تحمل إليك التقنيات الحديثة الدفء أينما كنت، وتربطك ببلدك ومن تعرف من الناس فيه مهما تباعدت المسافات. تجلس في فندق معزول في الركن الجنوبي من أفريقيا، تتابع سي سي إن، وهي الوحيدة من القنوات المعروفة التي تجدها في الفندق، فيطل عليك وجه نعمة الباقر البشوش، وهي تقدم تقريراً حياً من نيجيريا بعد التفجيرات الأخيرة التي استهدفت احتفالات الاستقلال. كم مرة أطلت كريستين أمانباور من شاشة سي سي إن وهي تقرأ مقدمة القصة الخبرية ثم تقول "التفاصيل مع نيما الباقر" هكذا تنطقها بلسان أعجمي فصيح، فتظهر نعمة من أفغانستان أو الصومال أو جنوب أفريقيا، ثم تختم تقريرها ناطقة اسمها بلسان عربي مبين "نعمة الباقر"، فتحس بالفخر والاعتزاز. حفرت نعمة مكانا لنفسها في الإعلام العالمي بصبر وجهد كبيرين، بدأت من حيث يبدأ كل الناس، لكنها لم تتوقف حيث يتوقفون، لكنها واصلت رحلة التعب والاجتهاد، ولا تزال. عاشت نعمة جزءاً كبيراً من حياتها في بريطانيا، وأخذت من هناك كل ما هو جيد، وعندما عادت للسودان بدأت في صحيفة "الخرطوم"، ولم تأخذ وضعاً مميزاً لأنها كانت حريصة على أن تتعلم. زرعت شوارع الخرطوم مشياً وجرياً، أينما يكون الحدث وحيثما يكون الخبر، وكانت تجول في صحارى ووديان وحواكير دارفور عام 2004، قبل أن تصبح دارفور قبلة أنظار العالم، ولم تتأفف أو تتردد وهي خريجة مدرسة لندن للاقتصاد الشهيرة "إل إس إي" فركبت اللوري والجمل والحمار والكارو لتصل لكل نقطة في دارفور. وواصلت نعمة الباقر مسيرتها مراسلة لرويتر من السودان، ثم في مكتب رويتر بلندن، ثم التحقت بتليفزيون "إي تي في"، حتى وصلت على "سي إن إن". ومثل نعمة تحتل زينب البدوي مكانا متقدما في تليفزيون "بي بي سي" وتقدم برنامج "هاردتوك" الذي لا يقدمه إلا كبار المذيعين، ولا تكاد تخلو قناة فضائية عربية من المعدين ومقدمي البرامج والمراسلين، في العربية، والجزيرة، وبي بي سي العربية، والحرة، والعالم الإيرانية، وفي الطريق قنوات أخرى تعاقدت مع صحافيين سودانيين مبرزين. فيصل محمد صالح