باماكو - تلقى عدد من رجال الدين المسلمين في مالي ومنهم الداعية المعروف شريف عثمان مدني حيدرة، تهديدات بالقتل من الإسلاميين المتشددين الذين يسيطرون على شمال البلد كما أكدته حكومة باماكو وعدد من المقربين منه. ويقول مراقبون إن ما يحصل هو موجة متقدمة من تهديدات المتشددين لمختلف مكونات المجتمع المالي الدينية والعرقية، تطال هذه المرة دعاة ورجال دين معروفون بإلمامهم ومعرفتهم بأصول الدين الإسلامي الذي ينبذ الإرهاب والتطرف. واعلن عثمان ديالو المقرب من حيدرة ان "شريف عثمان حيدرة تلقى خلال الايام الاخيرة عدة تهديدات بالموت عبر الهاتف، مباشرة او عبر مقربين منه، ان اسلاميي الشمال هم الذين اتصلوا به هاتفيا". وقال ديالو ان احدهم قال له "سنقتلك لأنك لا تريد إسلامنا (...) سنقتلك لأنك لا تريد الشريعة في مالي". ويرأس الداعية المالي المعروف شريف عثمان مدني حيدرة جمعية اسلامية تضم عشرات آلاف المسلمين في مالي وغيرها من بلدان غرب افريقيا. وتحمل جمعيته اسم انصار الدين، على غرار الحركة المسلحة التي تسيطر على شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكنها تختلف معها تماما. وصرح حيدرة "لا علاقة لنا بأنصار الدين في الشمال، اننا ندين قطع الأيدي الذي يمارسونه، اننا ندين إسلامهم". ودعت مثل هذه التطورات الخطيرة على ما يبدو رئيس الوزراء المالي الجديد ديانغو سيسوكو إلى حض الحلفاء الافارقة على دعم تدخل عسكري إفريقي في مالي "في اسرع وقت ممكن". وقال رئيس الوزراء المالي الخميس في تصريح صحافي بعد لقائه بابيدجان رئيس ساحل العاج الحسن وتارة الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا، "يمكن ان نثق في هذا التدخل". واضاف ان هذه العملية "ستحصل متى توافرت الشروط وسنقوم بكل ما في وسعنا حتى تتوافر هذه الشروط في اسرع وقت ممكن". ووافق مجلس الامن الدولي في 20 كانون الاول/ديسمبر على انتشار قوة دولية مسلحة في مالي، على مراحل ومن دون تحديد جدول زمني محدد. ومنذ سيطرتها على شمال مالي في الربيع الماضي، سعت الحركات الدينية المتشددة إلى تطبيق رؤيتها المتحجرة للدين، مستلهمة نموذج حركة طالبان الأفغانية. وفي يوليو/ تموز، أثار المتشددون احتجاجات شعبية واسعة ضدهم في مدينة غاو بشمال دولة مالي على خلفية حكم أصدروه على سارق بقطع يده. وخرج سكان في تمبكتو في احتجاجات عارمة رافعين شعار "لا" للإسلاميين، تنديدا بضرب امرأة غير محجبة بوحشية. وجاءت هذه الاضطرابات بعد رجم حتى الموت لرجل وامرأة بتهمة الزنا وكانت علامة على الرفض المتزايد لتطبيق الشريعة الإسلامية من جانب المسلحين الإسلاميين الذين يرتبط بعضهم بتنظيم القاعدة ويسيطرون على شمال مالي. واقدم اسلاميون متشددون في نهاية يحتلون بلدة اغولهوك على رجم رجل وامرأة يقيمان علاقة خارج اطار الزوجية حتى الموت امام نحو 200 شخص. وتم اقتياد الرجل والمرأة الى وسط المدينة ووضعهما في حفرتين قبل رجمهما حتى الموت. وبدأت ملامح النموذج "الطالباني" للحكم في شمال مالي تظهر مباشرة عقب تمكن المتشددين الإسلاميين من إحكام سيطرتهم على المنطقة في ظل انهيار تام للسلطة المركزية. وتحتل ثلاث جماعات هي "حركة الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا" و"جماعة انصار الدين" و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ثلثي دولة مالي الواقعة في غرب افريقيا. ويسيطر المتشددون الآن على جميع المدن الثلاث الرئيسة في الشمال، وهي تمبكتو، وغاو، وكيدال. ويقوم متشددون بقمع أي احتجاجات ضد هذه السياسة المتطرفة الطارئة على المنطقة، وفقا لقانون المحاكم الشرعية التي شكلوها بغرض تطبيق الحدود مثل الرجم حد الموت. وتثير مشاهد متكررة مثل ضرب نساء غير محجبات، ورجم متهمين مفترضين بمخالفة أحكام الشريعة بالحجارة، سخط المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بهذه الممارسات. وقال كل من رئيس اتحاد الشباب المسلم في مالي محمد ماكي با، وهو امام في باماكو، ومحمد ديالو وهو ايضا داعية وتيرنو هادي تيام، انهم تلقوا تهديدات بالموت عبر الهاتف. وقال مسؤول في وزارة الامن المالية انه "على علم" بتلك التهديدات مؤكدا ان الوزارة اتخذت "التدابير الامنية الضرورية لضمان حماية الأشخاص المهددين". ووفقا لعدد من المراقبين الدوليين فإن أوضاع حقوق الإنسان شمالي مالي تزداد تدهورا من يوم إلى آخر، وبشكل خطير. وقالت "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان" في أحدث تقرير لها إن شمال مالي يعيش "جحيما" منذ أشهر. وأكدت أنها سجلت منذ يناير/ كانون الثاني، تاريخ سقوط المنطقة في أيدي أتباع القاعدة، جرائم اغتصاب وقتل جماعي ارتكبتها مجموعات مسلحة.