تفسر عند النساء وسامة.. وللرجال شر وحقارة الخرطوم: عبد الوهاب جمعة عرف المجتمع السوداني بتفرد عاداته وتقاليده الذي لا مثيل لها في سائر البقاع، وفي كل مكان او ناحية تجد مظهراً لتميز السوداني، الى الدرجة التي صارت فيها الصفات السودانية تدرس باعتبارها علماً يسمى «السودانوية» على غرار علم الآثار المصرية «المصراوية»، ومن العادات التي كانت تسود ذات يوم في المجتمع السوداني، كساء السن او الناب بالذهب، ويطلق عليها عموم السودانيين «البسام»، وهناك ارتباط وثيق لدى الناس بين الاسنان والابتسامة، والاسنان البراقة اللامعة تتبعها الاسنان البيضاء، واكثر من ربط بين الجمال والاسنان الشعراء والمغنون، ولعل اشهر ما غناه الفنان عبد القادر سالم اغنية «حليوة يا بسامة»، وكثيرة الاغاني التي تمجد الابتسامة، وكساء الناب بالذهب كان يسود في المجتمع بسبب أن الانياب اولى الاسنان التي تتعرض للتلف، بحكم أن الثقافة الغذائية السائدة في تلك الاوقات تعلي من البروتينات الحيوانية، وتأتي في مقدمتها اللحوم بمختلف اشكال طهيها، ولعل ارتباط كساء الاسنان بالذهب يعود الى ان الخط العلاجي الاول لاصابات الاسنان يعتمد على الذهب باعتباره انقى العناصر المعدنية واصلبها، وكساء الاسنان بالذهب ليس حكرا على النساء او الرجال، وان اشتهرت تلك الاسنان الذهبية عند النساء. تقول حاجة فاطة التي تضع نابا ذهبيا إن طبيب الاسنان وضعه لها في أواخر سبعينيات القرن الماضي بعد تكرار شكواها من الآلام المتكررة منه، مؤكدة ان الناب الذهبي كان بقصد العلاج، بيد انها تشير الى ان الناب الذهبي بات مميزاً لها عن بقية اترابها، مضيفة: «لطالما حسدتني صويحباتي على الجمال الذي اضفاه الناب». بينما يؤكد جلال عبد الله أنه كان يضع سناً ذهبية قبل ان يستبدلها باخرى من البلاتين، وأبان جلال ان سنه الذهبية كانت تضفي عليه وسامة جعلته في مكانة كبيرة عند رفاقه وزملائه، مشيراً الى ان تلك السن الذهبية جعلته من «اشهر الناس آنذاك»، وأبان انه تخلى عن السن الذهبية بسبب التغير في طريقة علاج الاسنان، مما جعله يتجه الى زراعة الاسنان باعتبارها الحل الجذري لمشكلاته مع الاسنان. والسن او الناب المكسو بالذهب ارتبط عند بعض الرجال بلبس الطاقية الحمراء التي كانت تعني قوة الرجل او كوامن الشر في داخل نفسه، وكانت الصورة الذهنية عن الرجل المكسوة سنه ويلبس طاقية حمراء أنه شر مستطير ويجب تلافي الاشتباك به، فالسن الذهبية تعني أن الرجل واجه عدة اشتباكات وجها لوجه مع خصومه، بينما الطاقية الحمراء كانت رمزاً لبطش وشجاعة وتمرد مرتديها، واذا اضاف الشخص عليهما سكيناً في «ضراعه» فالمعنى الحقيقي لذلك ابتعدوا عن الطريق والا واجهتم امراً جسيماً. ويبدو أن التطور التقني في علاج الأسنان وارتباط الناس بالحياة الحضرية المدنية، قد استأصل شأفة مظاهر الفتوة وإثارة المشكلات. الكساد يضرب سوق الاناتيك الخرطوم: وجدي جمال الاناتيك واللوحات التي كانت في السابق تجد لها رواجاً ولو قليلاً ومكانا ولو صغيراً في البيوتات، أخذت في الاضمحلال والاختفاء من صالونات وغرف المنازل، وأخذ سوقها يختفي تبعاً لذلك، فيما كان من قبل ينتشر عدد من باعة الاناتيك على طول شارع الغابة في مكانهم الشهير شرقي غابة السنط، فيما كان معظم العاملين في هذه التجارة من مواطني جنوب السودان الذين ابتدروا عملية هجر هذه الاعمال. وبحسب افادات احد العاملين في هذا المجال فقد شهد تراجعاً كبيراً من كل المناحي، كما يعد مواطنون هذا النوع من التجارة مجرد كماليات لا تهم الا فئة محددة من الناس. ويرى نحاتون وتشكيليون ضرورة الارتقاء بالذائقة الجمالية لدى المجتمع السوداني لتستوعب فنون العصر ويتفاعل المجتمع مع المعارض المقامة في هذا الشأن التي تبرز ثقافة المجتمع نفسه. ويقول طالب الفنون التشكيلية معتصم سليمان العامل في نفس المجال، ان جموداً كبيراً أصاب حركة سوق الاناتيك، مما دعا كثيرين لترك العمل في هذا المجال، مؤكدا ان السوق يمكن ان يعمل في اطار الحركة الخفيفة لجهة ارتفاع ارباحه احياناً، مبينا ان الاعمال اليدوية كانت محل رغبة في الماضي القريب، لكنه يعتقد أن ظروف الحياة اجبرت المواطنين على هجر هذه الاسواق، مشيراً الى ان أصحاب المحلات التجارية أصبحوا من رواد هذا السوق الذين يقبلون على شراء الاناتيك لتزيين محلاتهم خصوصا محلات الاثاث والديكور، كاشفاً أن عدد الاجانب الذين كانوا يرتادون السوق من حين الى آخر خفت حركتهم. وقال محمد سالم أحد مرتادي هذا السوق إن وجود الاعمال اليدوية والأناتيك مهم جداً في المنزل لجهة الناحية الجمالية، مبيناً ان الاهتمام بهذه النواحي في المجتمع السوداني قليل جداً، على الرغم من أنها تحمل معاني كبيرة، موضحاً ان هنالك تراثاً ضخماً للاعمال اليدوية السودانية في ظل تعدد كبير للثقافات في مختلف انحاء السودان، كاشفا عن انتشار الاعمال التشكيلية الجبصية قبل فترة، غير انها اصيبت بالفتور في الآونة الاخيرة. وقال عبد الرحمن كامل احد التجار إن المواطن أصبح يهتم بقوت يومه ولا يلتفت لاية جماليات، مشيراً إلى أن سوق الاناتيك كان مليئاً بالزبائن في السنوات الماضية خاصة في الاعياد ومناسبات الأفراح، اما الآن فالحال واقف تماماً، مضيفاً أن الزبائن غالباً ما يشيرون الى ان اسعارها مرتفعة. وارجع ذلك لاستجلاب أخشاب الأبنوس من ولاية كسلا بشرق السودان ومن جنوب السودان ايضاً، بينما يأتون بأخشاب المهوجني من الوسط والغرب، بالاضافة الى الالوان والجهد البدنى. ويشير صلاح جمال وهو نحات في مجال صناعة الاناتيك، إلى أن المراحل الكثيرة لهذه الصناعة جعلت سعرها مرتفعاً بجانب اعتزال بعض النحاتين المهنة، ماضياً الى ان المراحل تمر باختيار نوع الخشب المراد تشكيله ثم عملية رسم الأشكال عليه، وبعدها يقومون بالنحت، ويلي ذلك «التقشير» وبعدها «الصنفرة»، ويضيف: «هذه العملية ليست يسيرة، ولكل مرحلة نحاتون ومصممون عملوا في هذا المجال الفني عشرات السنين، وبعد الانتهاء من النحت ورسم الاشكال تأتي عملية الطلاء والتلميع باعتبارها آخر مراحل اللوحة». مواطنو سنار يحتجون على ارتفاع تكلفة الحج سنار : مصطفى أحمد عبدالله وعد وزير الدعوة والرعاية الاجتماعية ولاية سنار فضل المولى الهجا بعثة الحج السنارية على تقديم أفضل الخدمات والإرشادات للحجيج السناري ومساعدتهم في أداء مناسكهم مع التأكيد على دور البعثة الاتحادية التوعوي بالنسبة للحجيج. و قال سيادته في المؤتمر الصحفى الذى انعقد بمبانى المجلس التشريعى بولاية سنار إن الوزارة تعتزم توفير مطاعم تهتم بالذوق السودانى تلافيا لمعاناة العام السابق ،كما اقر نظام النافذة الواحدة لتكملة اجراءات الحجاج وذلك بعد تنزيل خدمات الحج هذا العام للولايات وذكر سيادته ان تكلفة الحج عن طريق البحر للعام 1433ه (10605جنيه ) وتكلفة الحج عبر الجو (12425جنيه) ولم يضمن فى اجمالى التكلفة مبلغ شيك الاعاشة .وتقرر ان يتم التسجيل بمركزي سنار وسنجة الساعة التاسعة صباحا اعتبارا من يوم الغد على أن يستمر التقديم حتى 29/شعبان او برفع الحصة.الجدير بالذكر ان الولاية قد استأجرت عمائر فى منطقة العزيزية . ان القرار الذى صدر من وزارة الرعاية الاجتماعية والدعوة باعتماد المبالغ المذكورة اعلاه شرط للقيام بتأدية فريضة الحج وجد اعتراضا من المواطنين الراغبين فى اداء هذه الشعيرة الهامة .صحيفة الصحافة.. نزلت الشارع وحاورت العديد من الناس ،محمد العاقب تاجر: تقدم بسؤال مباشر لوزارة الرعاية الاجتماعية هل تم عرض الامر على المجلس التشريعى لمراجعة التسعيرة؟لانه وبصراحة مثل هذه القرارات تمثل اعباء جديدة علينا وخاصة فى وقت يعانى منه المواطنون حالة من الانفلات فى اسعار السلع والخدمات وسط غيبة من الرقابة الحكومية على استغلال البعض ودون مواجهة المحتكرين .وأضاف العاقب ان هذه الزيادات فى اسعار خدمات الحج جاءت بالتوازى مع الارتفاع غير المبرر فى اسعار معظم السلع والخدمات ولا تتناسب مع دخل المواطن والحالة الاقتصادية المتدنية للولاية حيث لم تتجاوز كلفة الحج العام الفائت الثمانية مليون جنيه . ولفت عيسى عبدالله معاشى الى ضرورة الزام الوزارة على تقليل اعداد المرافقين للحجاج من البعثة الرسمية والتى تتكون فى الغالب من اداريين وائمة ومرشدين واضيف اليهم ضباط صحة هذا العام واطباء ..وتابع فى كل خمسة واربعين حاجا هل يجوز ان يكون هنالك امير ،وعلى من تكلفة كل هذا الجيش الجرار؟هناك بالمملكة مرشدين ودعاة ولاحاجة لنا بكل هؤلاء لانه وبصراحة يقلل عدد الحجاج لان الفرص محدودة اساسا ..والسؤال كيف يتم اختيار الامراء؟اوليس هنالك تقييد وضوابط وشروط للامير؟ ويقترح ياسر حسن صاحب احد مراكز الاتصالات ...ان يتم التعاقد مع احدى الشركات لتفويج الحجاج ولخلق نوع من المنافسة يستفيد منها الحاج نفسه ،فمثلا يتم التعاقد مع شركات الطيران المصرية او الجزائرية لنقل الحجيج السنارى ،ونرجو ان تتم دراسة تقليص عدد ايام وجود الحجاج فى المملكة حيث يقول بعض الائمة ان المدة المثلى لاداء فريضة الحج لاتتجاوز العشرين يوما وهو ما يؤدى الى تقليل تكلفة الحج . وطالب عدد من المواطنين رفع شكواهم للمسئولين للتظلم من ارتفاع رسوم الحج هذا العام خاصة ان مثل هذه الزيادة قد تحرمهم من نيل احدى الحقوق الانسانية لهم كمسلمين .واكدوا التزام مسئولى الولاية برفع الرسوم حتى ولو كانت كما ظلوا يرددون انها لاتتجاوز المائة جنيه والبحث عن بدائل لمساعدة الحجاج دون تحميلهم اعباء جديدة . وصرح عبدالمنعم الطيب مدير الاوقاف محلية سنار ان ولاية سنار تعتبر الاقل سعرا فى تكلفة اداء فريضة الحج هذا العام من بين سائر الولايات ..وارجع سيادته سبب زيادة الرسوم مقارنة بالعام السابق الى ارتفاع تكاليف الخدمات المقدمة للحجاج عموما .واضاف ارتفاع اسعار السكن فى مكة والمدينة ،كذلك زيادة الرسوم المدفوعة لشركات الطيران والبواخر ،وارتفاع خدمات المشاعر الدينية كالطواف والقدوم كانت سببا فى ذلك الارتفاع خاصة ان سعر الجنيه السودانى انخفض كثيرا مقابل الريال مواطنون بكسلا ينتقدون أداء هيئة مياه الشرب كسلا: سيف الدين آدم هارون دفع مواطنون السوق الشعبي مربع «4» الجزء الشمالي الغربي فاتورة إهمال هيئة مياه الشرب بولاية كسلا التي فشلت في معالجة كسورات المياه المتدفقة من ماسورة الخط الرئيس «8 بوصة» لأكثر من شهر، وذلك بعد قيام عدد من عمال الهيئة بإزالة التراب من الخط الرئيس بقصد المعالجة، فقاموا بحفر جدول على الأرض بطول أكثر من عشرة أمتار على امتداد الخط، وأصبحت تلك الحفر كالمستنقعات لتشكل مصدر خطورة دائمة للصغار والكبار، عطفاً على تسببها في تردي البيئة الذي نتج عنه توالد الباعوض والذباب، علاوة على تصدع بعض منازل المواطنين بسبب تدفق المياه المستمر، وشهد الحي سقوط طفل في الرابعة من عمره داخل احد المستنقعات التي تحولت الى مسابح بعد فشل الهيئة في معالجة امر الكسورات، وأنقذت العناية الإلهية الطفل أحمد إسماعيل بأعجوبة، وسجلت «الصحافة» زيارة ميدانية للحي، وتحدث المواطن أحمد آدم أحمد بحرقة وقال: ظل الجدول بهذا الوضع الغريب لأكثر من شهر، وقام معظم سكان الحي بتبليغ الهيئة التي قامت بمحاولات خجولة عن طريق بعض العمال، وبدل معالجة الخط «زادوا الطين بلة»، وقاموا بفتح الخط بواسطة المعاول التقليدية من شاكلة «الكوريك والأزمة والطورية» ووضع بعض الأنابيب وإطارات السيارات في أماكن الكسورات بغية إيقاف تدفق المياه، وقبل مغادرتهم عادت المياه للتسرب. والأدهى والأمر والأخطر من كل ذلك سقوط طفل في الجدول الذي تم حفره، ولولا عناية الله لفارق الحياة غرقاً. ويقول إن هذا الوضع أسهم في حدوث تردٍ بيئي خطير، بجانب التصدعات التي طالت المنازل بسبب التسريب المستمر للمياه، متهماً الهيئة بالتقصير وعدم الجدية. ومن جانبه قال المواطن عثمان شرف إن الهيئة حريصة على تحصيل الأموال دون الالتفات لقضايا المواطنين ومشكلاتهم لحلها، وأضاف شرف أن المشكلة أكبر من إمكانات المواطنين لجهة ان المواطن يستطيع معالجة المشكلة التي تتعرض لها المواسير الصغيرة وليس الخطوط الكبيرة، وأضاف مواطن آخر أنهم منعاً لغرق أطفالهم في الجدول عملوا على مراقبة تحركاتهم داخل الحي وتشديد الرقابة عليهم وتنبيه كبار السن، وذلك حتى لا يحدث لهم مكروه. وناشد المواطنون وزير التخطيط العمراني التدخل العاجل لحل هذه المشكلة التي أصبحت تشكل هاجساً كبيراً وخطراً على حياتهم. الأمراض المرتبطة بالمياه تهدد مواطني شمال كردفان الأبيض: عمر عبد الله كشف وزير الصحة الاتحادية امام مجلس الولايات أخيراً، عن ارتفاع نسبة الاصابة بالتهاب الكبد الوبائي. واشار إلى اصابة ووفاة «454» حالة خلال الفترة الماضية، وكان انتشار الوباء في عدد من انحاء الولاية قد أثار علامات من التعجب والقلق وسط المواطنين الذين تساءلوا عن اسباب انتشاره، وطالبوا بضرورة محاصرة الوباء حتى لا يفتك بالمزيد من الانفس. ولمعرفة اسباب انتشاره استنطقت «الصحافة» الدكتور اسماعيل بشارة وزير الصحة بولاية شمال كردفان الذى قال إن الاصابات المذكورة في التقرير إصابات تراكمية منذ عام 2007م. وقال إنهم لاحظوا في عام 2010م أن هنالك ارتفاعاً في عدد الإصابات في المنطقة الغربية مثل صبى وابوراى وام دفيس، وذلك بعد إجراء مسوحات للمناطق التى وردت منها التقارير عن وجود إصابات، وقال بشارة إنهم استعانوا بفرق من صحة البيئة وأتيام الوبائيات الاتحادية، وكانت النتيجة أن أغلب الإصابات ناتجة عن مشكلات المياه خاصة في مناطق الصخور الاساسية، حيث يعتمد المواطنون في شربهم على الأحواض الخرصانية والحفائر والصهاريج دون مواصفات. وقال بشارة إن مصادر المياه غير الآمنة ارتبطت ببعض الفيروسات المرتبطة بالمياه، وأوضح إن هنالك أسباباً أخرى لانتقال الفيروس، منها طريقة عرض المأكولات و«التشليق» بالأمواس المستعملة، إضافة إلى عدم وعي أغلب المواطنين بكيفية انتقال المرض، ولكن يبقى السبب الاساسى وهو المياه الملوثة. وأكد بشارة أن جهودهم لم تتوقف لتقليل الإصابة واحتوائها، وذلك بالتضامن مع مشروع إصحاح البيئة والمنظمات والمياه ووزارة الصحة الاتحادية. وقال إن جهود الصحة الولائية وحدها لا تكفى لمحاصرة المرض، بل يتطلب ذلك تعاون وزارة الموارد المائية والمجتمع المدنى وإصحاح البيئة والجهات ذات الصلة بجودة المياه، وهناك عمل جارٍ تنفيذه مع وزارة الصحة الاتحادية لتوفير فلاتر لتنقية المياه وصهاريج وأحواض نموذجية عبر شركات مختصة بأسعار مخفضة، إضافة إلى تمليك الوزارة أجهزة لفحص المياه، إلى جانب تدريب العاملين على التعامل معها. وقال بشارة إن أتيام المتابعة مستمرة في أداء عملها، وآخر تيم كان بمحلية الخوى قبل أسبوع، وبدأنا مع مشروع درء آثار الجفاف في عمل لتحسين مصادر المياه. وفى جولة قامت بها «الصحافة» قبل ثلاثة أشهر شملت سبع محليات شمال وغرب الولاية، أكدت حديث الوزير حول تلوث المياه التى يشرب منها المواطن، حيث رصدت «الصحافة» حينها أن المواطن والحيوان يشربان من مصدر واحد عبارة عن حفير، كما أن أحواض تخزين المياه التقليدية انتشرت في معظم قرى المحلية الغربية، ويتم تشييدها في العراء دون مواصفات صحية، مما يجعلها عرضة للتلوث. ولاستحالة حفر آبار أو دوانكى حيث أن المناطق آنفة الذكر منطقة صخور أساسية، كان الحل لتوفير المياه عبر تلك الأحواض والحفائر المكشوفة، كما رصدت «الصحافة»، عبر استطلاعها مختصين، أن معظم الأمراض مثل «الكبد الوبائى والبلهارسيا» ناتجة عن انتقال الفيروس أو العدوى من تشاد إلى دارفور إلى المناطق الغربية والشمالية من ولاية شمال كردفان، حيث وجدت المناخ الملائم لها في المياه الراكدة في الحفائر والخزانات والمياه التقليدية، مما يتطلب جهداً أكبر من الدولة لمحاصرة المرض، حيث أن المشكلة ليست مشكلة وزارة الصحة وحدها، بل مرتبطة بجهات أخرى ذات صلة. المطمورة.. آخر المعارف التقليدية التي اندثرت ولايات: «الصحافة» يرى الحاج عثمان محمد الفاضل الذي يعمل مزارعاً بولاية الجزيرة أن المتغيرات التي ضربت المجتمع السوداني اذهبت بالكثير من الاشياء الجميلة، ويقول بعد أن اخذ نفساً عميقاً وكست وجهه ملامح حزن: «كل شيء كان جميلاً خاصة العلاقات التكافلية بين الناس». ويشير في حديث ل «الصحافة» رداً على سؤال حول الاثر الاجتماعي لاختفاء المطمورة والسويبة، وهي كانت مواعين تخزين محلية للحبوب وابرزها الذرة والدخن، قائلاً إن المطمورة كانت وجهاً جميلاً لتفاصيل الحياة في الماضي، مبيناً أنهم كانوا يضعون فيها ما يتم حصاده حتى لا يتعرض للتلف، وانها لم تكن تمثل مخزنا للقوت فقط، بل كانت احدى ادوات التكافل في المجتمع. ويكشف رجل ستيني يدعي احمد حماد وهو مزارع من شمال كردفان، الجانب التكافلي الذي كانت تلعبه المطمورة قائلاً: لم نكن نحمل هما للغد، وذلك لأن وجود المخزون تحت الارض كان يمثل لنا ضمانا ضد الايام، وعلاوة على ذلك كان خير المطمورة لا يقتصر علي مالكها ولا أهله، بل يمتد ليشمل الفقراء والارامل والايتام. والسويبة للذين لا يعرفونها، عبارة عن تخزين فوق الأرض، ويتمثل في بناء مبانٍ طينية مقفولة تماماً، وتعتبر تخزيناً جيداً وحماية ضد الفئران والرطوبة العادية، اما المطمورة فهي عبارة عن تخزين تحت الأرض، في شكل حفر معزولة الهواء وضد الرطوبة، كما أنها رخيصة التكاليف، وهنالك التخزين في الغرف والقطاطي وذلك بحفظها في جوالات، الا ان مشكلة الوقاية من الآفات تمثل مشكلة لهذا النوع من التخزين، كما ان التعفير الكميائي يعتبر خطراً ومكلفاً، وهنالك طرق للمكافحة التقليدية باستعمال السناج والرمل مواد واقية خلال التخزين، وبالرغم من أن استهلاك الذرة والدخن يعم غالبية السودان، الا أن تقانات التصنيع لا تواكب ذلك المدى، كما ان التصنيع التقليدي تقوم به النساء ويأخذ كثيراً من الوقت والجهد، وتشير دراسات الى ان 75% من الحبوب المنتجة محلياً سواء غلال او بقوليات يتم تخزينها محلياً بواسطة المزارع مما يزيد نسبة الفاقد خلال التخزين، كما أن أغلب المزارعين يرغبون في تخزين المنتوج اطول فترة ممكنة باعتباره مخزوناً استراتيجياً. وتؤكد الدراسات والإحصائيات أن نسبة فاقد بعد الحصاد تتراوح بين 20 30%، وهذا الفاقد كماً وكيفاً يعتبر سبباً لتحسين ظروف معاملات ما بعد الحصاد. ويعود الحاج عثمان محمد الفاضل للإشارة الى ان المطمورة لم يعد لها وجود مثلما كانت في الماضي، وذلك لأسباب متعددة أبرزها تراجع نسب الانتاج عما كان عليه في الماضي، عطفا على تغيير النمط الغذائي في السودان الذي بات ينحصر في القمح خاصة في وسط السودان، الا ان الحاج عثمان بدأ حزينا على ضياع قيمة التكافل، وقال إن اتجاه المزارعين لبيع المنتج من المحاصيل كاملاً نسبة للظروف الاقتصادية قلص من الكميات التي كانت تذهب للفقراء والمساكين حينما كان المخزون يتم وضعه في المطمورة. الا ان المواطن سيف الدين عباس يرى ان الظروف الاقتصادية وتردي الزراعة من الاسباب التي أسهمت في اندثار ثقافة المطمورة ومساعدة الفقراء، وقال إن المزارع في الجزيرة والقضارف وغيرها من ولايات السودان كان بمثابة ديوان زكاة متحرك، فقد كان يفتح منزله ومطمورته للفقراء. ويقول سيف الدين ان المزارع الآن تحول الى فقير يبحث عن الزكاة مثل غيره من الفقراء، وبدا هاشم متحسراً على تلاشي الكثير من القيم والموروثات التي كانت تميز المجتمع السوداني الذي قال إنه اكتسب خصوصيته بسبب الصفات الجميلة التي كانت تميزه، ومنها إعلاء قيمة التكافل.