يتجدد مع بداية كل عام دراسي الجدل حول كفاءة مخرجات التعليم في السعودية خصوصا في مراحل التعليم العام، حيث ترى شريحة تنمو باطراد أن التعليم في السعودية لا يتواكب مع تطور العصر، على اعتبار أن الكثير من المواد التعليمية، خصوصا العلمية منها، لا يستفاد منها بالشكل الأمثل أو أنها لا تعطي جرعات علمية كافية للطالب الذي يطمح إلى مستقبل علمي في المرحلة الجامعية. وهذا الرأي يتبناه كثيرا ملاك المدارس الخاصة أو الأهلية الذين يرددون دوما أن السبب لاستثمارهم في المجال التعليمي هو السعي لإفادة أبناء الوطن ورفع مستواهم التعليمي وتهيئتهم للتعليم العالي عبر تبني أساليب تعليم حديثة وتوظيف التكنولوجيا في التعليم وكذلك إدراج اللغة الإنجليزية في المواد الدراسية من الصف الأول الابتدائي. أمام ذلك، يقول الدكتور صالح بن جاسم الدوسري، مدير تعليم الشرقية وعضو مجلس الشورى سابقا والمستشار التعليمي الحالي، إن «التعليم الحكومي يسير هو الآخر في طريق التطور، فلا يمكن مقارنة المناهج قبل خمس أو عشر سنوات بالمناهج في الفترة الراهنة، خصوصا في المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغة الإنجليزية»، مؤكدا أنه لا يمكن القول بأن المدارس الأهلية بالمجمل تتفوق من حيث كفاءة الخريجين على المدارس الحكومية، فهناك الكثير من المدارس الحكومية تتفوق على المدارس الخاصة حتى في استخدام التكنولوجيا كأجهزة اللابتوب وانتهاج التعليم عن بعد، خصوصا أن من يضعون المناهج لوزارة التربية والتعليم من الأشخاص الأكفاء في المجتمع، فمنهم أساتذة الجامعات والخبراء ممن لا يمكن القول إنهم لا يتماشون مع متطلبات العصر في تطوير التعليم. وأضاف الدكتور الدوسري ل«الشرق الأوسط»: «هل مادة الرياضيات مثلا في المملكة أقل من نظيرتها في دول أخرى متقدمة، وكما يرى الجميع أن الكثير من السعوديين الذين حصدوا جوائز في المسابقات التعليمية الإقليمية أو حتى الدولية - تخرج غالبيتهم في مدارس حكومية، وهذا لا يقلل من أداء المدارس الأهلية، ولكن بشكل عام التعليم في المملكة جيد جدا ويتناسب مع المرحلة». ويضيف الدوسري: «قد يكون هناك تقصير من بعض المعلمين والمعلمات في إيصال المعلومات للطلاب، والتعليم الحكومي ليس خريجوه أقل كفاءة من التعليم الخاص، وهناك الكثير من الطلاب السعوديين الملتحقين بجامعات عالمية تخرجوا في مدارس التعليم الحكومي». ويشير الدوسري إلى «ضرورة تعميم استخدام التكنولوجيا التي باتت من متطلبات العصر، ولكن لا يمكن أن نلزم الطلاب باستخدامها في الوقت الذي نجد نسبة لا بأس بها من الطلاب والطالبات غير القادرين على توفير مواد التكنولوجيا بسبب الظروف المادية». بدوره، يقول الدكتور علي محمد الهندي، المستشار التربوي ورئيس مؤسسة «بلا حدود للتدريب»، المتخصصة بتدريب المعلمين والمعلمات في القطاع الأهلي، إن هناك ارتفاعا في عدد الآباء الذين يلحقون أبناءهم وبناتهم بالمدارس الأهلية التي تنهج أساليب علمية حديثة في التعليم وتعزز من استخدام اللغة الإنجليزية، كما أنها توفر مباني مدرسية وفصولا تعليمية على مستوى عال. ويضيف: «في السنوات الأخيرة، بات الكثيرون يعدون تعليم أبنائهم نوعا من الاستثمار المستقبلي لهم، وتعدت النظرة للمدارس الخاصة مسألة ضمان النجاح، الذي كان الحديث عنها سائدا في فترة مضت». ويشدد الهندي على أن المدارس الأهلية أصبحت تهيئ الطلاب والطالبات لمستقبل أفضل في المرحلة الجامعية، مضيفا أن «التعليم الأهلي يقدم الكثير لمن يلتحقون به، من خلال إكساب الطلاب والطالبات مهارات واسعة قد يوفرها التعليم في المدارس الحكومية، فهناك عدد متزايد من المدارس الأهلية بات يستخدم التكنولوجيا الحديثة في التعليم بعدة أنواع وأشكال، مما يجلب الفائدة الكبيرة على المنتسب لهذه المدارس». وهن،ا يؤكد الهندي أن «الآباء أصبحوا يعتبرون تعليم أبنائهم في المدارس الأهلية نوعا من الاستثمار، وأن ما يدفعونه من أموال سيعود عليهم بالإيجاب من خلال مستقبل أفضل لأبنائهم وبناتهم».