تونس - صوفية الهمامي - لم يبق للتونسيين سوى الاعتصام والجوع الوحشي للتعبير عن سخطهم من أداء الحكومة، وتعاطيها السلبي مع الحريات والملفات الاجتماعية التي قامت لأجلها الثورة. الاعتصام والإضراب عن الجوع انتقل من العمال والموظفين في المصانع والإدارات الى أصحاب السلطة، فبات وسيلة الاحتجاج في الصحف وبين اروقة القضاء وتحت قبة المجلس التأسيسي صاحب الشرعية وسيد نفسه وهو من انتخب هذه الحكومة. عن هذه الظاهرة يقول سمير الشفي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل : "هذا يعكس حالة الاحتقان والإحباط وهي مؤشرات غير مطمئنة بالمرة على تطلعات ابناء شعبنا نحو القطع مع الممارسات البائدة، وهذا ما يحتم على كل قوى المجتمع المدني والسياسي ضرورة الجلوس الى طاولة الحوار مثل ما جاء في مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ، لاجل التوصل الى توافقات وطنية من شانها ان تؤمن الطريق نحو تحقيق اهداف الثورة التي تبقى دائماً وأبدا فوق كل الحسابات والمنورات الجانبية". صاحبة الجلالة، السلطة الرابعة اعلنت الجوع الوحشي لأجل حرية الصحافة في تونس، فبعد ان استوفى أبناء دار الصباح كل الطرق النضالية لأجل تحقيق مطالبهم المهنية، قرر عدد منهم الدخول في اضراب جوع مفتوح بمقر صحيفة الصباح ما دامت الحكومة خرساء لا تسمع ولا تحاور . وغير بعيد عن الصباح أعلن أعوان وصحفيو جريدة "السور" اضراب جوع موازي نتيجة حرمان جريدتهم من الاشهار العمومي.. هذا وقد قررت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان لها انه سيتم تنفيذ إضراب عام لاول مرة في حياة الاعلام التونسي يوم 17 اكتوبر الجاري. يقول الاعلامي محمد بوعود : "إضراب دار الصباح لم يأت من فراغ بل هو نتاج لتركمات عرفتها الدار منذ استيلاء صخر الماطري عليها في العهد السابق، لكن ما دفع الامور نحو هذا التصعيد هو بلا شك القرار الأحادي للحكومة بتعيين مدير عام جديد للدار، والذي اعتبره الصحفيون محاولة مكشوفة للاستيلاء على هذا المرفق وتدجينه وتهميش صحفييه. و كانت ردة الفعل التي اتسمت بشتى الممارسات الاحتجاجية، خاصة اذا علمنا ان عدد العاملين والصحفيين في دار الصباح يفتقدون لأدنى شروط العمل من عدم ترسيم وعقود هشة وأجور منخفظة". ويضيف بوعود : "إن ما جعل إضراب دار الصباح يتحول الى معركة إعلامية باتم معنى الكلمة، هو تلك اللامبالاة من قبل الحكومة ومحاولاتها المتكررة للسيطرة على الصباح وغيرها من وسائل الاعلام العمومية، لاستعمالها في الانتخابات القادمة ما يدفعها الى عدم البحث عن حلول جذرية لقطاع الاعلام عامة ولوضعية حرية التعبير خاصة، واذا استثنينا المطالب المهنية لأعوان دار الصباح فان مطالبهم لا تختلف عن سائر الإعلاميين في الحفاظ على ما اكتسبوه من حرية تعتبر حاليا الهدف الوحيد الذي تحقق للثورة". السيدة الرئيسة كما يحلو للبعض مناداتها، القاضية كلثوم كنو ورئيسة جمعية القضاة التونسيين تقود اعتصاما داخل مقر الجمعية، بعد ان تعطلت لغة الحوار بينها وبين نورالدين البحيري وزير العدل، وفشلت كلّ المساعي التي قام بها القضاة مع المجلس التأسيسي ومع الحكومة ووزارة العدل من اجل أن يستجاب لمطالبهم التي تهمهم كسلك وتتصل باختصاصهم ووظيفتهم كسلطة قضائية مثل إصلاح القضاء والعدالة الانتقالية . فقد عمد وزير العدل الى اتخاذ قرارات أحادية كما تقول القاضية كنو دون تشريك هياكلهم الممثلة وبالاعتماد على ما يسمّى بالمجلس الأعلى للقضاء الفاقد للشرعية، وكذلك المماطلة في إحداث الهيئة الوقتية المستقلة للقضاء العدلي. أربعة نواب بالمجلس التأسيسي يدخلون في إضراب جوع احتجاجا على حملة الاعتقالات التي طالت ثلاثين شابا من منزل بوزيان لانهم انتفضوا ضد التهميش وغلاء الأسعار، ومساندة لأهاليهم الذين دخلوا في الجوع الاختياري من أجل الافراج عن ابناءهم يقودهم الشيخ المقاوم لخضر حيدوري 90 سنة . إضراب نواب التاسيسي فتح جدلا واسعا حتى وان بدت نتائجه إيجابية الى حد ما وهو سراح شرطي لبعض الموقوفين الامر الذي تطلب من المضربين مواصلة اضراب الأمعاء الخاوية تحت قبة قصر باردو . سؤال حير التونسيين وزاد من تخوفاتهم كيف لأعضاء شرعيين اصحاب سيادة انتخبوا وزير الداخلية ان يضربوا عن الطعام بمقر المجلس التاسيسي ولم تتحرك الحكومة لاثناءهم والتحاور معهم ؟؟