شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على حافة الموت (2) قصص الحرب من قلب الأحداث..!..(...) منعوني من العبور إلى سوريا والسبب جوازي الأخضر....!
نشر في الراكوبة يوم 21 - 11 - 2012


على حافة الموت (2)
قصص الحرب من قلب الأحداث..!
لماذا ماتت اللاجئة السورية داخل المخيم بعد نجاتها من الحرب في بلادها...!
هذه (...) كانت وجهة طلقات رصاص الجيش التركي...!
(...) منعوني من العبور إلى سوريا والسبب جوازي الأخضر....!
رفيدة ياسين
[email protected]
رأيتها تركض وتركض بلا وجهة ، تبدو على ملامحها الصغيرة آثارُ صدمة ما تدفعها للصراخ والبكاء بصوت هزَّ أرجاء المكان المتخم أصلاً بطعم البؤس.
كان المشهد لطفلة سورية لا تتعدي السبعة أعوام ، ظلّت على حالتها تلك تبحث عن حضن يحتوي أزمتها ، ويحمل عنها كل هذا الألم ، لكن مأساتها كانت تتخلص في فقدان هذا الحضن ،
هكذا علمت من جمعٍ كان على مَقرُبة من باب مخيم كيلِّيس للاجئين السوريين على الحدود التركية السورية ، قالوا لي إن الفتاة ماتت أمها الأربعينية مرضاً داخل المخيم ولم تنجح كلُّ المحاولات لإسعافها بسبب قلة الخدمات الطبية ، إنها سخرية القدر التي فاجأت هذه السيدة بلقاء حتفها داخل مخيّمٍ هربت إليه خوفاً من الموت أثناء الصراع المسلح داخل بلادها .
لم يكن وفاة الأم مأساة الطفلة الوحيدة ، فقد قّتل والدُها أيضاً
خلال قصفٍ للطيران الحربي على مدينة حلب قبل نحو شهرين من وفاة أمها ، كما قال اللاجئون الذين قدموا معهم إلى المُخيَّم .
الحرب إذن أهدت هذه الطفلة اليتم المبكر ..!
لا زلت أذكر لحظة خروج جثمان الأم من المُخيَّم ، ونحيب طفلتها الصغيرة وهي تتشبث بنعش أمها المتلحف بالبياض ، فيما يحاول آخرون شدّها بعيداً ، إلا أنها تأبى وتزيد تمسكاً بالنعش لتقول باكية : " يا إمي خديني معك لا تتركيني وحدي هون".
أسدل وصول سيارة نقل الموتى التركية الستار على هذا المشهد ، بينما انطرحت الطفلة أرضاً تواصل بكاءها وصراخها دون أن تعلم أي مصير ينتظرها.
أوضاع معقَّدة
أوضاع اللاجئين السوريين الفارين من هول الحرب في بلادهم تبدو معقّدة ، فالنزوح في سوريا ثلاثة أنواع ، أسوأهم النزوح الداخلي لأنه ليس آمناً بتاتاً وله تفاصيل سأعود لها لاحقاً ، أما النوع الثاني فهو النزوح منذ بداية الثورة إلى داخل الأراضي التركية حيث يوجد 13 مخيماً ، تضيق بأكثر من 170 ألف لاجئاً سورياً وصلوا إلى تركيا بطريقة شرعية ، وهو أفضل الحلول السيئة حيث يتمتع ببعض الخدمات من مأكل ومشرب ومعونات ، غير أن الألاف تزيد أعدادهم ساعة بعد ساعة ، يتسللوا عبر الحدود ولا يتم تسجيلهم لأن السلطات التركية باتت ترفض استقبال المزيد من اللاجئين لوصول مخيماتها للحد الاستيعابي الأكبر ، هؤلاء يبقون في مخيمات مؤقتة في الجانب السوري من الحدود التركية السورية وهذا هو النوع الثالث للنزوح والذي يتمتع بأمن نسبي لكنه بلا خدمات.
هذا عن الفقراء ، أما متوسطي الحال فيقومون بتأجير شققاً مفروشة في المدن التركية أو يعيشون لدى أقربائهم المقيمين في تركيا والأردن ولبنان والعراق أي الدول الحدودية ، ميسوري الحال بدورهم يقومون بشراء شقق ولا يحملون سوى بعض الهموم على حال الوطن...!
معاناة اللاجئين
أكثر ما يعانيه اللاجئون السوريون هو نقص ما يُعينهم على احتمال برد الشتاء القارس في هذه المنطقة ..حيث لا ألبسة شتوية ولا أغطية ..ونسبة توفير الخيام متفاوتة حيث إن غالبيتها لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء،
مرض اليرقان منتشر بين عشرات الاطفال في عدد من المخيمات ، إضافة للالتهابات والاسهال وغيرها من الأمراض، وفي المقابل نقص في الدواء والاطباء ، وتبقى شكاوى الدولة التركية بأنها صرفت قرابة 300 ملايين دولارا على اللاجئين السوريين في أراضيها حتى الآن ،
ما أصبح عبئاً اقتصاديا دفعها لطلب مساعدات خارجية تعينها على إقامة المزيد من المخيمات وتوفير الخدمات .
خدمات إضافية
كانت نقطة وجودنا الرئيسية ومقر انطلاقنا على الحدود من خلال معبر باب السلامة الذي يؤدي إلى حلب ، أو معبر كيليس كما يطلق عليه البعض نسبة لمخيم اللاجئين الأكبر في تركيا والذي أصبح اللجوء إليه حلم كل اللاجئين لأنه يعدُ الأفضل وضعاً مقارنة ببقية المخيمات فلا أزمة فيه لمأكل ومشرب أو دواء ، وهو المخيم الوحيد الذي يوفر "كرفانات" لإقامة اللاجئين وليس خيام هزيلة كالبقية ، كما تُقدِّم السلطات التركية للاجئين المقيمين هناك ما يعادل عشرة دولارات تقريبا في الأسبوع للفرد الواحد ،
ولكن تبقى حياة السوريين فيه بطعم اللجوء كغيره من مخيمات ، استبدل فيها السوريون سقف الخوف بسقف الحاجة في ملاجئ سكنوها لكنهم لم يشعروا فيها يوماً بالسكينة ، ليجلسوا فيها انتظارا لما ستنتهي إليه الحرب في بلادهم ، وما تحمله لهم سيارات الإسعاف من أخبار حول أقاربهم في الداخل ، فلا تمر ساعة على هذا المعبر وإلا وتمر سيارة إسعاف تحمل جرحى من سوريا اُصيبوا جراء القصف المتواصل على بلداتهم لعلاجهم في مشافي المدن التركية القريبة سواء غازي عنتاب أو كيليس.
وربما هذا ما يخشاه اللاجئون أن يكون أحد هؤلاء الجرحى والمصابين من أهلهم أو جيرانهم ، لأن الغالبية منهم يصلون في حالات حرجة ويلقون مصرعهم قبل الوصول حتى إلى المشفى.
الحنين إلى الماضي
بينما كنت أدرس الموقف على الحدود قبل دخولي إلى سوريا ، لفت نظري طفل يجلس بين الأشجار القريبة من المخيم يحمل بين يديه دفتراً يكتب فيه ، كمن يراجع دروسا اشتاق لمذاكرتها في مدرسته القديمة ، ذهبت لأجلس بجانبه ، فرحَّب بي وأهداني ثمرة رمان قال إنه يقطفها من المزارع التركية القريبة ويهرب من رجال الجيش التركي عندما يحاولوا منعه ، وأضاف أنه يبيع ما يبيعه من هذه الثمار في سوق أقرب مدينة تركية ليساعد أهله بالدخل القليل الذي يحضره 5 ليرات تركية أي ما يعادل حوالي 3 دولارات.
اسمه إبراهيم لا يزيد عمره عن عشرة سنوات ، حاولت شراء الرمانة منه لكنه أبى بإصرار رجل شرقي يُعيل أسرة كاملة قائلا لي : "انا عندي مصارى بعدّي هاودي عنِّي ، بدك الصحافة تقول مافي رجال في سوريا" ، ضحكت من قلبي على ما قاله واستمريت في الحديث معه سائلة عمّا كان يكتب ، فقال : "انا بكتب أناشيد الثورة ودروسي اللي اتعلمتها في مدرستي الريحانية في حلب ، ونفسي أرجع للضيعة (البلدة) من شان أدرس في مدرستي والعب مع رفقاتي ، بس مدرستي قصفا بشار وإلى سنتين ما رحت مدرسة بس انشاء الله الجيش الحر بيهزم بشار ويرجعني لمدرستي ويبنيها من تاني" ، كان ما قاله هذا الطفل الذي كبر قبل أوانه كافياً لأعرف ما تخلفه الحروب في نفوس أطفال أصبحوا رغما عنهم جزءا من واقعٍ دفعوا فاتورته براءتهم وأمانهم وربما مستقبلا يبدو مجهولا أمامهم وإن لم يكن لهم يد في ما يجري حولهم .
الحاصل هنا يدفعني لأسأل لا أدري من ، كما سأل تشارلز سمنر أن يعطوني المال الذي تم انفاقه في كل الحروب وسوف أكسو كل طفل في العالم بملابس الملوك التي يفتخرون بها ، فحقاً أسوأ ما في الحرب أنهم يستخدمون أفضل ما لديهم ليقوموا بأسوأ ما يستطيعوا.
فاعل خير
النقطة المضيئة الوحيدة هي قصة رجل أعمال سوداني غير معروف ، حاول الوصول إلي حتى حصل على رقم هاتفي ، وسألني كيفية الوصول إلى مسؤول عن أمور اللاجئين الاكثر حاجة إلى المساعدة ، فإذا به يقدم الكثير في وقت قصير طالباً مني الاكتفاء بالقول إنه فاعل خير ، وهو بالفعل كان كذلك تركت التواصل بينه وبين آخر لإكمال هذه الترتيبات بعد أن طلب منا التعهد بعدم الكشف عن التفاصيل.
مساومة وتهديد
اعادني صوت مزعج لشخص ما من غيبوبة أفكاري ، لأجد رجلاً قصير القامة ، منتفخ البطن ، قال لي بصوت اجَش : "لو بدك تدخلي لجوة انا بساعدك تروحي، وتصوري وين ما كان انا بشتغل مع الإعلاميين بس تعطيني 200 دولار في الساعة" ومن مصلحتك إني أساعدك أو بتخسري كتيييير ، قالها لي بصورة تهديدية ، والجشع يُطلُّ من عينيه ، ومن بطنه التي تبدو منتفخة بخميرة المساومة ..لا أدري كيف علم ما يدور برأسي ولا أعلم مصدر قوته...!؟ ،
لكني أصدق أن الثورة يخطط لها الدهاة...ويصنعها الشجعان...ويدفع ثمنها الأطفال بينما يحصد ثمارها الانتهازيون والجبناء...!
أدركت حينها أنني يجب علي الانتباه جيداً حتى لا أقع فريسةً لتجار الحرب .
قبل خطوة التحرك إلى داخل سوريا ..يجب الترتيب والتفكير مليا ، فيمكن أن يشى بك أحد مقابل 100 دولار ، ويمكن أن تأخذك كتائب وألوية صغيرة بقلة أعداد جنودها ونقص ذخيرتها ..وهي تروي لك ما يغريك لفتح شهيَّتك الصحفية بأخذك حصرياً دون بقية القنوات للخطوط الأمامية لتحقق سبقا لمعاركهم التي يتوهمون أن عزيمتهم وحدها كافية للنصر على أضعاف أضعاف أعدادهم ممن يملكون سلاح الأرض والسماء ، ويكون الهدف من اصطحابك في هذه المهمة الانتحارية هو توثيق أن اللواء فلان فلاني هو الذي حقق هذا المجد هذا إن عدت أصلاً لتتمكن من نقله ، فلدى كل الاطراف هناك من لا يأبه لأمنك أو سلامتك ، لذا على الصحفي ألا يثق بأحد أبداً ، وألا يعتمد إلا حدسه فقط ، وأن يظلَّ في حالة حركة دائمة ، فأمنياً يجعل البقاء في مكان واحد بالحرب من الصحفي هدفاً سهل المنال .
ذكّرت نفسي بكل هذه التفاصيل وغيرها ، قبل الاستعداد للدخول ، لكن أصوات طلقات للرصاص تبدو قريبة لكنها مجهولة المصدر كادت بل بالفعل غيّرت كل مخططاتي ، ذهبت مستفسرة رجال الجيش التركي الذين يتحدثون الانجليزية بصعوبة بالغة ، لكنهم صدّوني ،
بعدها بقليل تصاعد الدخان في سماء المنطقة ، وما إن مرت دقائق معدودة إلا وجاءت تعزيزات أمنية مكثفة انتشرت على طول الحدود ، واصدرت السلطات التركية قرارا بإغلاق المعبر ..خطوة كانت مفاجئة ومُحيِّرة....!
زادتني هذه التطورات فضولاً على فضولي فاتصلت ببعض المصادر داخل سوريا في البلدات القريبة من الحدود لمعرفة ما يجري ، ؟؟ وما الذي دفع تركيا لكل هذا الاستنفار الأمني ، حينها فقط تنفست الصعداء بعلمي لما يحدث ،
فطلقات الرصاص الأولى كان مصدرها فوهات بنادق رجال الأمن التركي لإحباط محاولات تسلل اللاجئين إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية ولم تسفر عن وقوع إصابات ، أما الدخان والرصاص المتلاحق وسبب إغلاق المعبر كان بسبب اشتباكات بين كتيبتين مسلحتين بالقرب من الحدود بعد خلاف نشب بينهما على غنائم الحرب ، ما عطّل حركة الدخول والخروج المعتادة لساعات ، بعدها انتشرت الأنباء بين الناس بأن تدخلات للتهدئة فلحت في حل الخلاف بينهما.
............
حلّ المساء ، واضطرتني الظروف لتأجيل دخولي إلى اليوم التالي ، فالدخول ليلا يعدُّ انتحار لأن الطيران الحربي يستهدف كل التحركات الليلية ولو ظهر منها ضوء الهاتف المحمول فقط....!
جئت صباحاً ، وكلّي حماسة للذهاب إلى حلب ، واجريت عدة اتصالات مع المكتب الإعلامي للجيش السوري الحر الذي يساعد الإعلاميين كثيرا على آداء مهامهم ،
كنت أعلم قبل وصولي أن تركيا فتحت أبوابها الشرعية لدخول الإعلاميين إلى سوريا ، وكفلت لهم حرية الدخول والخروج ، فذهبت بكل ثقة عبر البوابة الرئيسية للحدود وأنا اناول جواز سفري الأخضر الزاهي لونه إلى أول ضابط وقفت لديه هناك ، ولكن كانت صدمتي التي يبدو أنها لم ولن تكون الأخيرة في هذه الرحلة ، في رد الرجل على باللغة التركية وبحزم (( yok، وهي تعني لا ، ولأنني لا أجيد التركية لم اتمكن من فهم سبب هذه اللا ، فأخرجت له بطاقتي الإعلامية لسكاي نيوز عربية ، إلا أنه أصر على (yok) ، فأخرجت له القيد الصحفي السوداني ، وبطاقة المراسلين الأجانب ، وبطاقة وزارة الإعلام بأبوظبي ، ولم يفلح كل ذلك ، اندهشت مما يجري ، فطلبت الحديث إلى من يتكلم الانجليزية وانتظرت حتى حضر ضابط آخر يتكلمها لكنه لا يجيدها ، قلت لنفسي : "أحسن من مافي المهم أفهم في شنو" ، فهمت وياليتني لم أفهم السبب الذي هو جنسيتي السودانية التي إذا سمحت بدخولي ، فلن تسمح لي بالعودة مرةً أخرى لأن الفيزا الممنوحة لي لدخول تركيا لا تزيد عن مرة واحدة ودخول سوريا يعني فيزا الخروج التي سأبقى بعدها في سوريا حتى تنتهي هذه الحرب ‘ هذا طبعا إن بقيت على قيد الحياة حتى ذلك الوقت .
لم أيأس في الحقيقة وحاولت اقناع الضابط بكل الطرق أن يسمح لي بالمرور ، واخبرته بما يقوله لي أبي عن جد جدي التركي الكان عايش في بربر حتى يتعاطف معي ، لكن ذلك لم يشفع لي أيضا فاليوك عند الاتراك تعني ألف ألف لا أمامها كل متاريس الحياة .
وقفت لحظات للتفكير فيما علي فعله في هذه الحالة وأنا انظر لزميلي المصور اللبناني الذي تسمح له السلطات التركية كالأردني والجنسيات الأجنبية دخول بلادها دون السؤال عن الفيزا أصلاً ، وقررت المحاولة مرة أخيرة وأنا أصبر نفسي بكل أمجاد بلادي واُدندن بصوت خافت أنا سوداني أنا ، حتى وصلت لضابط رتبته كبيرة ، اشدت له بالإنجليزية في البداية عن الدور العظيم الذي تقوم به السلطات التركية تجاه اللاجئين ، وعن الحضارة والتاريخ في تركيا حتى رأيت صفي أسنانه في ابتسامة عريضة ارتفع بعدها منخاره قليلا فرحا بكونه يقوم بتأمين حدود بلاده التي تستعد لكي تصبح ضمن دول الاتحاد الاوروبي في المستقبل ، حدثته بعدها عن رغبتي الملحة في العبور إلى سوريا ، فسألني عن جوازي،
فكرت في ابلاغه أنني تركته في الفندق الذي اقيم فيه واعطيه بطاقتي الصحفية ، ويا لغبائي الذي أنساني أن بطاقتي فضحت جنسيتي أيضا ، فرد علي بأنني إفريقية ولم يقل سودانية حتى ، وأنه للأسف لا يستطيع السماح لي بالدخول لأن ذلك سيخالف القانون ، حاولت معه مرة أخيرة فتبدلت ملامحه واكتسب صرامة كانت كفيلة لإقناعي بأن المزيد سيدمر كل شيء ، الحيلة لم تفلح إذن وهو كان على حق لكني لن أسمح لهويَّتي أن تكون حائلا بيني وبين مهنتي ، لم يعد امامي خيارا سوي التسلل هربا من الحدود إلى هناك ، وهو ما قد يعرضني لرصاصة طائشة من فوهات بنادق رجال الأمن التركي لتمنع تسللي إن تم اكتشافه ، أو في أفضل الحالات ترحيلي من البلاد مع إرفاق أسمي ضمن قائمة الممنوعين من دخول تركيا إلى الأبد...!
كل هذا لم يكن بشيء يمكن أن يمنعني من اكمال مهمتي التي جئت من أجلها ، فقضيت يومي بحثا عن المهربين ، ولهذا قصة كادت أن تعصف بما كان وسيكون سأرويها في الحلقة المقبلة...!
في الحلقة القادمة...!
قصة الوصول إلى داخل سوريا....!
كيف اتفق معي المهربون..وعلام (....) ساوموني...!
قصة زواج على وقع طبول الحرب ...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.