لم تمض سوى بضعة أسابيع على مقتل عدد من جنود البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) في إقليم دارفور وشكوى البعثة من ضعف التحقيق ومتابعة الجناة، حتى عادت البعثة لتؤكد من جديد عجزها عن أداء دورها بالكامل بعد تعرض أحد فرق تحقيقاتها للاعتداء والمنع والتفتيش في آن واحد. وفي وقت لزمت فيه كافة الأطراف المتصارعة بالإقليم (حكومة ومعارضة) الصمت حيال قدرة البعثة على فرض السلم على الجميع، رأى متابعون أن تحولات جديدة طرأت على منهج الحرب في دارفور، مما يشير إلى توسع دائرتها من جهة وشمولها للقوة المشتركة من الجهة الثانية. ومع الاتهامات التي تواجهها البعثة من طرفي الصراع بالتساهل مع الحكومة حينا ومساعدة المتمردين حينا آخر، تشكو هي من أنها أصبحت هدفا لبعض المجموعات التي تصفها بالمجهولة في غالب الأحيان. وجاءت حادثتا منطقتي سيجيلي وأبو دليك بدارفور واللتان وقعت فيهما أعمال عنف، لتؤكد ما ذهب إليه بعض المحللين حول ما تعانيه البعثة من ضعف وما يمكن أن يحدث لها في قادم الأيام. توقيف وتفتيش فقد قال فريق تابع للبعثة إنه تعرض للتوقيف والتفتيش من قبل عناصر تابعة لقوات الدفاع الشعبي (شبه الرسمية) أثناء توجهه إلى منطقة "أبو دليك" التي فشل في الوصول إليها. وأشار إلى أن مهمة "أبو دليك" هي المحاولة الثانية لفريق التحقيق للوصول إلى المنطقة بعد فشله السابق بال25 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي للتحقق من تقارير حول صدامات بين القوات الحكومية ومجموعات مسلحة، وذلك بسبب تعرضه لإطلاق نيران كثيفة من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية. هذا الأمر دفع الممثلة الخاصة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالإنابة عائشتو مينداودو لحث حكومة السودان على الإسراع في إجراء التحقيق الذي تنوي القيام به وتقديم الجناة للعدالة. وجددت مينداودو في بيان للبعثة دعوتها للمجتمعات المحلية بكل أنحاء دارفور لضبط النفس وإنهاء كافة أشكال العنف بين المجتمعات المحلية الذي تتسبب في معاناة عميقة وفقدان غير مقبول للعديد من الأرواح. وبرغم ما تواجهه أكدت أن بعثة يوناميد ستواصل عملها بشكل محايد ومستقل مع كل أصحاب المصلحة بدارفور للمساعدة في خفض حدة التوتر، وتعزيز المصالحة وتشجيع عملية سلام شاملة. مرمى النيران لكن مراقبين يرون أن انتشار العنف بين المجموعات القبلية بدلا من المواجهات العسكرية بين الحكومة والمتمردين قد يعني وقوع أفراد البعثة بمرمي نيران تلك المجموعات لما تحمله كل مجموعة من أفكار ضد عناصر البعثة. رئيس هيئة المحامين بدارفور محمد عبد الله الدومة يرى أن انتقال الصراع إلى المجتمعات بدارفور سيزيد من معاناة البعثة الأممية، مشيرا إلى أن قبضها على أحد الجناة سيثير غضب مجموعته القبلية تجاه البعثة. ويعتقد بحديثه للجزيرة نت أن "معاناة البعثة ستزيد إذا ما واصلت إجراء تحقيقاتها بما يكشف الجناة من أي طرف من الأطراف". ويرى أن "تحول المواجهات إلى ثأرات بين القبائل بالإقليم سيزيد الأمر تعقيدا" مقترحا العمل على إجراء مصالحات بين المجموعات القبلية المسلحة. أما أستاذ القانون الدولي الناشط الحقوقي صالح محمود فاعتبر الأمر من الأشياء الطبيعية "في ظل الفوضى التي يعاني منها الإقليم، مشيرا إلى أن اللجوء لتسليح القبائل في فترات سابقة "جعل القضية أكثر تعقيدا". وعلل في حديثه للجزيرة نت، استهداف القوات المشتركة "للاستيلاء على سلاحها ونهب نقودها والاستفادة من السيارات التي تمتلكها". واعتبر أن أي تحقيق من قبل البعثة يظهر المعتدين "سيجعل دوافع الانتقام من البعثة أقوى مما كانت". ورأى ضرورة إحداث معالجة أكثر شمولا "تستهدف رتق النسيج الاجتماعي أولا وحصر نشاط القوة المشتركة في منع وقوع الجريمة من جديد". المصدر:الجزيرة