عندما صرخت الشمس فى وجه الوجود وسلطت اشعتها على جفنيها المتهدلين .. حملت هموم ثلاثة فتية لاب قرر الهروب ذات يوم * اتخذت مكانها المعهود .. بدات بوضع الماء على النار .. ياتيها الناس واشباههم من كل صوب يطلبون الافاقة* ترى هل شربت الشاي هى قبلا .......!!! هى ذلك الكائن المجروح الذى ينتفض فى الليل ويترنح يمنة ويسرة محاولة ايجاد طريق الخلاص *حتى تكشف الشمس عورة الظلام *.. هى التى تجر اقدامها جرا كل ليلة الى الفراش لتذكر ان هذا المكان يصلح للنوم ولا نوم الا للاجفان فقط .. جبنة مزبوطة سكر خفيف وجنزبيل* يعيدها الصوت من شرودها ويعلن بدء مناوبتها اليومية ونهاية الزمن المسموح به للتثاؤب..* هى*تعطيهم ترياقا يساعدهم على الافاقة ودوزنة موسيقي الجسد وهم يعطونها دراهم معدودات تسكت بها صراخ معدتها هى وصغارها .... والحكومة تحجز لنفسها مقعد ثالثهما ...* تضع (الكنكة ) على النار وتنظر الى صاحب القهوة وتبتسم له فهى تعرفه منذ اتقنت لعبة حفظ الوجوه *.. انه ذلك المهندس المتخرج منذ خمس اعوام ومازال يبحث عن عمل .. تنظر اليه وتتمنى ان يكون لابنائها *شهادات مثله وفى نفس الوقت تخاف عليهم من مصيره .. يا هندسة كيف اصبحت ... سالته لو تدري كم يؤلمه هذا الوصف الوظيفى ... اجاب : اصبحت راكضا مع تيار الايام الى حيث لا ادرى .. صرت مؤمنا بان شرائع الحياة لا تقضي ببقاء الانسب بل بدوام الاروغ والاحيل ولا تؤول تقاليدها الى الافضل والاقوى بل الى الاخبث والاكذب ..* كم تمقته حينما (يتفلسف ) الا يستطيع القول انه اصبح بخير تواصل ابتسامتها الحزينة وتمد اليه بفنجان القهوة قائلة : مهدئ للاعصاب ملهم للافكار يبتسم فى صمت فهو يعلم ان الهدوء والالهام صار رفاهية لا يستطيع لها طلبا قال : هل تعلمين لماذا تضايقك المحليات كل يوم وتاخذ منك ضرائبا اكثر مما تاخذ من الوزير ومدراء الشركات ؟؟ حركت راسها فى اشارة تعنى عدم العلم بالسبب والرغبة فى المعرفة* ارتشف من فنجانه وقال لها : انك تساعدين الشعب على الاستيقاظ وهم يريدونه نائما دائما .. هؤلاء الذين لهم مناقد النسور وبراثن الضباع والسنة العقارب ونقيق الضفادع يخشون ان يصحو الشعب فهم يعلمون ان الافاقة و ( الصحصحة ) هى ان تنظر نظرة فاحصة على ما يدور حولك لترى مؤسسات الدولة وهى تسقط يوميا امام همومنا واحلامنا * ابتسمت فبادلها ابتساما وهو متاكد تماما انها لم تعى ما يقول ... شاي بالنعناع .. شاي لبن .. قهوة سادة* امتلاءت المقاعد الصغيرة حولها طلاب عمال موظفين واساتذة ..ايا كانوا تهبهم توليفة غريبة تجعل كل ما تفعله بهم الدنيا وماتمنحهم اياه زائبا فى ماء ساخن معه بن او شاي وتضفي بعض المتعة بالجنزبيل والهبهان والنعناع تناولهم فناجين تقول لهم اصبر قليلا فقد مضى الكثير يشربون مرارات معيشتهم ويبلعون علقم احوالهم وينتظرون يوما تستيقظ فيه الانسانية وتبكى لاوجاعهم وهم لايدرون ان الانسانية لا يلذ لها البكاء والنحيب الا على ابطال الاجيال .. الانسانية طفلة تترنح فى مشيتها وتخشى الوقوف امام العاصفة الهائلة التى تهصر بمسيرها الاغصان اليابسة وتجرف بعزمها الاقذار المنتنة ... تظل جالسة فى مكانها حتى تذهب الشمس الى مخدعها ثم تلملم اشياءها وتتمم عليها وتيمم وجهها شطر المخبز وقليل من خضار وتعود الى الافواه الجائعة .. وتجهز نفسها لصباح اخر [email protected]