شاركت المغنية الكندية من أصل جزائري ليندا تالي على طريقتها في الألعاب الأولمبية 2012 بلندن إذ أقامت حفلين فنيين، الأول في الهواء الطلق قرب متحف "ألبرت هول" والثاني بالمعهد الفرنسي. عندما تسأل ليندا تالي كيف أصبحت أحد رموز الأغنية الكندية وأبرز فنانة شمال أفريقية في مقاطعة كيبيك، تنظر إليك بمزيج من الاستغراب والاستخفاف والاستياء، وتكاد تدير وجهها عنك. لكنها سرعان ما تستعيد توازنها وتبتسم فتقول بهدوء: "أصبحت ما أنا عليه بفضل رغبتي في النجاح وبالعمل". إلا أن المغنية قرأت بين السطور وفهمت أن السؤال المطروح عليها هو في الحقيقة تساؤل. تساؤل حول بلوغها مركزا مميزا بين الفنانين الكنديين، لاسيما الفرنكوفونيين، إلى درجة أنها تمثل بلدها في المحافل الدولية؟ فأضافت وكأنها تريد حسم الأمور: "أصبحت إحدى رموز الأغنية الكندية لأنني كندية كأية مواطنة أخرى، لها حقوق مثلما عليها من الواجبات". من أزقة الجزائر العاصمة إلى مونتريال ليندا تالي جاءت إلى لندن ممثلة للفرنكوفونية لإحياء حفلين، الأول كان السبت الماضي بالهواء الطلق، بالقرب من متحف "ألبرت هول" العريق، والثاني الأحد بالمعهد الفرنسي رفقة المغنية الفرنسية من أصل جزائري سعاد ماسي. ليندا تالي كندية من أصول جزائرية، ولدت بمدينة وهران (450 كلم غرب الجزائر العاصمة) في يونيو/حزيران 1978 وترعرعت في أزقة وأحياء العاصمة الجزائرية لغاية سن السادسة عشر، وتقول المغنية مستعيدة ذكرياتها وأنفاسها إن والديها كانا من الجزائريين الذي فروا من الإرهاب الذي عصف ببلدها طوال سنوات التسعينات من القرن الماضي للجوء إلى مونتريال. في مونتريال، بدأت ليندا وعائلتها حياة ثانية بعيدا عن الجزائر وعن الأصدقاء. وعنهم تقول "كم هو صعب أن تترك كل شيء اعتدت عليه وأن تهجر كل الأشخاص من أفراد العائلة والأصدقاء والأحبة الذين قضيت معهم كل أوقاتك، فتغادر وترحل إلى بلد بعيد لا تعرف عنه شيئا". وإذ فهمت ليندا مغزى التساؤل الذي طرح، انطلقت في سرد مدقق ومطول يتخلله الحنين لأطوار حياتها الكندية ونجاحاتها الفنية، وقالت إنها سعيدة بتمثيل بلادها ومدينتها في مهرجانات دولية عديدة، مشيرة إلى أن الكنديين لا يتعاملون مع مواطنيهم حسب الأصل أو العرق أو الجنس أو الديانة. وتابعت: "صحيح أنني وصلت إلى مونتريال في سن السادسة عشر، لكني تأقلمت بسرعة مع نمط الحياة الكندية ولم أجد أي مبرر يمنعني أن أكون كندية مئة في المئة، وأن أفتخر وأعتز ببلدي، فلما تشرفت بحمل رمز الفرنكوفونية باسمه أدركت معنى وثقل المهمة التي أسندت إلي فازددت سعادة وفخرا". جولة عالمية في 2013 قد تتضمن محطة اسمها الجزائر ألفت ليندا تالي ألبوها الرابع المقرر صدوره في شهر أيلول/سبتمبر المقبل، وهي تتحضر وتحيي الحفلات تلو الأخرى استعدادا لجولة عالمية ستقوم بها في 2013، وتريدها أن تكون "جميلة وناجحة تجمع بين عشاق الطرب أينما كانوا"، وتريدها أن تتضمن "مرحلة اسمها الجزائر". وما إن ذكرت الجزائر إلا وأوقفتك المغنية، مستفسرة عن ذالك أو ذاك، معلقة على أحداث بلدها الأم الذي لم تنس منه شبرا. فتسألها وتبرق عيناها دمعا من الفرح والحنين، وتكتفي بالقول: "إن الجزائر تجري في دمي دائما وأبدا". وتواصل: "سيكون اليوم الذي أغني فيه بالجزائر الأسعد في حياتي، لأنني أحب بلدي الأصلي وأشتاق إليه كثيرا في كل لحظة من حياتي". وبانتظار ذلك اليوم الجميل، تواصل ليندا تالي الكندية الجزائرية اعتزازها ب "الانتماء إلى بلدين في نفس الوقت وإلى ثقافتين متكاملتين لا تبغي إحداهما على الأخرى". وتواصل في قضاء حياة مريحة سعيدة رفقة زوجها وابنيها. وهي دائما تفكر في الجزائر...