فوضى الشوارع انظر في حركة السيّارات، وعبور المشاة للطرق، وشكل الطرق تدرك نوع الإنسان، وفي أي مدينة، وفي أي بلاد!! **** تلفزيون المليار الأستاذ إبراهيم صديق مدير التلفزيون الرسمي أكد في حوار صحفي أنّ التلفزيون صرف مبالغ كبيرة .. «540» مليون جنيه بالقديم.. وهنالك صرف إداري وهندسي وهذا ليس مرتبطاً برمضان فقط.. تقريباً، هنالك «600» مليون أخرى. مع علمنا التام بتكاليف الانتاج التلفزيوني؛ لكن هل ما قدمه التلفزيون للمشاهدين خلال شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك يعادل هذا الرقم الفلكي.. وما هي حكاية الضيوف والصرف الكبير.. ولماذا لا يزال التلفزيون يتعامل بأنّه " مؤتمر وطني" حتى في طريقة صرفه البذخي. *** محمود عبد العزيز كنت أفكر في الكتابة عن المطرب الشاب محمود عبد العزيز " كظاهرة فنية" وإذا بي أتفاجأ بمقال للدكتور حيدر إبراهيم يكتب مقالاً يوم الخميس بالماضي، أطلعت عليه على عدد من المواقع الإلكترونية يصب فيه جام غضبه على " حوتة"، أو "الحوت مثلما يلقبه معجبوه، ومع اتفاقي مع الدكتور الكبير في معظم ما كتبه في المقال هو "الهدر الإنساني" وعلاقة الأنظمة الشمولية والاستبدادية بذلك، وما سعت " الإنقاذ" في تقديمه من مشاريع " روحية وإن كانت خاوية المضمون، إلا أنّ الدكتور حيدر ألهب ظهر الشاب محمود عبد العزيز جلداًَ مؤلماً؛ وأخذه "كرمز أو أيقونة للدلالة والإشارة لتجسيد وقائع الشمولية لنفسها في إنسان"، فالشاب محمود مبدع، وقع ضحية لنظام الإنقاذ بل قاوم كثيراً من الضغوط التي فرضت عليه وطوقته في تسعينيات القرن الماضي، فطالبوا بالغناء " الجهادي" مقابل الصمت " عن سلوكه الشخصي"، وهو شأن يخصه هو في المقام الأول لكنّه لم يستسلم، وظل يغسل كآبة الزمن الانقاذي بغناء جميل " سكت الرباب" وترديد أغنيات الحقيبة في وقت كان فيه النظام يفرغ أغاني الحقيبة من محتواها في أزمنة الهوس الديني والشعارات الأكذوبة، ويملأ تلك الألحان الشجية " بأهازيج انقاذية" وتفريخ فرق" صفوة الصبية المتأسلمين"، ففي تلك الفترة، وكنا قد عاصرنا زمناً ليس قصيراً منها بين الجامعات، وشوارع العاصمة البائسة، وكان الشباب والطلاب منقسمون فيما بينهم" السياسيون والمناضلون وأحباب الوطن" يلاحقون حفلات عركي البخيت، وعقد الجلاد، وكاسيت مصطفى سيد أحمد، ومن يريد الغناء " الصرف" بمن فيهم معشر المناضلين كانوا يلهثون خلف محمود عبد العزيز، ونادر خضر، أمّا الانقاذيون فكانوا ما بين غناء "الحماسة" وقيقم، والفرق إيّاها، ومدائح الاستهلاك مثلما أشار الدكتور حيدر، وما بين هؤلاء وأولئك "أغاني البنات والمتشبيهن بهنّ"، وهي شرائح ليست صغيرة، بل تمثل نتاجاً طبيعياً لنظام مثل الإنقاذ، ولمشروع مثل الذي يطلقون عليه "المشروع الحضاري"، وليس بالضرورة أن يكون محمود مغنياً للوطن، أو النضال، فهو يغني للحب والجمال، وإلا شمل التصنيف فنانين كبار غنوا، وأبدعوا خلال عهود شمولية، أو استعمارية مثل سرور وكرومة وعثمان حسين وإبراهيم عوض وزيدان إبراهيم وعبد القادر سالم وخوجلي عثمان، وببساطة كم من الفنانين السودانيين قاوموا شراسة الأنظمة الاستبدادية. أما إذا كان القصد صحة الشاب محمود، فهو مشهور منذ زمن بعيد "بنحافة الجسد" ويتحدث الناس عن " مزاج" أدخله حراسات الإنقاذ وألهب ظهره بسياطها لأنّه ليس منها، أمّا هُيام الشباب به، فهي ظاهرة اجتماعية معروفة، فشباب اليوم مثلاً يلتف حول" أحمد الصادق"، وفي مصر " تامر حسني" وفي زمن ما " محمد منير". محمود عبد العزيز "ظاهرة فنية"، و"حالة اجتماعية" وعن فنه لا أعتقد أنّ به تسطيحا، أو تجهيلا، أما ظهوره الأخير؛ فالمناسبة حتى والدتي " غير المتعلمة" لاحظت حالة الشاب، وعبّرت عن إشفاقها عليه، فهي تحبه لأنّ معظم أفراد الأسرة يحبونه، لا كونه رمزاً للتسطيح، وإنما رمزاً لفن جميل، وتجدني أتفق مع الدكتور حيدر في أن بعض الشباب ربما يأخذ تمرد محمود " رمزاً" ، وليس كل الشباب، لكنّها حالة "القهر والهدر"، وسبق أن علقت على أمر صحة الشاب مع أحد المقربين منه، وهو أمر يدفعنا نحو الاهتمام به، وانتشاله من حافة سوء قريبة. وأبدي أسفي أنّ محمود كان مقرباً أو قريباً من الحركة الشعبية لكنها لم تفعل له شيئاً فيما يتعلق بتطويره كفنان وشاب، كما لم تستفد منه، في تفعيل فنّه لمصلحة السلام، أو رؤى السودان الجديد، أو توظيف شعبيته الكبيرة. وهو أمر مؤسف؛ وكان يمكن أن تشكل الحركة الشعبية ملجأً لفنانين ومبدعين كبار غير محمود عبد العزيز، لكنّها عجزت عن تقديم مشروع ثقافي أو إبداعي يستوعب هذه الطاقات الكبيرة. محمود عبد العزيز "خامة صوتية نادرة"، ومطرب يمتلك ناصية التطريب، ويمكن أن يتحول إلى مشروع كبير، لو وجد الاهتمام، وللأسف كما قال الدكتور حيدر إبراهيم "ولكم أن تتصوروا أن كل هذا يحدث لشاب غض عديم التجربة والحنكة والمهارة. فهو محاط بالكثيرين، ولكنه في نفسه لا يجد من يتعاطف معه. وهذه ظاهرة في المجتمع الشمولي، إذ تعمل الدولة على خلق كتل جماهيرية أو حشود ولكنها تفتقد التعاطف والعمل المشترك المستمر والحميم. لأنّ هذه هي السياسة التي يخشاها ويمنعها النظام الشمولي. فهو يريد أعداداً كبيرة من البشر تلتقي في ميدان عام وتهتف بتشنج لفترة ثم ينصرفون على عدم اللقاء بصورة منتظمة. وهو قد ساهم كمفعول به في تثبيت ثقافة الشمولية هذه من خلال حفلات تضم الآلاف ثم ينصرفون حتى حفل آخر". من لم يطلع على مقال د.حيدر ابراهيم على : http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-6920.htm