كشفت حملة انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئاسية امس عن جمع ما يقرب من مليار دولار من خلال التبرعات وذلك قبل موعد اجراء الانتخابات الرئاسية بثلاثين يوما. وكانت حملة أوباما واللجنة الوطنية الديموقراطية قد تمكنتا من جمع 181 مليون دولار الشهر الماضي لتتعدى ما جمع في اغسطس وهو 114 مليون دولار. وكتب مدير حملة أوباما جيم ميسينا في رسالة بالبريد الالكتروني الى المؤيدين أن جهود جمع الأموال في عام 2012 «قد حققت رقما قياسيا لإقبال المواطنين العاديين» والذين تعدوا ال 10 ملايين متبرعا الى الان. جدير بالذكر أن أوباما تخلف عن منافسه الجمهوري ميت رومني في جمع التبرعات الشهرية خلال يوليو الماضي بيد أنه تخطاه في أغسطس بجمع 114 مليونا مقابل 112 مليون دولار لرومني. ويأتي ما يقرب من نصف تمويل حملة أوباما من التبرعات الصغيرة بفضل برامج الالتماس المكثفة التي تستهدف البريد الالكتروني والهاتف المحمول ووسائل الاعلام الاجتماعية وخدمات الرسائل النصية. ويركز الرئيس الاميركي على مسائل اجتماعية من شأنها ان تضع خصمه ميت رومني في موقع صعب مثل الاجهاض ومنع الحمل والزواج بين مثليي الجنس، حتى وإن بدت هذه الملفات في المرتبة الثانية. ففي مواجهة مرشح اعطى ضمانات كثيرة للقاعدة المحافظة اثناء الانتخابات التمهيدية لحزبه مطلع العام، بقي الرئيس المنتهية ولايته من جهته توافقيا او بالاحرى غامضا حول مواضيع يمكن ان تكلفه كثيرا لدى الوسطيين الذين يحتاج لاصواتهم. ويكرر الفريق الديموقراطي منذ اشهر رسالة مفادها ان فوز رومني في الانتخابات الرئاسية سيشكل «تقهقرا الى الوراء» لجهة السماح بمنع الحمل وحق الاجهاض ما يعتبر «سيئا بالنسبة للنساء». وقد اقرت المحكمة العليا بحق الاجهاض في 1973 في القرار «رو ضد واد» الذي لم يواجهه اي رئيس جمهوري مباشرة منذ ذلك الحين. وعبر رومني عن رغبته في ان يعود القضاة عن ذلك القرار. واذا اختار مرشحه لمنصب نائب الرئيس بول راين المعارض للاجهاض في جميع الحالات، فقد يوافق رومني على بعض الاستثناءات في حالات الاغتصاب او سفاح القربى او في حال كانت صحة الام في خطر. وحذر اوباما من مشاريع رومني ل «ترك مجموعة من الرجال في واشنطن» تقرر مكان النساء في مسائل تتعلق بصحتهن. ويبدو ان هذه الحجة حملت ثمارها، اذ ان 56% من الناخبات سيخترن الرئيس المرشح مقابل 38% لرومني، بحسب استطلاع ل «كينيبياك» نشر الثلاثاء. وتشكل النساء 53 % من الناخبين الاميركيين وقد اسهم تأييدهن الكبير لاوباما في فوزه في العام 2008. لكن هذه الفروقات كلاسيكية في المشهد السياسي الاميركي حيث ان حق الاجهاض مازال موضوعا مثيرا للجدل. الا ان اوباما وضع موضوعا ساخنا آخر في الواجهة ليصبح في مايو الماضي اول رئيس اميركي يدعم حق مثليي الجنس في الزواج. غير انه عبر عن موقفه «بصفته الشخصية» ليتجنب بذلك المجازفة كثيرا كما قال كريم كرايتون من جامعة كارولاينا الشمالية. وقال هذا المحلل السياسي «اعتقد انها مجازفة محسوبة» حتى وان كان ذلك «سيجعل انتخابه اكثر صعوبة في بعض الولايات» المحافظة. ويجد اوباما نفسه في تناغم مع الرأي العام الذي اشارت استطلاعات الرأي في 2010 الى تحول في موقفه لتأييد الزواج بين اشخاص من الجنس نفسه. اما رومني وبدون مفاجأة فيعتبر ان الزواج يكون حصرا «اتحادا بين رجل وامرأة». كذلك يتوخى اوباما الحذر بشأن مواضيع اخرى يهتم بها الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي مثل ضبط انتشار الاسلحة والغاء عقوبة الاعدام او نزع الطابع الجرمي عن القنب الهندي. وبالرغم من تكرار عمليات القتل كما حصل هذا الصيف في صالة سينما في كولورادو (غرب) اكتفى بالعموميات حول ضرورة مكافحة العنف، وقال انه يدعم حق الاميركيين في حمل السلاح منسجما هنا ايضا مع غالبية الرأي العام. اما رومني فقد تلقى دعم لوبي الاسلحة النارية جماعة الضغط النافذة في الولاياتالمتحدة «ان ار ايه». واذا كان اوباما يؤيد إلغاء عقوبة الاعدام الا ان موقفه تطور منذ ذلك الحين وأكد انه مع تطبيقها في ظروف «محدودة جدا». ومع ان رقم الاعدامات يتراجع منذ عشرين سنة تبقى عقوبة الاعدام تحظى بتأييد 61% من الاميركيين في 2011 بحسب تحقيق لغالوب. الا ان هذه القضايا الاجتماعية التي كانت حاضرة اثناء حملة الانتخابات التمهيدية الجمهورية احيلت الى الصف الثاني في الاسابيع الاخيرة ليركز المرشحان في مواجهتهما خصوصا على الاقتصاد كما تبين من المناظرة التلفزيونية الاولى بينهما الاربعاء. وفي هذا الصدد اوضحت كريستينا غرير المتخصصة في الانتخابات في جامعة فوردهام في نيويورك لوكالة فرانس برس «ان الناخبين الذين يسعى المرشحان لاقناعهم في الوقت الراهن هم اما الوسطيون او المترددون، وتشير استطلاعات الرأي الى ان الاقتصاد هو الموضوع» الذي سيحسم قرار هؤلاء.