الاناتيك واللوحات التي كانت في السابق تجد لها رواجاً ولو قليلاً ومكانا ولو صغيراً في البيوتات، أخذت في الاضمحلال والاختفاء من صالونات وغرف المنازل، وأخذ سوقها يختفي تبعاً لذلك، فيما كان من قبل ينتشر عدد من باعة الاناتيك على طول شارع الغابة في مكانهم الشهير شرقي غابة السنط، فيما كان معظم العاملين في هذه التجارة من مواطني جنوب السودان الذين ابتدروا عملية هجر هذه الاعمال. وبحسب افادات احد العاملين في هذا المجال فقد شهد تراجعاً كبيراً من كل المناحي، كما يعد مواطنون هذا النوع من التجارة مجرد كماليات لا تهم الا فئة محددة من الناس. ويرى نحاتون وتشكيليون ضرورة الارتقاء بالذائقة الجمالية لدى المجتمع السوداني لتستوعب فنون العصر ويتفاعل المجتمع مع المعارض المقامة في هذا الشأن التي تبرز ثقافة المجتمع نفسه. ويقول طالب الفنون التشكيلية معتصم سليمان العامل في نفس المجال، ان جموداً كبيراً أصاب حركة سوق الاناتيك، مما دعا كثيرين لترك العمل في هذا المجال، مؤكدا ان السوق يمكن ان يعمل في اطار الحركة الخفيفة لجهة ارتفاع ارباحه احياناً، مبينا ان الاعمال اليدوية كانت محل رغبة في الماضي القريب، لكنه يعتقد أن ظروف الحياة اجبرت المواطنين على هجر هذه الاسواق، مشيراً الى ان أصحاب المحلات التجارية أصبحوا من رواد هذا السوق الذين يقبلون على شراء الاناتيك لتزيين محلاتهم خصوصا محلات الاثاث والديكور، كاشفاً أن عدد الاجانب الذين كانوا يرتادون السوق من حين الى آخر خفت حركتهم. وقال محمد سالم أحد مرتادي هذا السوق إن وجود الاعمال اليدوية والأناتيك مهم جداً في المنزل لجهة الناحية الجمالية، مبيناً ان الاهتمام بهذه النواحي في المجتمع السوداني قليل جداً، على الرغم من أنها تحمل معاني كبيرة، موضحاً ان هنالك تراثاً ضخماً للاعمال اليدوية السودانية في ظل تعدد كبير للثقافات في مختلف انحاء السودان، كاشفا عن انتشار الاعمال التشكيلية الجبصية قبل فترة، غير انها اصيبت بالفتور في الآونة الاخيرة. وقال عبد الرحمن كامل احد التجار إن المواطن أصبح يهتم بقوت يومه ولا يلتفت لاية جماليات، مشيراً إلى أن سوق الاناتيك كان مليئاً بالزبائن في السنوات الماضية خاصة في الاعياد ومناسبات الأفراح، اما الآن فالحال واقف تماماً، مضيفاً أن الزبائن غالباً ما يشيرون الى ان اسعارها مرتفعة. وارجع ذلك لاستجلاب أخشاب الأبنوس من ولاية كسلا بشرق السودان ومن جنوب السودان ايضاً، بينما يأتون بأخشاب المهوجني من الوسط والغرب، بالاضافة الى الالوان والجهد البدنى. ويشير صلاح جمال وهو نحات في مجال صناعة الاناتيك، إلى أن المراحل الكثيرة لهذه الصناعة جعلت سعرها مرتفعاً بجانب اعتزال بعض النحاتين المهنة، ماضياً الى ان المراحل تمر باختيار نوع الخشب المراد تشكيله ثم عملية رسم الأشكال عليه، وبعدها يقومون بالنحت، ويلي ذلك «التقشير» وبعدها «الصنفرة»، ويضيف: «هذه العملية ليست يسيرة، ولكل مرحلة نحاتون ومصممون عملوا في هذا المجال الفني عشرات السنين، وبعد الانتهاء من النحت ورسم الاشكال تأتي عملية الطلاء والتلميع باعتبارها آخر مراحل اللوحة». الصحافة