12.7 في المائة هي نسبة المساحة الحرجية التي تغطي لبنان حاليا بينما المطلوب وحسب معايير البيئة العالمية أن تبلغ هذه المساحة 20 في المائة ليتمتع لبنان ببيئة طبيعية ونظيفة. انطلاقا من هذا الواقع، أقام حزب «الخضر اللبناني» للحفاظ على البيئة حملته السنوية تحت شعار «مش من طبيعتك تغتصب.. ما تغتصب طبيعتك» في مبادرة منه لتحفيز المواطن اللبناني في موضوع حقوقه وواجباته تجاه الطبيعة لا سيما المتعلقة منها بمساحات الأحراج والغابات الخضراء في لبنان التي تشهد تراجعا ملحوظا بعدما كثرت عمليات اغتصابها إن عن طريق قطع الأشجار لتحويلها إلى حطب للتدفئة أو للفحم، أو عن طريق إهمالها من قبل البلديات المسؤولة مباشرة عن سلامتها. كما لحظت الحملة مسؤولية المواطن تجاه أرضه الخضراء لتبقى سليمة وصالحة للعيش الصحيح، وكذلك لفتت إلى حقه في التمتع ببيئة ذات معايير عالمية متوازنة تخولها لأن تكون نظيفة. رافق الحملة إعلان ترويجي تلفزيوني لافت للنظر والسمع يترك أثره لدى مشاهده؛ إذ استهل بصورة يد تحمل الفأس وتحاول قطع شجرة أخذت تصرخ ألما على وقع كل ضربة تطالها من اليد المغتصبة لها ثم يظهر شعار الحملة الذي يقول: «مش من طبيعتك الاغتصاب.. ما تغتصب طبيعتك» غامزا بذلك إلى المسؤولية والإنسانية اللتين يجب أن يتمتع بهما المواطن تجاه الطبيعة مشبها إياها تماما بكائن حي يتألم ويصرخ عندما نهاجمه ونحاول قطع أوصاله بقسوة. ندى زعرور المسؤولة عن «حزب الخضر» أكدت في حديث ل«الشرق الأوسط» أن لبنان «بحاجة ماسة إلى المساعدة من قبل مواطنيه، وإننا نحن اللبنانيين نفتقد إلى الحس الثقافي المتعلق بالطبيعة والبيئة على السواء، ولذلك توجب علينا لفت نظره وتوقيد حسه للقيام بواجباته كاملة تجاه الطبيعة التي تغلف أرضه والمفروض أن يحافظ عليها بكل قوته ليتمتع بحياة خضراء مع أولاده بعيدا عن التلوث البيئي الذي يمكن أن يصيبه بأضرار صحية كثيرة»، وأضافت: «إننا نعاني من اغتصاب أرضنا على مرأى من عيوننا؛ إن في الأملاك البحرية أو المشاعات (أراض تمتلكها الدولة اللبنانية) ولعل المصالح السياسية هي التي تطغى على خلفية تطبيق القوانين اللبنانية التي تراعي هذا الأمر وتتناول صراحة مواضيع الحفاظ على البيئة وأحد بنودها ينص مثلا على تغريم كل شخص يقطع شجرة عمرها أكثر من عشرين عاما بدفع مبلغ مليوني ليرة لبنانية (ما يوازي 1300 دولار) وأن تقديم الشكوى بحقه مسؤولية كل شخص يشاهده. أما الطرف الذي يجب أن نتوجه إليه لتقديم الشكوى في هذا الصدد، فهي البلديات الموجودة في كل منطقة وبلدة وقرية». ورأت ندى زعرور أنه من غير المقبول اليوم السكوت أو التغاضي عن أمور مماثلة تصيب حياتنا مباشرة؛ «لذلك علينا التحدث بالأمر جهرا دون خوف وهذا بالفعل ما يقوم به الحزب». وفي لبنان تكثر أعمال قطع الأشجار في الفصل الحالي (الشتاء) الذي يتطلب التدفئة على الحطب، ويلاحظ رواجه أيضا على أبواب عيد الميلاد (في 25 من الشهر الحالي)؛ إذ يتباهى البعض بوضع شجرة طبيعية في بيته للمناسبة فيزينها ويضيئها غير آبه بالأضرار التي يخلفها باعتماده ذلك. أما في الصيف، فتكثر حوادث الحرائق في الأحراج والغابات بسبب الإهمال الذي يقوم به رواد الطبيعة أثناء تنظيمهم نزهة في الهواء الطلق تعرف بال«picnic» فيقيمون حفلات المشاوي أثناءها ويرمون السجائر التي يدخنونها على المساحة الخضراء التي يشغلونها دون التنبه إلى خطر اشتعالها من جديد بعد احتكاكها بالعشب اليابس أو بأوراق أشجار الصنوبر والسنديان. ويعتمد «حزب الخضر» شعارات عدة ترافق حملاته لتوعية المواطن وبينها: «فكر بيئيا» أو «think green» كما هي معروفة بالإنجليزية، و«ازرع ولا تقطع» من أجل حث اللبناني على التعويض عن بصمة أكسيد الكربون الخاصة به (أي التي يفرزها بصورة غير مباشرة في حياته اليومية). يذكر أن حزب «الخضر اللبناني» تأسس عام 2008 بهدف حماية البيئة والتنمية المستدامة والدفاع عن حقوق الإنسان وهو أول حزب سياسي أخضر من نوعه في لبنان. تسعى الحملة أيضا إلى إعادة تحريج ما حرق أو قطع من غابات لبنان لتصل إلى مساحة حرجية بنسبة 20 في المائة من المساحة الإجمالية للبنان، ومحاولة إشراك القطاع الخاص بها لا سيما أنها كانت في الستينات تشكل نسبة 35 في المائة، وتدعو إلى التخفيف قدر الإمكان من إنتاج ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ما يقارب الصفر. وتساعد المساهمة في هذا المشروع الحكومات والمجتمع المدني في التخفيف من الانبعاثات السامة (الكربون) لإزالة الأثر السلبي الناتج عنها. أما الوصول إلى الهدف فيحتاج لزرع 36 مليون شجرة؛ أي ما يعادل 70000 هكتار من الأراضي اللبنانية خلال عشرين عاما على أن يتم زرع 1.8 مليون شجرة سنويا. والمعروف أن شجرة واحدة تعوض عن طن من ثاني أكسيد الكربون خلال مائة عام. وترى ندى زعرور أن «كل عوامل الطقس من هطول أمطار وارتفاع في الحرارة وغيرها من شأنها أن تتأثر في المساحة الخضراء الموجودة في كل بلد، وإننا في حال لم نتدارك الأمر، فإننا ذاهبون نحو التصحر».