قبل أن يجف المداد الذي وقعت به الاتفاقية بين حكومتي جنوب وشمال السودان، وقبل أن يجيزها مجلس الوزراء. شرع دعاة الحرب في مهاجمتها. فالاتفاقية رغم جزئيتها وعدم حسمها لعدد من القضايا العالقة توصلت إلى وفاق حول القضايا الأمنية واحترام سيادة البلدين ووقف تصعيد الصراع الذي يفضي إلى الحرب. والتوافق على الحريات الأربع يرسخ العلاقات بين الشعبين ويقود استمراره إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. لقد نبهت صحيفة الميدان مراراً وتكراراً إلى أن مخاطر الحرب تأتي من شرذمة المتآمرين في الشمال والجنوب ومن يدعمهم في الداخل والخارج. ولهذا طالبت بتوسيع الحريات الديمقراطية التي تفتح الباب أمام الرأي الآخر وتمنح الصحفيين حرية الحصول على المعلومات لكشف خطرهم. وأن يرفع الأمن يده عن حظر الأحزاب السياسية من مخاطبة الجماهير في الساحات العامة لفضح المخطط الحقيقي لهؤلاء المتآمرين على أمن الوطن واستقراره وضمان عدم امتداد مخطط تفتيته إلى مناطق أخرى.وفوق ذلك كله إشراك كافة القوى السياسية في كل الخطوات التي تتخذ. هذا هو الذي يعطي التنفيذ قوة شعبية نافذة الفعل وحاسمة لأصوات الحرب ومن يدقون طبولها. ويفتح افقأ واسعاً للمشاركة في ما لم يتم حسمه من القضايا العالقة الأخرى. صاحب صحيفة الانتباهة ، التي دعت من قبل إلى انفصال الجنوب وحرضت على الهجوم المسلح على حكومة الجنوب والإطاحة بها، هي التي تقود الهجوم على الاتفاقية وتدعي كذباً، أن الشعب السوداني يرفضها ويرفض على رأسها منح أبناء الجنوب الحريات الأربع. وتذهب أبعد من ذلك إلى أن المواطن المصري هو الأولى بهذه الحريات الأربع لأنه يكاد يجزم( الطيب مصطفى) بان هذه الاتفاقية جزء من مخطط الحركة الشعبية المعلن عنه لتحرير السودان وإقامة مشروع السودان الجديد. ويقول الطيب مصطفى انه يرفض الاتفاقية لأنه يريد أن يرى ويطمئن إن مشروع السودان الجديد قد أهيل عليه التراب إلى الأبد وعدم عودة تلك الأيام النجسات( راجع الانتباهة الاثنين( 1/10/2012)فياله من حقد طبقي وعنصري لا يرى أبعد من مصالحه الخاصة. وهو ينم عن جهل فاضح بالعمل السياسي، وفعل مقصود للتخريب وزعزعة الاستقرار وأمن الوطن. وقد كشفت السلطة- مؤخراً جداً – حقيقة ما ظللنا نكرره في هذه الصحيفة ، وجاء على لسان والي ولاية الخرطوم في اجتماع مجلس الوزراء الذي ناقش الاتفاق بين الحكومتين. وقال وهو يشير إليها بوضوح أنها صحيفة تخريبية ودعا لردعها وإيقافها لأنها الصحيفة الوحيدة من بين الصحف التي تتخذ خطأ سالباً في ما يتعلق بقضايا الجنوب. ( راجع صحيفة الانتباهة عدد الاثنين 1/10/2012 ) والمتصفح لعدد الأحد 30/9/ والاثنين1/10/2012 يجد حشداً هائلاً من الدعاوي التحريضية والأخبار الماكرة التي تغرس الحقد والكراهية لشعب الجنوب . وهي أخبار تم اختيارها أو تلتيقها بخبث محسوب لتؤدي هذا الغرض فعلى سبيل المثال جاء في عدد الأحد 30/9: أعلن حاكم ولاية شمال بحر الغزال بول مايونق رفضه للاتفاق بين الخرطوم وجوبا كما أعلنت مجموعات قبلية من أبناء دينكا ملوال رفضهم للاتفاق ودعا ملونق ابناء المنطقة لوأد الاتفاق بكل السبل. أن أبناء المنطقة وجميع العسكريين فيها يرفضون الترتيبات الخاصة بشأن وضعية (14) ميل) ووضعه منطقة منزوعة السلاح ، وجاء في عدد الانتباهة 29/9/2012 أيضاً: إن المجتمع الدولي لم يفرض على إثيوبيا واريتريا الحريات الأربع ولم يفرضها على بريطانيا والارجنيتن بعد حرب الفوكلاند. مثال ثالث في ذات العدد: قال فيه كمال عبيد نصر على فك الارتباط سيكون هو الأساس في أي اتفاق مع الجنوب ومع الآخرين من أبناء المنطقتين. ولكن تم الاتفاق على حزمة من القضايا أمس، لم تحمل أي ضمانات لفك الارتباط هذا. وقالت الانتباهة أيضاً: لكن تبقي المؤشرات وفق الواقع الظرفي الآن كما يرى العديد من المراقبين لا يبشر بمواقف خضراء بين الطرفين في ظل اتفاق يحمل في طياته برميلا من اللهب في مقابل رشفة ماء تحاول إطفاء لهيبه. عدد 1/10/2012م والانتباهة تبشر بان الاتفاقية رغم إجازة مجلس الوزراء لها فهي ( تحتاج إلى مناعة لتنجو من نواب المجلس الوطني) . وهذا يؤكد أنهم ضمن توسيع دعايتهم ضد الاتفاقية سيركزون على نواب المجلس الوطني لإسقاطها. لقد أعلن الحزب الشيوعي وقوى الإجماع الوطني الأخرى موقفهم الداعم للاتفاق الجزئي الذي يوقف الحرب ويعمل على ترسيخ السلام وتحسين العلاقات وتطبيعها وتطويرها بين البلدين والشعبين . ومن هذا المنطلق، فإننا نناشد قوى الإجماع الوطني في أحزابها المختلفة وكافة تنظيمات المجتمع المدني الأخرى أن تكرس كل جهودها في هذه الفترة لإفشال كل مخططات المتآمرين من أثرياء الحرب لجعل ما تم الاتفاق عليه وعلى رأسه الحريات الأربع أمراً واقعاً. إننا ننبه أيضا إلى اليقظة العالية تجاه الأخبار التي تنشر لإثارة الفتنة وتحريض الدولة أو الضغط عليها- مثلما حدث من قبل- مثل الأخبار التي تشير إلى القبض على كميات من الأسلحة في منازل قادة جنوبيين تابعين للحركة الشعبية قطاع الشمال أو غيرها، باعتبارها ( خلايا نائمة) تعمل للانقضاض على السلطة في أول فرصة مواتية لها. ومن جهة أخرى، فأنني نكرر- وسنظل نكرر، إطلاق الحريات العامة وحرية الصحافة والصحفيين للتصدي لمثل هذه الأخبار ونقل المعلومات الصادقة التي ترسخ العلاقة بين الشعبين. ومن هنا فإننا نعيد مطالبتنا بإطلاق سراح صحيفة الميدان لسان حال الحزب الشيوعي التي أوقف أكثر من مائة عدد من طباعتها وتوزيعها. لا نقول إن هذه المطالبة تستبطن أي موقف مؤيد للنظام. بل هو موقف مبدئي للحزب الشيوعي السوداني من اندلاع الحرب وضد إشعال الفتنة والعنصرية باسم الدين. ونسأل السيد مدير جهاز الأمن الوطني، هل هنالك ادني مقارنة بين ما تنشره صحيفة الميدان والإنتباهه التي تحظي بسند السلطة ودعمها وتمنح الإعلانات التي تورد لها الآف الملايين من الجنيهات للعدد الواحد، بينما تحظر الإعلانات من صحيفة الميدان وتحارب الشركات التي تفكر مجرد التفكير في نشر إعلاناتها فيها. ولهذا، فإننا نطالب أيضاً بتعويض الصحيفة عن كل الخسائر التي عانت منها في فترة منع طباعتها ونشرها. نطرق هذا، لأنه حق كفله لنا الدستور. ومن جهة أخرى نؤكد أننا من بين الصحف – التي على قلتها- لها مصلحة تامة في أن يعم السلام والديمقراطية والاستقرار بلادنا وشعبنا وهذا هو الطريق الوحيد لحل الأزمة الشاملة ووقف الحرب الميدان