مع اقتراب موعد الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان , بدأت أجهزة الإعلام الغربية على وجه الخصوص تبدى اهتماماً متعاظماً بالشأن السودانى وانحيازها دون مواربة لخيار الانفصال ويعلن موقع ( تقرير واشنطن ) الإلكترونى تأييده للانفصال وميلاد دولة جديدة ذات سيادة وجاء فى التقرير أن الدولة الجديدة ستكون لها علمها الخاص وجيشها الخاص وسفارات بالخارج , وإضافة أسم جديد يتم التباحث حوله الآن . يتزامن فى هذا مع أصواتاً تتعالى فى العاصمة الأمريكية محذرة من أن الخرطوم ستسعى لعرقلة الاستفتاء فى موعده , فإن أصحاب تلك الأصوات واثقون كما تقول واشنطن من أن الحكومة السودانية ستعمل فى النهاية صوت العقل وتوازنات القوة. وتقبل بالدولة الجديدة , ويبحث بعض من يتوقعون قيام دولة مستقلة فى الجنوب عن أسم مناسب لها. وينقل ( تقرير واشنطن ) عن خبير الهويات الوطنية ( سيمون أنهولت ) توقعه بأن يختار الجنوبيون فى الأغلب أسماء من بين جمهورية جنوب السودان أو جمهورية السودان الجديد لدولتهم المتوقعة. هنا لابد من الإشارة إلى أن هناك على ما يبدو معارضة كبيرة لتضمين كلمة السودان فى أسم الدولة الجديدة , إذ أن السودان مرتبط فى الذاكرة السياسية العالمية بصورة مشوهة وغير جيدة , علي حد تعبير التقرير ويرى ( أنهولت ) أن شمال السودان لن يغير أسم دولته من السودان إلى شمال السودان , لذا , فمن الأفضل أن يختفى أسم السودان من مسمى دولة الجنوبالجديدة . في الوقت نفسه اقترح البعض أن تسمى الدولة الجديدة نفسها ( دولة النيل ) , غير أن المخاوف من رد فعل مصر قد تعوق هذا الطرح. ونسب ( تقرير واشنطن ) إلى مصادر صحفية أمريكية القول أن إدارة الرئيس ( باراك أوباما ) شأنها شأن إدارة الرئيس السابق ( جورج بوش ) تقدم دعماً مالياً كبيراً لجنوب السودان ضمن جهودها المكثفة الرامية إلى مساعدة الجنوب على الإنفصال عن السودان , وأكد ( إزيكيل لوك جاتكوث ) رئيس بعثة حكومة جنوب السودان فى واشنطن أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تضخ هذه الأموال للجنوب السودانى بهدف مساعدته على الإنفصال عن الشمال . فى اعتقادى المتواضع جداً أن ما تسعى إليه الولاياتالمتحدةالأمريكية سيصب فى غير صالح الأمن القومى المصرى تماماً كما حدث عند غزو العراق واحتلاله وبداية الدور الإيرانى فى المنطقة . ما يحدث فى السودان خطط له منذ فترة ليست بقصيرة وانشغلنا نحن عن أحوال السودان فأصبح علينا أن نحصد نتاج انفصال الجنوب عن الشمال فى السودان وكأننا ناقصين أزمات ومشاكل . يقيناً المبررات التى تساق لتمرير الدور الأمريكى فى السودان لا تختلف فى الواقع عما قيل لتسويق وتمرير ما شهده العراق الشقيق , بدءاً من الغزو ومروراً بنهب ثرواته وإعدام قيادته بشكل مهين للأمتين العربية والإسلامية وإنتهاءاً باحتلال العراق وتقسيمه !! وهنا أنبه لنقطة محورية لابد أن ننتبه لها , هناك فارق كبير بين سحب القوات الأمريكية من داخل العراق , وبين استحداث واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية فى العراق !! الفارق اللغوى هنا قد لا يبدو أنه يحمل طياته الكثير والكثير , ويقيناً المستفيد الوحيد من المنطقة ( إسرائيل ) ونحن الذين سنسدد الفاتورة الأمريكية !! سأظل أنبه أكرر ما يحدث على أرض السودان يرتبط بالأمن القومى المصرى .. اللهم أنى قد بلغت اللهم فأشهد. معتصم راشد