مسلسل 'أخت تيريز' الذي عرضته قناة كايرو من بطولة حنان ترك وشارك في كتابة السيناريو والحوار كل من بلال فضل وهشام أبو المكارم وحمدي عبدالرحيم جاء لينبش في تفاصيل ما يحدث في المجتمع المصري من مشاعر الأقباط المسيحيين والمسلمين تجاه ما يدور بينهما وحولهما. ورغم أنه يطلع من لا يعيش في مصر على رأي الطرفين ببعضهما البعض، إلا أن المسلسل جاء مملاً فجاً لا يشجع المشاهد على انتظار الحلقة القادمة لعدم وجود حبكة درامية يمكن متابعة فصولها. بشكل عام المسلسل هو اقرب لعمل توثيقي منه إلى درامي أو هو سرد لأحداث. لكن على ما يبدو أن البعض راهن على نجاحه لأن حنان ترك من ضمن الممثلات القليلات المحجبات وكونها تلعب دور قبطية مسيحية متشددة، أوحت للبعض بأنها ستثير فضول المشاهدين وترفع نسبة المشاهدة. بينما مسلسل 'الخواجة عبد القادر' وهو مسلسل مصري من إخراج شادي الفخراني وتنفيذ محمود كريم رفعت وتأليف عبدالرحيم كمال، يناقش أمر التدين ولكن بطريقة مغايرة. المسلسل من بطولة عملاق الدراما المصرية المحبوب يحيى الفخراني. العمل برمته يعتبر إبداعاً بكل المقاييس، ابتداء من القصة التي تطل على عالم المتصوفين من خلال الخواجا القادم من بريطانيا في فترة عقبت الحرب العالمية الثانية، وتأثره بطيبة أهل السودان وبساطتهم ومن ثم اعتناقه الإسلام لتستقيم حياته بعد أن كان يائساً. ثم انتقاله بعد ذلك للعمل في محجر في مصر ليتعرف على مجتمع مسلم آخر يغاير ما عهده في السودان. يطل هذا العمل الدرامي على عمق تأثير الموسيقى على النفس البشرية وتقبل الإنسان للتدين من خلال التراتيل وتشكيل الصوت والنغمة. رافقت المسلسل موسيقى تصويرية في غاية الروعة خصوصاً النشيد الصوفي الذي يجعل الروح مسكونة بالمناجاة. استطاع المخرج في هذا المسلسل المقارنة بين أنماط التدين في تلك الحقبة والتدين في الفترة القريبة التي أصبح فيها الدين مسيساً وأقرب إلى العبء أو التهمة وأشار بشكل ضمني إلى التدين الفطري الخالي من التشدد والذي يعتمد على مفاهيم الرحمة والمغفرة وتقبل طقوس العبادة حسب المقدرة، وما آل اليه حال المسلمين نتيجة التمسك بالمختلف عليه. توفق المخرج في اختيار أماكن التصوير، ابتداء من البيئة البريطانية أثناء الحرب العالمية الأولى إلى مناطق تكسير الحجارة في السودان، ثم الريف المصري. المسلسل السوري 'بنات العيلة' من إخراج رشا شربتجي وتأليف رانيا البيطار، عكس أيضاً الاهتمام الحالي بقضايا الدين والمجتمع من خلال قصة إحدى شخصياته التي تلعب دور فتاة مسيحية تزوجت من رجل مسلم تحبه. ورغم أنهما سعيدان بزواجهما إلا أن عائلتها أخذت منها موقفاً في غاية الشدة لأنها خرجت عن المألوف. بينما عرضت شربتجي أسرة الشاب على أنها متقبلة لزواجه من امرأة مسيحية وإنجابه طفلا منها رغم بقائها على دينها. هذه الفانتازيا قد تكون غير واقعية. ومن الجدير بالذكر أنه لم يجرؤ أحد من مخرجي الدراما العربية على انتاج عمل يناقش الحالة معكوسة، أي زواج بين امرأة مسلمة ورجل مسيحي. ربما لأن هذا نادر الحدوث جداً، وربما لأن مجتمعنا العربي مجتمع ذكوري بامتياز يدافع عن حق الرجل بالاختيار ويستهجن ذلك على المرأة. لكن الأهم من كل ذلك أن جميع شخصيات الأدوار من الممثلات المشاركات هن من الجميلات المرسومات على المسطرة، لا يوجد بينهن من تعاني من سمنة زائدة أو إعاقة أو لديها شعرة ليست مرصوفة في مكانها كما لم ترتد أياً منهن حذاء يقل ارتفاعه عن 10سم. بامية بالموزات بشكل عام الغالبية العظمى من الأعمال التي عرضت في رمضان 2012 تعكس تفشي التوجه التجاري في الانتاج، وتفتقر إلى التأني واحترام ذكاء المشاهد، إلا ما رحم ربي. بل وتعكس سطحية في تشكيل العمل الدرامي. أكثر الأعمال استهتاراً بذكاء المشاهد، عمل قام بمزاوجة برنامج طبخ مع شبه مسلسل سوري عنوانه 'زنود الست' بطلته الفنانة السورية وفاء موصللي. فشل هذا العمل الهجين فشلاً ذريعاً وجاء مسخاً لا يشبه أيا من أبويه. في الحلقة الأولى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. إذ تقوم اثنتان من النساء بالمرور من زقاق دمشقي. ثم تطرقان باب بيت لا تعرفان سكانه، وترحب بهما ست البيت أيما ترحيب. وتدعوهما على طبخة بامية بالموزات وتطبخ لهما وهما تتجولان في غرفة نومها بشكل متطفل ودون سابق معرفة بها على الإطلاق. والأدهى من ذلك وأمرّ أن لهؤلاء النسوة سابقة من ذات العمل، إذ تسردان كيف قامتا بالتطفل على بيت آخر من قبل، عندما قادتهما رائحة الباميا بموزات اللحم في إحدى حواري الشام. فتتبعتا الرائحة إلى أن وصلتا البيت الذي تفوح منه رائحة الطعام فطرقتا باب غرباء وطلبتا الغداء عندهم ولبي طلبهما. يبدو أن كاتب هذا العمل'يغطس في غيبوبة، ولا يعلم بأنه لم يعد أحد يستطيع زيارة الآخرين ورفع الكلفة، ولا حتى مع الأقارب دون موعد مسبق. وأنه لم يعد هناك من يفتح باب بيته للغرباء دون توجس وشك ووسواس لأنه لم يعد أحد يثق بأحد، وأنه لا يوجد هناك من مختل يلبي طلبات غريب دخل بيته وخصوصاً من يطلب منه بأن يطبخ له وجبة معينة وكأنه يدير مطعماً، ناهيك أن يكون ذلك الطلب بامية بموزات اللحم. وأن الأسواق السورية لا يوجد فيها حالياً لا موزات ولا باميا. الشيء الوحيد الملفت للنظر في هذا العمل هو عدد المرات التي قالت فيها وفاء موصللي لابنتها 'يخرب بيتك من حالك' وعدد وصلات الردح والشتيمة، وإقناع المشاهد بأن النساء السوريات يجتمعن منذ طلوع النهار ليرقصن ويغنين ويطبلن بمجرد خروج أزواجهن للعمل في الصباح. مزاوجة برامج الطهي مع الغناء أو حشر الطبخ مع الدراما مشروع فاشل بامتياز. وعلى ذكر 'الطبيخ' قدمت قناة 'الشرقية' سلسلة وصفات بعنوان مائدة لميس. وقامت إم بي سي بنسخ الحلقات على موقعها 'شاهد'. وللذكر لا الحصر، عكست الحلقة 17 ما يمكن أن يتم تدويره كفضيحة لو كانت الحلقة قد بثت في قناة غربية. إذ لم أر في حياتي امرأة تقوم بالطهي ولا تراعي أبسط قواعد الوقاية الصحية. كان شعرها يتدلى فوق إناء التحضير، واظافرها طويلة جداً تكاد تخرطها مع الفجل الذي كانت تشرحّه، كما ارتدت مجموعة من الخواتم والأساور التي كانت تتدلى في وعاء التحضير. فهل يعقل أن تفتح شهية إنسان وهو ينظر لكل هذا. لكن لحسن الحظ، اكتشفنا أن الفاضلة مقدمة البرنامج لديها كفوف مطبخ لكنها لم تستخدمها لأن أصابعها وجمال أظافرها وإكسسواراتها أهم من النظافة والوقاية الصحية واظافرها مقومات إعلامية غاية في الأهمية. لكن كيف اكتشفنا أن لديها قفازات مطبخ؟ لقد اكتشفنا ذلك عندما احتاجت مضطرة لارتداء فردة قفاز، لخلط شرحات البصل باليد لئلا تعلق الرائحة بيدها، ومع ذلك بدت اظافرها مختنقة تصارع للتحرر من وراء المطاط. بعد كل هذا العبث تنهي هؤلاء السيدات برامجهن بتمني الصحة والعافية للمشاهد. الحقيقة أن مثل هذه البرامج التي تحتلها الاظافر والشعر المنسدل فوق الأطباق هي التي تسدّ الشهية. كاتبة واعلامية من فلسطين تقيم في بريطانيا القدس العربي