* ما من ثورة ربيع عربي تندلع في أيامنا هذه إلا وكانت قناة (الجزيرة) حاضرةً فيها بشدة.. * وحين نقول (بشدة) هنا فإنما نعني أنها تتخطى أحياناً الحيادية المهنية لتبدو مكوناً أصيلاً من مكونات الثورة.. * وأيضاً حين نقول (أحياناً) هنا فإنما نعني أنها لا تتعامل مع الثورات هذه كلها ب (العنف!!) الإعلامي نفسه الذي تعاملت به مثلاً مع ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.. * فهنالك احتجاجات في بلدان عربية أخرى كانت الجزيرة (رفيقةً!!) بالأنظمة القائمة فيها.. * فكاميراتها تمر على المتظاهرين في الدول الأخيرة هذه مر السحاب.. * وتعليقات مذيعيها يغلب عليها الطابع الدبلوماسي (الإرضائي) الذي تشتهر به الجامعة العربية.. * وخبيرها الإستراتيجي (الدائم) عزمي بشارة يخلو مقعده بجوار مذيعي نشرات الأخبار.. * وإزاء الانتقائية هذه التي تقدح في الصدقية المهنية لقناة (الجزيرة) يتبادر إلى الأذهان سؤال قد يكون محرجاً (شوية) للقائمين على أمرها.. * وللقائمين كذلك على أمر البلد نفسه الذي يستضيف أو بالأحرى يحتضن القناة هذه .. * سؤال فحواه : ماذا لو إنتقلت عدوى الثورات الشعبية العربية هذه إلى الدولة (المضيفة!!)؟! .. * ماذا لو انتفض الشعب (هناك) مطالباً بإسقاط النظام؟!!.. * وماذا لو حاولت فضائيات أخرى أن (تعمل) في البلد هذا ما (تعمله) الجزيرة في دول أخرى ذات ثورات؟!!.. * فالواقع السياسي(هناك) لا يختلف كثيراً عن نظيره في الدول تلك.. * فلا الديمقراطية متوافرة..... * ولا الحريات مشاعة..... * ولا الأحزاب المعارضة يسمح لها بحرية العمل.... * ولا التداول السلمي للسلطة له وجود.... * وفضلاً عن ذلكم كله فإن الدولة المذكورة تحتضن إلى جانب إحتضانها للقناة ( المناضلة!!) قاعدة عسكرية لدولة اتهمتها (الجزيرة) من قبل بمحاولة قصفها وإسكاتها.. * فلو كانت (الجزيرة) - عدوة الدكتاتوريات - تبث إرسالها (التحرري) من الكويت لما صُوّبت نحوها سهام أسئلة مثل هذه.. * فالكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تتمتع بعافية ديمقراطية لا يمكن إنكارها.. * أما دولتنا هذه مع إحترامنا لكبيرها وحكومتها وشعبها فإن المشوار مازال طويلاً أمامها في سكة الحريات التي ترفع ألويتها (الجزيرة).. * ومازال طويلاً أمام قناة الجزيرة نفسها حتى ترقى الى مستوى مضامين الألوية هذه التي ترفعها.. * فالجزيرة على سبيل المثال سقطت في امتحان المساواة (الديمقراطي) حيث لا تمييز بين الناس إلا بالتميز المهني.. * سقطت في امتحان نجحت فيه بإمتياز فضائيات غربية مثل ال (سي إن إن) و(سكاي نيوز).. * ففي وقت نرى فيه وجوهاً سمراء وسوداء وصفراء - الى جانب البيضاء - في الفضائيات هذه، تظل شاشة الجزيرة حكراً لوجوه لا يخالط بياضها سمار.. * و سقطت كذلك - (الجزيرة) - في إمتحان ديمقراطي آخر وهو ذاك المتعلق ب (مبدئية) التصنيف السياسي على أسس الديمقراطية التي تبدو متبنيةً لها الفضائية (المناضلة!!) هذه.. * فعلاقات الجزيرة (السرية!!) ال (مريبة!!) مع جهات موسومة بالتطرف الديني والسياسي تقدح عميقاً في صدق توجهها الديمقراطي الذي تحرص على إظهاره في برامجها وحواراتها ونشراتها.. * وتحرص على إظهاره بشدة كذلك خلال تغطياتها للثورات الشعبية العربية في أيامنا هذه.. * أما السقوط المدوي الأكبر للجزيرة قد يتبدى جلياً إذا ما بلغ (شواطئها) المد الثوري الجارف للشموليات منذ مطلع هذا العام الماضي.. * فهي قد تجد نفسها آنذاك في (زنقة) مثل (زنقات) القذافي التي كان قد قال انه سيطارد شعبه فيها.. * أو قد تجد نفسها تعيش (زنقة) القذافي نفسه التي تسببت فيها مطاردة شعبه له.. * وهي (زنقة) لا يحتاج توقعها إلى خصيب خيال.. * ولا إلى تحليلات الخبير الاستراتيجي عزمي بشارة.. * فما من دولة عربية نجا نظامها من لسان الجزيرة (الطويل!!) إلا ذاك الذي هو على (مرمى حجر!!) منها.. * وكيما تنجو الجزيرة نفسها من ألسنة تتلمظ شوقاً للحظة (إمتحانها!!) فليس أمامها سوى خيارين: * إما أن تتوسل إلى البلد (المضيف) بأن يسارع إلى إحداث اصلاحات ديمقراطية ذاتية.. * وإما أن تتوسل للقرضاوي بأن يتضرَّع إلى الله قائلاً: (حوالينا ولا علينا!!!!!!). الجريدة