يبدو أن حرية الإنترنت نجحت في مقاومة محاولة لفرض قواعد جديدة خلال قمة الاتحاد الدولي للاتصالات في دبي، إلا أن الانقسام بين الدول في القمة يفتح الباب أمام تساؤلات جمة حول مستقبل الشبكة. ووحدها 89 دولة من أصل 193، هي مجموع الدول الأعضاء في الاتحاد التابع للأمم المتحدة، وقعت على ميثاق جديد لتنظيم الاتصالات، ورفضت الولاياتالمتحدة هذه الوثيقة التي رأت أنها تفتح الباب أمام تنظيم شبكة الإنترنت، وكذلك رفضتها عدة دول من بينها فرنسا، حسب وكالة فرانس برس. ويتضمن نص الميثاق قرارا غير ملزم يشير خصوصا إلى أن "جميع الحكومات يجب أن تتمتع بمسؤولية متساوية في مجال حوكمة الإنترنت". وكان الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، حمدون تواري، قال إن المؤتمر "لن يكون له أي تأثير على الإنترنت". إلا أن المتخصص في شؤون حوكمة الشبكة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جيمس لويس، قال إن "الأمر كان يتعلق فقط بالإنترنت". وبالنسبة للويس، فان الاتحاد خسر كل مصداقية "لأنهم أقسموا بأن القرار الذي سيتخذ سيكون بالتوافق، ومن ثم أجروا تصويتا". ويعكس ذلك بحسب الخبير انقساما بين الولاياتالمتحدة وحلفائها من جهة، وهم يريدون الإبقاء على شبكة من دون ضوابط، ودول مثل روسيا والصين من جهة أخرى، وهي تسعى إلى مراقبة استخدام الإنترنت ومحتواه. كما أشار لويس إلى فشل مؤتمر دبي في سحب صلاحية إدارة أسماء النطاق (دومين نيم) من الوكالة الأميركية "إي سي إيه إن إن ". وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن الميثاق لن يكون له تأثيرات حقيقية على الفور. فبعض الدول تحظى حاليا بإمكانية فرض رقابة على الإنترنت داخل حدودها. إلا أن معارضي الميثاق يرون أنه يشرع تحت غطاء الأممالمتحدة "إقحام الرقابة الحكومية في حوكمة الإنترنت"، على حد قول رئيس الوفد الإميركي تيري كريمر. من جهتهما، حذر جيم لانجفين ومايكل ماكول اللذان يرئسان الغرفة الأميركية لمراقبي الأمن الشبكي، من أن الميثاق "قد يؤدي إلى نكسة مهمة للذين يعتبرون أن حرية التعبير حق إنساني عالمي". وبدوره أيضا قال متحدث باسم العملاق الأميركي "غوغل"، الذي يدعم الدول الرافضة للميثاق، إن "ما تجلى بوضوح من خلال مؤتمر الاتحاد الدولي للاتصالات في دبي هو أن عدة حكومات تريد تعزيز التنظيم والرقابة على الإنترنت". لكن الخبير في حوكمة الإنترنت في جامعة سيراكوز، ميلتون مولر، تساءل عن مدى التأثير الفعلي لنص الميثاق الذي تم تبنيه على حرية الشبكة. وقال "أنا لم يعجبني الميثاق شأني شأن غالبية المدافعين عن حرية الإنترنت، لكنني أشك في قدرة هذا النص على التسبب بكل هذا السوء". وأشار أيضا إلى أن الجهود الدبلوماسية واجهت عرقلة من قبل بعد الدول، لاسيما تلك التي لا تحظى بسمعة جيدة في مجال حقوق الإنسان، وهي تعارض فرض الولاياتالمتحدة عقوبات قد تؤدي إلى وقف بعض خدمات الإنترنت، بما في ذلك خدمات غوغل. فالشركات الأميركية لا يحق لها التعامل مع إيران أو كوريا الشمالية بسبب العقوبات الأميركية. وقال مولر "من الغريب والمثير للسخرية هو أن الدول التي تدافع عن حقوق الإنسان هي التي تستخدم قطع خدمات الإنترنت كسلاح سياسي".