1 - تقرير صحيفة القارديان البريطانية ! + نشرت صحيفة القارديان البريطانية ( عدد يوم الخميس 20 ديسمبر 2012 ) تقريرا لمراسلها الذي زار ولاية جنوب كردفان يوم الأربعاء 19 ديسمبر 2012 . تنبع أهمية التقرير من مقولة ليس من رأى وصور وعايش كمن سمع ونقل وتخيل ؟ صور التقرير الحالة الكارثية التي تعيشها شعوب النوبة . يسمع المواطنون الآمنون أزيز طائرات الأنتونوف ، فيفرون الى الجحور والكراكير في بطون الجبال المجاورة ، حيث يبقون مع الأفاعي والعقارب والناموس القاتل لأيام وليال بطولها . يخرجون في النهار للتموين بمياه البرك الآسنة ، وصفق الأشجار والأعشاب الخلوية . يكمل نظام البشير حربه السماوية الأنتونوفية ، بحرب أشد ضراوة على الأرض . + يقوم نظام البشير ( قوات من القوات المسلحة وقوات الدفاع الشعبي وشرطة الإحتياطي المركزي المعروفة بأبوطيرة ) بتفعيل سياسة الأرض المحروقة ، لمعاقبة مواطني النوبة العزل ، والذين يعتقد نظام البشير أنهم يؤيدون الحركة الشعبية الشمالية . في طار سياسة الأرض المحروقة ، تقوم قوات البشير بحرق قطاطي القري القشية ، وحرق صوامع الغلال ، وتدمير دوانكي المياه ... حتى الأراضي الزراعية والرعوية لم تسلم من الحرائق العشوائية . تشن قوات البشير الحرب على حيوان شعوب النوبة ، بحرمانه من الأرض الرعوية ، حتى ينفق جوعا وعطشا ، بدلا من اهدار رصاصة في رأسه . + يواصل نظام البشير إباداته الجماعية لشعوب النوبة ، الذين حرمهم من الإغاثات ، والأدوية والأمصال . + رفض نظام البشير تفعيل الإتفاق الثلاثي ( الأممالمتحدة – الإتحاد الأفريقي – الجامعة العربية ) وفتح ممرات انسانية آمنة لتمرير الإغاثات الدولية للنازحين في معسكرات النزوح في ولاية جنوب كردفان . يموت عشرات الأطفال كل يوم بسبب الأمراض التي نستها البشرية كالحصبة والجدري ، نتيجة رفض نظام البشير وصول الأمصال واللقاحات الواقية للأطفال ! يواصل نظام البشير القتل الجماعي الممنهج ، من السماء ومن الأرض ؟ يحدث ذلك في العقد الثاني من القرن الواحد وعشرين ، والمجتمع الدولي لا يحرك ساكنا ، وكأن شعوب النوبة قطعان من الحيوانات البرية ؟ 2- أسباب عدم تحرك المجتمع الدولي ؟ يمكن حصر عدة أسباب لتجاهل المجتمع الدولي للإبادات الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها نظام البشير كل يوم بجنوب كردفان . نختزل بعض هذه الأسباب أدناه : أولا : نجح نظام البشير في التعتيم الإعلامي الكامل على جرائمه ضد شعوب النوبة وعزل المنطقة تماما كما حدث من قبل في دارفور . إذا رأى المجتمع الدولي والرأي العام الدولي ( بل حتى الرأي العام السوداني المغيب ) على شاشات التلفزيون الصور التي يلتقطها مراسلو الصحف العالمية ( كما التقط مراسل صحيفة القارديان صورا للأطفال الذين يختبئون في الحفر والكراكير هربا من قنابل الأنتونوف ) ، لتفاعل وطالب حكوماته بالمساعدة في الإطاحة بنظام البشير . ثانيا : أعطت اتفاقية البشير – السيسي بشأن دارفور شعورا زائفا للمجتمع الدولي بحلول السلام في السودان . ثالثا : لم ينجح قادة الحركة الشعبية الشمالية في تسويق قضيتهم النبيلة دوليا . فترى السيدة آن رتشارد ، مساعدة الوزيرة هيلاري كلينتون تهاجم الحركة هجوما مقذعا ( جوبا – نوفمبر 2012 ) لتجنيدها الأطفال في الحرب الأهلية في جنوب كردفان ، وتنسي أو تتناسي الإبادات الجماعية التي يشنها نظام البشير ضد شعوب النوبة ؟ رابعا : لم تساعد الحركة الشعبية الجنوبية في تسويق قضية شعوب النوبة والفونج دوليا ، خصوصا ولها رصيد مقدر من التعاطف الدولي لقضيتها الام . خامسا : لم يستثمر قادة الحركة الشعبية الشمالية قصف نظام البشير للكنائس في ولاية جنوب كردفان وقتل المسيحيين من شعوب النوبة ، خصوصا واللوبيات الأفانجيلية في امريكا قادرة على التأثير على الرأي العام الأمريكي ، وبالتالي على إدارة اوباما والمجتمع الدولي ! علما بأن نظام البشير قد أعلن بأنه نظام اسلاموي عروبي بأمتياز ، وبالتالي اقصائي لغير الإسلاميين ، وللإثنيات الغير العربية . هذه هي اللغة التي يفهمها الغرب للأسف ؟ سادسا : يجب أن يحفز تجاهل المجتمع الدولي والسوداني لمصائب شعوب النوبة والفونج الحركة الشعبية الشمالية لإقامة قناة تلفزيونية خاصة للتوعية والتعبئة ، لأثر الصورة البالغ في مخيلة ووجدان المشاهد ؟ 3- صور مشروع الأقمار الصناعية ؟ + كما نشرنا في مقالة سابقة ، وفي يوم الخميس 6 ديسمبر 2012 ، نشر مشروع الأقمار الصناعية ( مشروع مشترك بين جورج كلوني وجون برندرغاست وشركة ديجيتال قلوب ) صورا تؤكد وقوع مجازر انسانية في 26 قرية من قرى محافظة الدلنج في يومي الأثنين 26 والثلاثاء 27 نوفمبر 2012 . أظهرت الصور حرق هذه القرى عن بكرة أبيها ، بما في ذلك حرق صوامع الغلال ودوانكي المياه ، وحتى الأراضي الزراعية والمناطق الرعوية على مساحة 140 كيلومتر مربع . + يمكنك التكرم بمراجعة تقرير صحيفة القارديان البريطانية ، وتقرير مشروع القمر الصناعي على هذين الرابطين : الرابط الأول : http://www.guardian.co.uk/global-dev...nuba-mountains الرابط الثاني : http://www.satsentinel.org/reports-and-imagery 4 – رحلة ليمان الأخيرة لجوبا ؟ في طريقه الى أديس أبابا ، هبط السفير برنستون ليمان في جوبا يوم الثلاثاء 11 ديسمبر 2012 ، ربما في زيارته الأخيرة ، قبل تقاعده بنهاية هذه السنة . يؤمن السفير ليمان بأن حل مشكلة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حسب المشورة الشعبية المضمنة كبرتوكول من برتوكولات اتفاقية السلام الشامل ، هو الدواء الناجع لمرض دولتي السودان العضال . لن يكون هنالك استقرار وسلم وسلام بين دولتي السودان وفي داخلهما ، بدون الحل الشافي والناجع لمشكلة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . يؤمن السفير ليمان بأن حل مشكلة الولايتين هي الشفرة ( أفتح ياسمسم ) للمشاكل بين دولتي السودان ؟ كما يؤمن السفير ليمان بأن تفعيل التفسير الأمريكي لمفهوم ( فك الإرتباط ) ... ( أقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح ومراقبة دوليأ بين دولتي السودان ) ، هو الحل لمشكلة الولايتين ، وبالتالي للمشاكل بين الدولتين ! وهو في جوبا ، وفي محاولة أخيرة لإقناع الرئيس سلفاكير بتبني التفسير الأمريكي لمفهوم ( فك الإرتباط ) ، قام السفير ليمان بأمرين : + في مؤتمره الصحفي ( جوبا – الجمعة 14 ديسمبر 2012 ) ، شن السفير ليمان حملة شعواء على نظام البشير ، واتهمه بتعويق تفعيل بروتوكولات أديس أبابا . وهدد بأن مجلس الأمن الدولي سوف يضطر لفرض عقوبات تحت الفصل السابع ضد نظام البشير . شرح السفير ليمان أن بروتوكولات أديس أبابا ( 27 سبتمبر 2012 ) لم تطلب من حكومة الجنوب نزع سلاح ، وتسريح قوات الحركة الشعبية الشمالية ؛ كما يطالب نظام البشير بذلك ؟ وانما دعت الى اقامة منطقة حدودية عازلة ومنزوعة السلاح بعمق 10 كيلومتر على كل جانب من الحدود ، على أن تتم مراقبتها دوليا لضمان عدم دعم حكومتي الدولتين للمتمردين من كل جانب ( التفسير الامريكي لمفهوم فكرة فك الأرتباط ) . رفض السفير ليمان قبول تفسير نظام البشير لفكرة ( فك الإرتباط ) . + الأمر الثاني كان تقديم السفير ليمان بعض الجزرات للرئيس سلفاكير ، لتليين موقفه من فكرة ( فك الإرتباط ) . كانت الجزرات في شكل هبة ( رشوة ؟ ) بمقدار 230 مليون دولار لتساعد حكومة الجنوب في تقوية بنياتها التحتية ... مقابل العصا التي رفعها السفير ليمان في وجه نظام البشير بتهديده اللجؤ لمجلس الامن لفرض عقوبات عليه ؟ في يوم السبت 15 ديسمبر 2012 ، غادر السفير ليمان جوبا الى أديس أبابا للمشاركة مع مبيكي في اجتماعات أديس أبابا ! 5- اجتماعات أديس أبابا ؟ يمكن حصر ثلاثة اجتماعات تم عقدها بالتوازي في أديس أبابا : أولا : + في يوم الجمعة 14 ديسمبر 2012 ، قرر مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي تحويل ملف أبيي لإجتماع القمة القادم ، لإتخاذ قرار بشأنه ( أديس أبابا – يناير 2013 ) ، بدلا من تحويله لمجلس الأمن الدولي ، مع تأكيده على اقتراحه بعقد استفتاء في أبيي في اكتوبر 2013 ، بدون مشاركة رحل قبيلة المسيرية ... الإقتراح الذي ترفضه قبيلة المسيرية ونظام البشير ! موعدنا القادم مع أبيي في يناير 2013 ؟ ماذل يفعل زعماء المسيرية ، لإقناع رؤساء افريقيا لتبني طرحهم ، وإلا ضاعت أبيي كما ضاع جنوب السودان ، وقبلهما حلايب والفشقة ؟ هل صمة الخشم تجدي فتيلا ، أم الإعتماد على نظام البشير الذي يمكن أن يبيع ملف أبيي مقابل الملف الأمني ( فك الإرتباط ) ؟ الكرة في ملعب المسيرية ؟ في هذا السياق ، فقد اصبحت منطقة الرقيبات الواقعة شمال بحر العرب في ولاية شرق دارفور أبيي أخرى ؟ يرفض الجيش الجنوبي الإنسحاب من منطقة الرقيبات ، التي تعتبرها قبيلة الرزيقات جزءا من أراضيها ؟ ثانيا : كما السفير ليمان ، وربما بتنوير منه ، وصل مبيكي الى قناعة بأن مشكلة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان هي السبب الحصري لجمود المفاوضات بين دولتي السودان وتعثرها ، ولعدم تفعيل برتوكولات أديس أبابا . وعليه فقد دعا مبيكي الحركة الشعبية الشمالية ونظام البشير للإجتماع لمناقشة الأمور السياسية والإنسانية العالقة ، على أساس اتفاقية نافع - عقار ( أديس أبابا – 28 يونيو 2011) ، التي وأدها الرئيس البشير ، في يوم مولدها ، بضغط من قادة الجيش السوداني . هل يستجيب الطرفان لدعوة مبيكي ، بعد وصول مالك عقار وياسر عرمان لأديس أبابا ؟ ارتقبوا ، إنا معكم مرتقبون ! ثالثا : + في يوم السبت 15 ديسمبر 2012 ، اجتمع وفدا دولتي السودان ، بمشاركة مبيكي والسفير ليمان لمواصلة حوار الطرشان ، حول ( فك الإرتباط ) ، التي أصبحت جحر الضب الذي يلبد بداخله الشيطان ؟ + عقد السفير ليمان اجتماعا مطولا مع الفريق عبدالرحيم محمد حسين في أديس أبابا ، في محاولة لإقناعه بقبول التفسير الأمريكي ( الدولي ) لفكرة ( فك الإرتباط ) عبر المنطقة العازلة . ولكنه اكتشف أن الفريق عبدالرحيم محرش من قادة القوات المسلحة السودانية ومن الرئيس البشير شخصيا، ولذلك وقف عند مواقفه المتعنتة . 6- تهديد وجودي ؟ أكد الفريق عبدالرحيم للسفير ليمان أن نظام البشير يعتبر تحالف كاودا كمهدد حقيقي وفاعل لوجوده واستمراره في السلطة . وبالتالي يعتبر فك الإرتباط ( حسب تفسيره لهذا المفهوم ... نزع سلاح وتسريح القوات المتمردة ) بين الحركة الشعبية الجنوبية وتحالف كاودا ( بالأخص الحركة الشعبية الشمالية ) مسألة حياة أو موت . أيقن السفير ليمان أن نظام البشير يمكن أن يضحي بالجمل وما حمل في كل ملف من الملفات الأخرى ( بما فيها ملف أبيي ) ، إذا وافق الرئيس سلفاكير على فك الإرتباط مع تحالف كاودا ، وبالأخص مع الحركة الشعبية الشمالية ، لتصير مكونات تحالف كاودا كالمعارضة السياسية الشمالية وحركة السيسي ... مكونات كوراكية وكدايس بدون أسنان ، يحتملها نظام البشير ولا يخاف منها على زوال سلطته . حاول السفير ليمان أن يشرح للفريق عبدالرحيم بأن إدارة اوباما تهدف لإقناع الرئيس سلفاكير بفك الإرتباط مع مكونات تحالف كاودا ، حسب قرار مجلس الأمن 2046 ، وحسب بروتوكولات أديس أبابا . في لعبة الشطرنج ، ربما تضطر للتضحية بالملكة ، ليبقي الملك حيا ؟ ولكن الفريق عبدالرحيم محرش ويداه مغلولتان ! أصر الفريق عبدالرحيم على أن تفعل الحركة الشعبية الجنوبية مفهوم نظام البشير المذكور أعلاه لفكرة ( فك الأرتباط ) ، قبل موافقته علىتفعيل بقية البروتوكولات ؟ أصر الفريق عبدالرحيم ، في عوارة ما بعدها عوارة ، أن تنزع الحركة الشعبية الجنوبية سلاح قوات الحركة الشعبية الشمالية ، وتسرحهم ، وتأويهم في معسكرت لجؤ في دولة جنوب السودان ، وتطرد قادة الحركة الشعبية الشمالية من الجنوب . أصر الفريق أن يرى فك الإرتباط بين الحركتين ، الجنوبية والشمالية ، بالعين المجردة ، وتلمسه اليد القوية ، قبل مناقشة تفعيل البرتوكولات السبعة الأخرى . كان هذا هو الوضع يوم الثلاثاء 18 ديسمبر 2012 ، فهل يتغير ببزوغ فجر يوم الأحد 13 يناير 2013 ( موعد الإجتماع القادم في أديس أبابا ) ، وينبرش الفريق عبدالرحيم ؟ وهل يشارك السفير ليمان في هذا الإجتماع أم يقول باي باي لدولتي السودان ؟ نواصل في حلقة قادمة . [email protected]