تشهد إيران ظاهرة جديدة تتمثل في تمرد النساء الإيرانيات على تدخل رجال الدين و"شرطة الأخلاق" في طريقة لبسهن وسلوكهن. وتزداد حدة هذا التمرد مع ازدياد عبء الأزمة الاقتصادية التي يعانيها الإيرانيون نتيجة الحصار على إيران. جاء ذلك في وقت حثت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان إيران، السبت، على رفع القيود على التحاق النساء بالجامعات والتخصص في مجالات أكاديمية معينة. ووصل رفض الإيرانيات تدخل رجال الدين والباسيج في أمورهن الشخصية، خاصة لبسهن، إلى حد ضرب هؤلاء، كما حصل الأسبوع الماضي لرجل الدين علي بهشتي وفقا لما رواه هو شخصيا في مدينة ساميرزاد في مقاطعة سيمنان. وقد وصف المواجهة بينه وبين سيدة رأى أنها لم تكن ترتدي الحجاب المناسب قائلا: "قلت لها بأدب أن تغطي نفسها، وردت علي بالقول: عليك أنت أن تغلق عينيك أو تغض النظر". وبات الحجاب ملزما في أعقاب الثورة الإيرانية في عام 1979. وقال بهشتي "إنها لم تقم فقط بعدم تغطية نفسها، بل إنها أهانتني أيضا. وطلبت منها الكف عن إهانتي، لكنها شرعت في الصياح وإطلاق التهديدات، ودفعتني حتى سقطت على الأرض ممدداً على ظهري، وانهالت علي بالضرب والشتائم". ولقي المصير نفسه اثنان من الشرطة الدينية في الجامعة (الباسيج)، فقد هاجمهما عدد من طلاب جامعة طهران بعد فرض غرامة على امرأة كانت تسمع الموسيقى في سيارتها. وخلال الثلاثين عاما الماضية، تعرضت النساء في إيران للمضايقات، والاعتقال، وفرض الغرامات، والتهديدات من شرطة الأخلاق وقوات الأمن والمتشددين، بسبب مظهرهن العام. وأدى هذا الوضع إلى حدوث مواجهات بين النساء والمتشددين. وأشارت وكالة "مهر" إلى أن الاعتداءات على رجال الدين، كما حدث في حالة بهشتي، ليست نادرة الحدوث. وذكرت أسماء ثلاثة رجال دين آخرين، من بينهم ممثل للمرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، الذي تعرض لاعتداء مماثل. الحرمان من التعليم على صعيد متصل، أوردت وكالة مهر للأنباء أخيرا أن 36 جامعة في أرجاء إيران منعت النساء من الالتحاق ب77 تخصصا، من بينها المحاسبة والاستشارات القانونية والهندسة في العام الدراسي الجديد الذي بدأ السبت. ولم يذكر سبب رسمي لهذه الخطوة، لكن مسؤولين إيرانيين أبدوا مخاوف في الأشهر الاخيرة من انخفاض معدلات المواليد والزواج، ويعتقد أن ذلك ناجم جزئيا عن ارتفاع المستوى التعليمي للنساء في العقدين الأخيرين. وفي بيان صادر السبت حثت هيومان رايتس ووتش الحكومة الإيرانية على العدول فورا عن هذه السياسات التقييدية، ووصفتها بأنها تمثل انتهاكا لحق الجميع دون تمييز في التعليم. وتمثل النساء أغلبية طلبة الجامعة. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن حسين توكلي، المسؤول بمنظمة تقييم التعليم الوطنية الإيرانية قوله: إن 60 بالمائة ممن اجتازوا اختبارالالتحاق بالجامعة من النساء". وقالت شيرين عبادي الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في خطاب للأمم المتحدة في أغسطس أن منع النساء من الالتحاق بتخصصات أكاديمية معينة جزء من حملة الحكومة "لتضييق الخناق على وجود النساء على الساحة العامة". وذكرت هيومن رايتش ووتش أن التخصصات المحظورة من بينها مجالات تدر دخلا مرتفعا وللنساء تواجد كبير بها في السنوات الأخيرة، مثل الهندسة والعلوم التطبيقية، بيما يقول آخرون إن القيود تبدو عشوائية ولا تتبع نهج معين.