لمع نجم جهاد مقدسي، المتحدث باسم الخارجية السورية، مع تكثيف القوات الحكومية ضرباتها الجوية على حمص وبابا عمرو وحلب قبل أكثر من خمسة أشهر، الأمر الذي أثار ردود فعل دولية قوية، فكان مقدسي هو الوجه الذي قدمته الدولة لتولي مهمة الرد. لكن الوجه الدبلوماسي الأبرز للحكومة السورية على مدار الأشهر الماضية أفل سريعا مع إعلان انشقاقه عن حكومته الاثنين، لينضم إلى عشرات المسؤولين السوريين الذين انشقوا عن النظام مؤخرا. إلا أن الحكومة تقول إن الرجل أقيل من منصبه، وهو خطاب رددته الحكومة في كل مرة يعلن مسؤول كبير انشقاقه عنها. ويتحدر مقدسي، وهو في أواسط الأربعينات من العمر، من مدينة صيدنايا في محافظة ريف دمشق، التي تعد من أعرق المدن المسيحية في المشرق العربي. وهو ابن عائلة مسيحية كاثوليكية، قال مقدسي عنها يوما في إحدى مقابلاته الصحفية إنها "عائلة لا تتعاطى السياسية، بل تهتم بكرة القدم أكثر". وأكدت مصادر من دمشق ل"سكاي نيوز عربية"، الاثنين، أن مقدسي، انشق عن حكومة بلاده. وأضافت أن الخارجية السورية ستصدر الثلاثاء بيانا رسميا توضح فيه ملابسات انشقاق مقدسي، والتي أتت بعد "إقالته من منصبه". وقال تقرير لرويترز إن هاتف مقدسي المحمول كان مغلقا عندما حاولت الاتصال به. وفي يوليو من العام الجاري برز مقدسي -الذي عاد إلى دمشق قبل نحو عام للعمل كمتحدث باسم الوزارة- للمرة الأولى باعتباره الوجه الإعلامي الأبرز للدبلوماسية السورية، وأصبح الشخصية المسيحة الأرفع في النظام السوري، لا سيما بعد اغتيال العميد داود راجحة في تفجير استهدف قيادات أمنية في دمشق في الشهر ذاته. وعلى مدار أكثر من 5 أشهر، عقد الرجل عشرات المؤتمرات الصحفية للدفاع عن رواية الحكومية التي لم تتوقف قواتها عن قصف المدن والبلدات السورية. وبدا الرجل في هذه المؤتمرات وغيرها من المقابلات دبلوماسيا مفوها، ومثقفا ملما بتفاصيل المشهد السوري، وأنيقا إلى حد كبير، فضلا عن تحدثه اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهو أمر نادر في الجهاز الحكومي الذي شكلته أيديولوجيا حزب البعث. ودخل مقدسي إلى السلك الدبلوماسي السوري للمرة الأولى حين عين موظفا في الخارجية السورية في العام 1998، ثم تنقل في ما بعد في سفارات بلاده ليعمل في عواصم عدة، منها واشنطن، كراكاس، لندن، وفيينا.