دمشق - لا تقتصر مساندة الاحتجاجات ضد السلطات السورية على الشارع، ففي فضاء الفيسبوك يجد كثيرون متنفساً للتعبير عن تأييدهم للتظاهرات المستمرة منذ أكثر من خمسة عشر شهراً، إلا أن كثيرين فضلوا أن يعلنوا مناصرتهم للمعارضة عبر إنشاء حسابات جديدة غير تلك المعنونة بأسمائهم الحقيقية تارة لاسباب أمنية واخرى لأسباب تتعلق بجذب المزيد من المتعاطفين عندما يكون الاسم ذو قيمة رمزية في الذاكرة الجمعية للمجتمع . تقول هدى وهي طالبة جامعية " لدي اكثر من حساب على مواقع التواصل الاجتماعي ، فيس بوك وتويتر وغيرهما ، يهمني ان أكون باسمي الصريح فقط مع مجموعة مختارة من الاصدقاء هنا ستكون الصراحة واضحة وحقيقية ، لكنا نعرف بعضنا بشكل واقعي لا بشكل افتراضي ، لكن الاسماء الوهمية استخدمها لمناصرة الثورة واحرص أن لا تعرفني السلطات المحلية أو الشبيحة مثلا . وتبتسم هدى وهي تقول " طبعا لدي عدد من الاصحاب ، لا يؤمنون بذلك فهم لا يخافون مثلي ". بالمقابل يفعل حسن الشيء ذاته ويقول " انا موالي للسلطات ، اتجنب ان يكون دعمي لها على مواقع التواصل الاجتماعي دوما صريحا ، اخشى الاستهداف ، المعارضة لديها بيئة حاضنة كبيرة ، والاستهداف هنا ليس بمعنى القتل ، انما الاضرار متعددة ، الفيس بوك شغلي الشاغل يوميا فانا عاطل عن العمل حاليا بعد ان اغلقت الشركة التي كنت اعمل فيها مندوب مبيعات رغم اني تخرجت من كلية الاقتصاد ، منذ نحو ثلاثة اعوام ، ومن البديهي القول انه ليس كل الموالين يتصرفون بنفس اسلوبي او طريقتي ". ويؤكد خبراء في الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي أن اقبال السوريين زاد بنسبة كبيرة خلال فترة الازمة الراهنة ، والاسباب قد تبدو معروفة لعل ابرزها اعتماد السكان على الانترنت في الاخبار والتواصل وعدم توفر الامان في الطرقات فضلا عن الخدمات المهمة التي يوفرها الانترنت في مثل هذه الظروف . واللافت في كثير من الحسابات الجديدة هي غرابة الأسماء التي يختارها أصحابها وهي في بعض الاحيان مرتبطة بالمزاج العام الشعبي الذي يثير الفضول اذا ما كان اسما لاحد المستخدمين على سبيل المثال "عايف التنكة" و"دافش نكاشة" و"مفيش عالأخير" و"الشنغل المتعدد" و"زهرمان بخاري باشا" و"شاي خمير" و"عطوة المنعجي" وهذه ليست إلا نماذج قليلة من ضمن آلاف الحسابات التي تعج بها صفحات الفيس بوك المختلفة والمخصصة في معظمها للأخبار والأحداث السياسية التي تهز سورية منذ منتصف آذار/ مارس عام 2011. "عايف التنكة" تعني في اللهجة السورية الدارجة الشخص اليائس من كافة النواحي، ويقول صاحب الحساب لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) إن اختياره لهذا الاسم كونه " قريب إلى شخصيتي بشكل أو بآخر، ولأنه يشرح الحالة العامة للمواطن السوري"، وفيما إذا كان يعتقد أن غرابة الاسم زادت من عدد المتقدمين بطلبات صداقة، يوضح صاحب الحساب: "بالفعل هناك عدد ليس قليل لفت نظرهم الاسم" فأرسلوا لي بطلب صداقة، مشيراً إلى أن نوعية المواد التي ينشرها على صفحته ومتابعته الدائمة أدت إلى تعزيز كثير من الصداقات. ويؤكد "عايف التنكة" أنه سيستمر في صفحته حتى فيما لو تغير النظام في سورية، لافتاً إلى أن قراره المبدئي حتى الآن هو عدم الكشف عن شخصيته الحقيقية. وإن كانت الأسماء الكوميدية أو الغريبة هي ما يلفت الانتباه بداية فإن الحسابات التي تشير إلى مناطق منكوبة أو ثائرة ليست أقل عددا، "حمص الأبية" و"ابن درعا" و"نمر القابون" و"ميداني ثائر" و"دوما حرة" تشير –على الأغلب- إلى انتماء أصحابها لمدن وأحياء منخرطة بشكل كبير في الحراك الشعبي المستمر . الدارج أيضا في محاولات البعض إخفاء هويته الحقيقية اختصار الكنية والإبقاء على الاسم الأول كما هو أو دمج المقطع الأول من الكنية مع كلمة "سورية" باللغة الانجليزية (Syria) فتشاهد عددا من الحسابات باسم أول مختلف كطارق أو بشر أو محمد مع كنية شبه موحدة (Hsyria أو KhSyria) وهكذا، وعمد البعض من الناشطين والمعارضين إلى إنشاء حسابين اثنين بالاسم نفسه، حساب يعبر فيه صراحة عن معارضته للنظام، وآخر لا يقارب فيه المواضيع السياسية بتاتاً، وذلك في خطوة احترازية حال تعرضه للاعتقال وطلب معتقلوه منه تفحص صفحته على موقع فيس بوك . وللموالين حصة من هذه التسميات المرتبطة بشخصيات قيادية فكثر من الموالين يسمون صفحاتهم بأسم " الأسد " والمقصود تأكيد حبهم وولائهم للرئيس السوري بشار الاسد او يضعون شعارات لها علاقة بنهج المقاومة والممانعة وفق وصفهم . ويعمد الكثير من هؤلاء الى الابقاء على اسمهم الأول وتغيير كنيتهم إلى " الأسد " أو على الأقل وضع صورة الرئيس السوري بدلا من الصورة الشخصية، في حين قام آخرون بوضع صور شخصيات سياسية حليفة للسلطات السورية بدءاً من الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله وليس انتهاء بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي يطلقون عليه الموالون تحببا " ابو علي لافروف " . وللأسماء الغريبة والنادرة نسبة من الحضور في هذا المشهد السوري من لعالم الافتراضي حيث لم تقتصر التسميات على لغة الضاد بل وجدت لها ما يقابلها في اللغتين الإنجليزية والفرنسية ، ومن الأمثلة عليها "جورجون سكوبي بير (Gorgon Succubi Beer)" و"ساشا سكوبي ليبراتد (Sasha Succubi Liberated)" و"بيكو إتش بيكو (BeCo H BeCo)" وجيمس جويلز سيريانا (James Jweles Syriana)" و"راديوتيك ويف (Radiotic Wave ) .