أكدت الفنانة المصرية، تيسير فهمي أن هناك أهدافا أعمق للثورة المصرية، مضيفة 'وإن لم تتحقق أهدافنا سنقوم بما يلزم لتحقيق ذلك'. وأوضحت تيسير في حوارها معنا، أنها مستعدة للاحتجاج المباشر في الشارع إذ تطلب منها الأمر ذلك، وأنها لن تتردد في النزول إلى ميدان التحرير مرة ثانية لأن 'تيسير لا تعنيني كفنانة بل كإنسانة تدافع عن بلدها'. واسترسلت أنها أوقفت كل أعمالها الفنية لأن العمل السياسي يشغلها. ولم يفُت الفنانة المصرية التي تركت بصمتها على الساحة الفنية المصرية، ورئيسة الحزب السياسي المصري الجديد 'المساواة والتنمية'، أن تقدم موقفها ورأيها حول مناصرتها للثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، وإيمانها بالشباب المصري كقوة للتغيير في مصر. وفي هذا الحوار الحصري تكشف تيسير عن الكثير من هذه المواقف والأسرار. -بداية مرحبا بك في المغرب، شعر جمهورك العربي بغيابك عن الساحة الفنية في الآونة الأخيرة، حدثينا عن آخر مشاريعك الفنية؟ - تيسير: منذ قيام الثورة أوقفت كل أعمالي الفنية، لأن العمل السياسي يشغلني وأهتم به أكثر من أي شيء آخر، فأنا لا أغير من مساري، ولكنني أرى أن البلد بحاجة إلى نشاطي، وأحس بأنني فعالة أكثر بتواجدي مباشرة مع الناس وبمعيتهم، حتى يمكنني، بعد ذلك، أن أعبر عنهم بواسطة عملي الفني. ففي النهاية أنا إنسانة، وحاليا أهتم لمصير بلدي، ولو وجدت أنني سأفيد بلدي من خلال الفن سوف أفعل ذلك دون تردد، وإن تطلب مني الأمر، مرة ثانية، الاحتجاج المباشر في الشارع، سأنزل دون تردد، هذه مرحلة حاسمة من تاريخ مصر، وسأكشف لك بكل صراحة أن 'تيسير' لا تعنيني كفنانة بل كإنسانة تدافع عن بلدها. - على ما يبدو لي أن في الأفق مشروع ضخم بحجم 'الثورة'، هل أنا على صواب؟ تيسير: تماما، هناك مشروع يكتبه مجموعة من الشباب الواعدين بعنوان 'بركان على النيل'، ولدي إيمان كبير وثقة بإبداعهم من خلال ورشة العمل التي يشتغلون في إطارها. لم نقرر بعد المخرج الذي سيقوم بإخراج العمل، فما زلنا في طور الكتابة والإعداد... وطبعا سيكون موضوع العمل عن الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة، وعن أحداثها وعن نتائجها، وسنعرض وجهة نظرنا بخصوص الوضع الحالي، فالثورة ليست 18 يوما فقط، ثم إزالة حسني مبارك، لأن هناك أهداف أعمق لهذه الثورة، وإن لم تتحقق أهدافنا سنقوم بما يلزم لتحقيق ذلك، فنظرتنا إلى واقعنا أصبحت أعمق وأوضح، وقد انتهى زمن التقوقع داخل الذات. - هل تقصدين أنه من الممكن أن تشهد مصر ثورة أخرى على الحكم القائم حاليا؟ ثم كيف ترين الانتقادات الموجهة للنظام الحالي برئاسة الإسلامي مُرسي بكونه يتبنى مواقف متناقضة مع قيم الانفتاح والتحرر التي تتبنينها أنت كفنانة مبدعة لا تؤمن بالقيود؟ تيسير: أولا لا يتعلق الأمر بثورة ثانية أو ثالثة، نحن نتحدث عن استكمال أهداف الثورة، وسوف نستمر حتى تتحقق هذه الأهداف، ولن نسمح بأن 'تهدر' دماء الشهداء، ومن عانوا، ومن فقدوا أحباءهم أو بعض أعضائهم في سبيل مصر، هذا دين في أعناقنا جميعا. وثانيا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقبل، كشعب استطاع أن يُسقط نظاما بأكمله، لمن مكنهم الشعب المصري من تولي قيادة شؤون البلاد أن يعودوا به إلى زمن قد ولى وانتهى بلا رجعة. نحن سعينا إلى الحرية وها قد تحققت، ونسعى إلى مزيد من الديمقراطية وضمان الحريات وهذا الأمر لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام قابلا للنقاش والتنازلات مهما يكن. - طيب، كيف كان إحساسك وأنت تقفين في وجه نظام وهو في عز قوته؟ ألم تشعر تيسير بالخوف وهي أمام هذا الموقف؟ تيسير: لقد كانت لحظات لا مكان للخوف فيها، ولم يكن بالإمكان تغليب مصلحة شخصية على مصلحة دولة، فالشعب المصري الذي منحني الحب والشهرة، أبسط ما يمكن أن أقدمه له هو التفاعل معه في أوقات كهذه، وهذا ما قمت به فقط. -تتعدد الأحزاب اليوم في مصر، وأنت أسست حزبا جديدا، هل تعتقدين أنها مسألة صحية؟ تيسير: ليست مسألة حزب بل قضية شعب، والأحزاب هي مجرد قنوات شرعية حتى يصل الصوت لمن يهمه الأمر، ونحن كأحزاب لا نختلف في الآراء بل في الأيديولوجية، والهدف في النهاية هو مصلحة مصر. -هناك فلم مسيء للرسول (ص)،أثار ضجة كبيرة لدى كافة المسلمين، أدى إلى مواجهات وسقوط قتلى... تيسير: الفيلم المسيء للرسول جريمة في حق الإبداع والحرية والإنسانية... وحرية الرأي التي يتحججون بها مرتبطة باحترام المجتمع ومقدساته... المسألة في العمق هي الاستخفاف بشعور الآخرين ومعتقداتهم... - هل أنت متفائلة بالمستقبل؟ لست خائفة من المستقبل، لأن الشباب المصري، صانع ثورة مصر، كسر حاجز الخوف، ولن يتمكن أحد من إعادة مصر إلى الخلف، ونفس الأمر بالنسبة لبقية البلدان العربية التي ثارت على الظلم، أما في سوريا فأتوقع وصول الإسلاميين المتشددين إلى الحكم في حالة رحيل بشار الأسد، وانا على العموم أخاف وصول الإسلاميين المتشددين، لأنهم كقوة لم تستطع إحداث ثورة، فالثورات في كل البلدان العربية قادها شباب يؤمنون بالحرية والعدالة. - مادمت تحدثت عن ما يجري في سوريا، ما رأيك كفنانة عربية وكواحدة من اللواتي شاركن في الثورة ببلدك...؟ - تجربة سوريا خاصة جدا. في الأحوال العادية حين يثور الشعب على الحاكم لا بد أن يرحل هذا الأخير، لكن المجازر التي تقع اليوم في سوريا الضحية فيها هو الشعب، والخطورة أنه إن انتصر الجيش الحر فإن المتشددين الإسلاميين هم من سيصل إلى الحكم، اليوم نحن أمام صراع ديني، سُنة ضد شيعة، وكل جهة تؤيد طرفا ضد آخر، وهذا شيء يحزنني كثيرا. أجرت الحوار: زبيدة الخواتري