبلاد مؤخراً، إنهم جاءوا يحملون مبادرة لحل الأزمة فى جنوب كردفان تشترك فيها الأحزاب والقوى السياسية، مؤكدا أن المشورة الشعبية لا تعني حق تقرير المصير لجبال النوبة، ولا يرى أى مانع في أن تقبل الحكومة بالاتفاق الإطارى، وأبان ابو عنجة في اجاباته على اسئلة «الصحافة» أن مطالب أهله فى جبال النوبة أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم مع العدالة فى قسمة السلطة والثروة، منتقداً تحالف الجبهة الثورية، وقال إنها عقدت الأزمة فى جنوب كردفان، مبيناً أن الحرب التى اندلعت فى كادقلى يوم 6/6 كان مخططاً لها وتعلمها كوادر الحركة الشعبية بأمريكا، متهماً عرمان بالتخطيط لها، وقال إن اتفاقية نيفاشا كان هدفها تأمين انفصال الجنوب وليس معالجة قضيتى المنطقتين، وانتقد بشدة سياسة السودان الخارجية، وقال إنها سياسة «رزق اليوم باليوم»، معتقداً أن الاهتمام الأمريكى بالشأن السودانى قد تراجع كثيراً فى ظل فترة أوباما، إلا أنه يتوقع أن يتعرض السودان لمزيد من الضغوط خاصة فى حالة فوز الجمهوريين، فإلى مضابط الحوار: ٭ ما الذى لفت انتباهك وأنت عائد للوطن بعد غياب طويل؟ أنا لم أغب كثيراً عن السودان، فكانت آخر زيارة لى عام 2009م ولكنها كانت قصيرة جداً، رغم أننى حتى الآن لم أتعرف على الوضع كاملاً، ولكن ما شاهدته عبارة عن عدد من البنايات الشاهقة والشوارع المسفلتة، وأن هنالك تنمية عمرانية، وهذا شيء طبيعى لنظام ظل يحكم «23» عاماً لوحده، فلا بد أن تظهر له هذه الإنجازات، ولكن أين التنمية البشرية فى الواقع؟ ٭ ما هى أهداف زيارتكم السودان؟ نحن هنا بوصفنا قيادات سياسية ننتمي للحزب القومى السودانى لأبناء جبال النوبة فى الخارج، جئنا بدعوة من المؤتمر الوطنى لنتحاور ونساهم فى وضع حلول لجبال النوبة، وسوف نلتقى كافة فعاليات المجتمع المدنى والقوى والأحزاب السياسية بالساحة السودانية ولا عزل لأحد. ٭ ولكن زيارتكم تأجلت أكثر من مرة، وصاحبها الكثير من الرفض والجدل من قبل بنى جلدتكم بالخارج؟ نعم لقد تأجلت زيارتنا لمزيد من الشفافية والوضوح، لأننا هنا نمثل بصفتنا الشخصية وأعضاءً فى الحزب القومى السودانى، ويتطلب ذلك موافقة الحزب، لأننا سوف نخوض فى عملية ترميم وتفعيل الحزب نفسه، فالأمر يتعلق بالحوار مع الحزب الحاكم لإيجاد حل لقضية جبال النوبة فى ظل تباين الرؤى، فطرحنا هذه الخطوة على كثيرين من أبناء جبال النوبة بالخارج، فيهم من يتمسك بألا حوار ولا تفاوض مع المؤتمر الوطنى، وأن زيارتنا ستزيد عمر الإنقاذ، وآخرون يرون أنه لا بأس من ذلك حتى نقف على حقيقة الأوضاع، وهذه هي الحياة الديمقراطية والشفافية. ٭ ولكن بيانات الحزب القومى ترفض زيارتكم؟ نعم لأن الحزب القومى السودانى ليس موحداً ويمر بأزمة. ٭ معنى ذلك أن زيارتكم هذه لإصلاح ذات البين لأحزاب القومى السودانى؟ نعم هذه إحدى أساسيات أهداف زيارتنا للجلوس مع أحزاب القومى السودانى الأربعة لجمع الصف وتوحيد الرؤى. ٭ ما هى المبادرة التى جئتم بها؟ نحن جئنا بمبادرة مفتوحة تشترك فيها كل مكونات المجتمع السودانى بمختلف إثنياته وآيديلوجياته السياسية ولا عزل لأحد عبر الحوار الجاد والصادق، إلا اننا نمتلك هيكلاً وإطاراً محدداً لكيفية إيقاف الحرب، ولا نود الخوض فى تفاصيلها الآن، ونفضل أن نستمع لأصحاب المصلحة والشأن أولاً، وهم من يقررون وهم من يحددون ماذا يريدون حرباً أم سلاماً، لقفل الباب أمام كل من يدعى أنه يحارب لأجلهم أو غيره، ومن خلال مؤتمر لهذا الغرض نضع خريطة طريق نصل من خلالها لتحديد هذه الرؤية، وتشريح المشكلة عبر الحوار الذاتى مع أنفسنا دون إشراك وسيط خارجى، ومن ثم تحديد المهام والواجبات والمتطلبات. ٭ ولكن لا يمكن حل هذه المشكلة دون إشراك الذين يحملون السلاح.. هل لديكم اتصالات معهم؟ الآن تحصلنا على ضوء أخضر من الحكومة، وسوف نسعى من الآن لإيجاد الوسائل الممكنة للاتصال بالطرف الآخر، ونعتقد أن المواطن هو من يستطيع الضغط على الطرفين لإنهاء النزاع أو استمراريته، إلا أن الحكومة نفسها هي ذات مسؤولية، وهى التى تمثل الدولة، وعليها واجب تجاه هؤلاء الذين يعتمدون على الجنوب بوصفه دولة انفصلت، والآن أصبحت دولة ذات سيادة، وهم فى حاجة إلى السبيل الذى يهديهم إلى الصواب. ٭ لماذا يمسك الجنوب بملف جبال النوبة والنيل الأزرق خاصة؟ الحكومة كان عليها أن تبادر لحل المسائل العالقة قبل انفصال الجنوب، وكان فى إمكانها ذلك سيما فى عملية فصل النزاع فى النقاط الحدودية، ولكن أعتقد أن هنالك مماطلة من قبل الطرفين، فالحركة الشعبية الأم بالجنوب ما كانت حريصة على فك الارتباط، وعملت من خلال حكومة الجنوب على جعل هذه المسائل العالقة كروت ضغط لاحقاً على السودان، ولزهد الجنوبيين فى الوحدة والتصويت لصالح الانفصال، وقد حدث، ولا أعتقد أن القادة الجنوبيين قد عملوا ذلك من ذاتيتهم، لأنهم ليسوا أذكياء لهذه الدرجة، ولكن أعتقد أن جهات خارجية دعمتهم فى هذا الاتجاه، وهى ذاتها مهندسة نيفاشا، فكانت غير حريصة على تنفيذ بنود الاتفاقية، فكان أقلها أن يكون هنالك رأي شفاف لحل مسألة الترتيبات الأمنية خلال السنوات الست، حتى لا تتأزم الأوضاع لهذه المرحلة التى أدت لصعوبة الترتيبات الأمنية وفك ارتباط أبناء المنطقتين بالفرقتين التاسعة والعاشرة، فلو كنت أنا من أعضاء المؤتمر الوطنى المعنيين لكان أول ما أعمله أن أنهى مسألة الترتيبات الأمنية، فكيف نترك «40» ألفاً من أبناء النوبة حسب تقديرات الجيش الشعبى دون أن نحل قضيتهم، وكيف نحسبهم نوبة ولم يدخلوا ضمن تعداد السودان أو الحملة الانتخابية، فكيف نعتبرهم تابعين للشمال، ولذلك أرادت الحركة الشعبية الجنوبية أن تكون المسائل العالقة خاصة الترتيبات الأمنية لتمرير أجندتها، واتهم صراحة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى معا بالتفريط فى حل المشكلة. ٭ كيف يمكن حل قضية المنطقتين فى ظل الاتفاق الإطارى العائد بقرار مجلس الأمن الأخير وتكملة ما تبقى من نيفاشا؟ إذا كانت هنالك جدية من قبل الحكومة لمعالجة القضية عليها أن تسعى إلى تسوية وحل هذه القضية فى أقرب وقت ممكن ، وإذا كانت ترى أنها ستستمر فى خوض هذه الحرب لأطول فترة ممكنة فنحن نقول لا لأنها استنزاف لموارد السودان وإزهاق لأرواح أهلنا، ونحن تحدثنا معها على أنه يجب إيقاف هذا النزيف، كما يجب إشراك المواطنين بل المجتمع ككل فى كل مراحل الحلول، وقد جاءت نيفاشا باتفاق التجمع، لأن الحركة الشعبية كانت عضواً فيه، وتم الإتفاق بطلب من الحركة والتفاوض كان فى شكل مجموعات، فذهبت الحركة الشعبية وتفاوضت مع المؤتمر الوطنى ووقعت معه اتفاق نيفاشا، ولكنه كان بالضرورة أن يشركا مجموعة الأحزاب السياسية ولو فى المرحلة الأخيرة، حتى يشهدوا على التوقيع، ولذلك من الأخطاء الكبيرة فى نيفاشا أنها أوجدت حزبين فقط وعزلت بقية الأحزاب السودانية رغم أن التسوية تعنى السودان كله، وكان خطأ المجتمع الدولى أنه حاول تجزئة الحلول حسب أولياتهم، ولكننا لماذا ننتظر عمرنا كله المجتمع الدولى لحل قضايانا، فأبناء السودان قادرون على ذلك إذا توفرت لديهم حسن النية. ٭ هل التقيتم عرمان أو أية قيادات بالحركة الشعبية فى إطار زياراتها لأمريكا؟ أنا شخصيا لم التق عرمان مباشرة فى أمريكا، ولكننى اتهمه مباشرة بالتسبب فى اندلاع الحرب يوم 6/6 /2011 فى جنوب كردفان. ٭ لماذا عرمان تحديداً؟ عندما انفصل الجنوب كان على عرمان أن يأتى باعتباره من حزب الحركة الشعبية الشمالية ليجلس مع مكونات المجتمع السياسى بالمنطقتين، على أقل تقدير لأنه الحزب الموقع على الاتفاقية، وكان يمكن تنمية هذه الشراكة وتطويرها، وأعتقد أن الوطنى نفسه كان يمكن أن يقبل هذه الحالة ليستغل تهدئة الأمر، وعلى أقل تقدير لتهدئة الأمر وخلق علاقة طيبة مع دولة الجنوب، ولكن مع الأسف الشديد الاجتماعات التى كانت تدور فى كادقلى، رغم أننا بعيدون منها ولكننا كنا نرصد هذه الاجتماعات التى تدور هناك. وقد أعلنت الحركة الشعبية فوزها بعد الانتخابات مباشرة قبل إعلان النتيجة من قبل اللجنة العليا للانتخابات، وقالت إن ذلك لتحفظات وخلافات مع لجنة الانتخابات، فلا يمكن أن تكون هى الحكم والخصم، فكان عليها أن تحتكم للمحكمة العليا، ومازلت احتفظ بآخر رد من قبل الحلو على الإعلام بأنه لا ولن يلجأ لشن الحرب، وقد يكون ذلك عملية إعلامية، ولكنها كانت تؤكد أن هنالك شيئاً يضمره الحلو. ٭ هل كانت هنالك معلومات مسبقة تفيد باندلاع الحرب فى جنوب كردفان؟ نعم كنا على علم من قبل أعضاء فى الحركة الشعبية أن الحرب ستندلع من كادقلى يوم 6/6، وهذا يؤكد أن الحرب أصلا كان مخططا لها مسبقاً، والدليل الآخر أن الذين كانوا فى كاودا يقولون إنهم مشغولون لإعداد وتجهيز الحرب الثانية، ولم نسمع أن تناول الحلو فى مؤتمر صحفي الحلول فى نيفاشا، رغم أنه هو المحاور والموقع على نيفاشا، فما كان حضور عرمان مع الوفد إلا لإعطاء ساعة الصفر. ٭ هل ستشاركون فى السلطة على أقل تقدير لتنفيذ ورعاية المبادرة التى ستقدمونها؟ هذه مرحلة بعيدة جدا ولم يأت أوانها، فنحن الآن همنا كيفية إيقاف هذه الحرب، أما مسألة المشاركة فى الحكومة فهذه حالة ملحقة، ولم تكن ضمن أجندتنا، وقد تقررها عمليات الحلول نفسها، وليس بالضرورة نشارك نحن فيمكن أن تكون المشاركة عبر آخرين، ولكنها حتماً لم تكن ضمن أجندتنا حتى الآن. ٭ هل لبت نيفاشا تطلعات أهل جبال النوبة؟ أهل جبال النوبة كانوا مغيبين بوصفهم أصحاب مصلحة فى الاتفاقية، ولم يكن لديهم إلا المشورة الشعبية التى تعتبرها الحركة الشعبية حق تقرير المصير، ولكننا نعتبر حقيقة أن المشورة الشعبية ليست حقاً لتقرير المصير، وإلا لكان قد تم تضمينها ضمن تقرير المصير لدولة الجنوب، والمؤتمر الوطنى قال إنها آلية لتكملة نواقص الاتفاقية، إلا أننا نرى أن تطبيقات المشورة الشعبية هى عدة إجراءات مترابطة معاً بدءاً من المجلس التشريعى، وقد تسببت الحرب التى اندلعت فى تعطيلها. ٭ ولكن هل الحرب التى اندلعت عقب اتفاقية السلام فعلا تلغي الاتفاقية؟ الاتفاق الإطارى نفسه جاء تحت مبادرة وإشراف ورعاية الاتحاد الأفريقى، وقطعا أن الإيقاد وأصدقاء الإيقاد متفقون عليه، وهم أنفسهم مهندسو نيفاشا، فعندما ذهب المؤتمر الوطنى للتوقيع على الاتفاق كان على علم بما يدور، فنقض الاتفاق كان مصيبة، وهى إحدى المصائب التى أصابت البلاد فى مقتل، وكذلك أدت لتأخير البلاد، فالحركة الشعبية كانت متمسكة بالاتفاق الإطارى باعتباره بداية لمفاوضات جديدة فى ظل رفض المؤتمر الوطنى الذى أصبح مصراً على تكملة ما تبقى من مسائل عالقة من نيفاشا، فالخلاف بين الجانبين تحسمه الجهات الراعية، ومن هنا جاء قرار مجلس الأمن الأخير. ٭ هل للحرب الدائرة الآن علاقة بقضية جبال النوبة؟ لا أبداً، فلأهل جبال النوبة قضية من قبل مجيء الإنقاذ فشلت فيها معالجات كثيرة وأساليب شتى، واضطر أهل جبال النوبة لحمل السلاح، وجاءت معالجتها ضمن نيفاشا، ونعتبرها ذات درجة كبيرة فى الصحة رغم أنها لم تلبِ تطلعات شعب النوبة، ولا تساوى الجهد الذى بذل فى سبيلها، ولم يكونوا جزءاً من الاتفاق، وما يجرى الآن ليست له علاقة بقضية جبال النوبة الأساسية، فتطلعات شعب جبال النوبة هي أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، وأن تكون لهم مشاركة عادلة فى السلطة على كل المستويات، وأن يجدوا حظهم من التنمية. ٭ كيف تنظر لعلاقة تحالف الجبهة الثورية بجبال النوبة؟ انطلاق عمليات تحالف الجبهة الثورية من جنوب كردفان زاد المشكلة تعقيدا، وهى ذات مصالح وأجندة أخرى لا علاقة لها بتطلعات شعب جبال النوبة، فعلى كل من لديه مشكلة أن يذهب إلى منطقته ويحل قضيته من هناك، وعلى أولاد دارفور أن يرجعوا إلى دارفور، وعلى أبناء النيل الازرق أن يذهبوا إلى منطقتهم ويتركوا إنسان جبال النوبة يرتاح من الضربات العسكرية المتواصلة التى أضرت به، فأصبح الجو مسمماً، وإذا كان هنالك تحالف مطلوب فليكن، ولكن ليس أن تكون جبال النوبة مسرحا لعمليات عسكرية. ٭ من خلال وجودك بوصفك سودانياً بأمريكا.. ما هى قراءتك للسودان فى اهتمامات السياسة الأمريكية؟ السياسة الأمريكية تحكمها ثوابت محددة مبنية على مصالح أمريكا لتحفظ أمنها واستقرارها، وهى من الأبعاد الإستراتيجية الأمريكية، ولكنها قد تختلف فى التكتيك بتغير الإدارة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهما الحزبان المسيطران على واقع السياسة الأمريكية، ولا أعتقد أن يكون السودان محل اهتمام زائد من قبل الإدارة الأمريكية، وإلا لتدخلت تدخلاً مباشراً كما تدخلت فى مناطق أخرى، فالموارد البترولية السودانية محدودة ولا تشجع أمريكا على الاهتمام، وبذلك نظرة أمريكا للسودان من خلال ما قبل فترة الاستقلال إبان عهد الاستعمار، فقد كان السودان قدوة لكثير من الدول الأفريقية التحررية، إلا أن مطالبة الجنوبيين بحق تقرير المصير كانت بمثابة الصدمة لهذه الدول، فيما وضعت أمريكا رغبات وتطلعات الإنسان الجنوبي فى الاعتبار، فما لبثت أن رعت انفصال الجنوب 2011م. ٭ ما هو أثر اللوبيات الأمريكية على السودان فى ظل السياسية الخارجية؟ إن هذه اللوبيات هى التى تدير وتوجه الشأن الأمريكى حسب المصالح الأمريكية، وبصفتي شخصاً عمل فى مجال السياسة أقول بكل صراحة إن سياستنا الخارجية تشجع على العداء، وفيها الكثير من الاضطراب والعشوائية، وتفتقر للمؤسسية «سياسة رزق اليوم باليوم» وهناك تضارب فى التصريحات الحكومية كأن أى وزير هو رئيس الجمهورية، ولم نضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، كما ظلننا نخلط العلاقات الأسرية بالمصالح، فنجد حياتنا فى السودان مبنية على العشوائية وعدم التنظيم، فقد تنقلت سياستنا الخارجية من معسكر لآخر، ومن أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وهكذا، وندعى أننا متعلمون، صحيح أننا فى مرحلة ما كنا قدوة لكثير من الدول الأفريقية ولكننا انتكسنا بسبب هذه السياسة والعشوائية، ويفترض أن يكون لهذا التعليم أثر فى تنظيم نهج الدولة أو نهج المواطن تجاه الدولة، وعلى سبيل المثال من خلال سلوك الفرد.. فإذا دخلت المتجر ووجدت أناساً أمامك، عليك أن تنتظر فى الصف وتعطي الفرصة لمن هو أمامك تلقائيا وتأخذ دورك، فهكذا يفترض أن يكون سلوكنا تجاه البعض، ونعتقد أن المطلوب ألا يعادى السودان أية دولة، ويكون ذلك واضحا من خلال تحولات السياسة الخارجية السودانية. ٭ ألهذه الأسباب أصبح السودان مسرحاً لزيارات عدد من مجموعات الضغط الأمريكية؟ هذا جزء من لوبيهات الضغط، والسودان فى فترة ما ظل بعيداً عن اهتمامات الإعلام، بل شكل غياباً كاملاً، والآن ليس هنالك ما يشغل العالم، ولذلك كان هذا الاهتمام فى ظل التسابق فى الانتخابات الأمريكية، فمثلا سياسة أوباما عملت موازنة فى السياسة الأمريكية من خلال الاهتمام أكثر بالوضع الداخلى الأمريكى، إلا إذا فاز الجمهوريون فإن السياسة الأمريكية ستختلف تجاه السودان، وأعتقد أنها ستشهد مزيداً من الضغوط. ٭ فى اعتقادك هل تشجع أمريكا على إزالة النظام في السودان بالقوة؟ لا أعتقد أصلاً أن تؤيد أمريكا إزالة النظام فى السودان بالقوة، وليس لديها الحرص الشديد على ذلك، وأعتقد أنها مهندسة لتفاقية نيفاشا، كما أنها تؤيد الدوحة، بل كانت من خلفها، ولا يمكن لقطر أن تخطو تلك الخطوة دون موافقة أمريكا، نسبة للعلاقات المتميزة بينهما، ولذلك عندما دعت أمريكا الحركات المسلحة طلبت منهم أن يحددوا القصور فى اتفاقية الدوحة، ومعنى ذلك الاعتراف بالاتفاقية بوصفها إطاراً للحل بالإضافة أو التعديل، وقد أكدت أمريكا عبر آليات مختلفة عدم عزمها على تغيير النظام بالقوة، بل عبر التحول الديمقراطى. ولكن نتوقع أن تضغط على الحكومة السودانية وأحزاب المعارضة معا، ولذلك المطلوب من المؤتمر الوطنى اغتنام هذه الفرصة لحل مشكلات السودان عبر الحوار وإشراك الآخرين بدلاً من «الكنكشة» فى الحكم، وهذا هو «مربط الفرس»، فلماذا لايتفق أهل السودان جميعهم على دستور شفاف مجمع عليه ويشترك فيه الجميع دون إقصاء لأحد، بدلاً من الصورية، ليحدد كيفية حكم السودان ومن ثم ليس مهما من يحكم. ٭ كيف تنظر للعلاقة بين مكونات جنوب كردفان؟ للأمانة فى وقت ما كانت العلاقة والصداقة والتعايش بين مكونات أهل جنوب كردفان ممتازة جداً وما حدث من خلال الحربين نحتاج لترميمه وتوثيق عرى هذه العلاقة بين الجميع، والحاجة متبادلة، والعلاقة مطلوبة، فلا عزل لقبيلة دون الأخرى، فكلهم شركاء فى جنوب كردفان. ٭ كيف تنظر لمستقبل العلاقة بين السودان وجنوب السودان؟ العلاقة بين شعبى السودان وجنوب السودان رغم الانفصال علاقة أزلية، ويفترض أن تكون إستراتيجية ومبنية على رعاية المصالح المشتركة بين الطرفين، وقد تضررت كثيراً بسوء النية بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية، وأتمنى أن تكون هناك منطقة منزوعة السلاح، وتكون فيها فقط شرطة حدود، وأن تتاح للمواطن فرصة لأن يلعب دوراً فى بلورة شكل العلاقة بين الدولتين، فلماذا القتال؟ وربما يأتى جيل آخر يوحد الدولتين من جديد. ٭ هل من كلمة أخيرة؟ ما لمسناه من ترحاب وانشراح ومشاركة مجتمعية والتجاوب الكبير معنا، يبشر بنجاح مبادرتنا، ونتمنى التوفيق في إيقاف الحرب، كما نتمنى أن ينعم أهل السوان بالسلام والاستقرار والأمن، وأن ينبذ المجتمع القبليَّة، وينكر ذاته لبناء مجتمع سوداني معافى، ونتمنى لبلدنا التقدم والرفاهية. الصحافة