كلية الطب, جامعة بحرى ورد فى احصائية رسمية صادرة حديثا عن وزارة التعليم العالى ان خريجى كليات العلوم الطبية و الصحية (طب, اسنان, صيدلة, مختبرات,تمريض عالى و مجالات اخرى شبيهة) للعام الجامعى 2010-2011م قد بلغ عدد الاناث منهم 4739 خريجة من مجموع 6648 خريجا (اى بنسبة 71.3%). و لا يقتصر الزحف الناعم على كليات المجالات الصحىة , فهن يتفوقن عدديا ايضا فى مجال لدراسات التربوية (62.9%), و كليات الزراعة (67%), و العلوم البحتة (57.4%), و الدراسات الانسانية (لغات, اداب) بنسبة 51.6%. و من مجمل الخريجين لنفس العام يتفوق عدد الاناث على الذكور بنسبة 55%. اما (اخوان نسيبة) فقد تفوقوا عدديا فى مجالين فقط من جملة مجالات التعليم العالى السبعة, هما الدراسات الهندسية (64.5%), و العلوم الاجتماعية (53.7%). اى انه حتى فى مجال الدراسات الهندسية التى كانت لوقت قريب تكاد تكون محتكرة للذكور, حازت الاناث على اكثر من ثلث نقاعد خريجيها. موضوعنا فى هذا المقال هو خريجى و خريجات كليات المهن الطبية و الصحية باعتبارهم الاكثر عددا بعد خريجى كليات الدراسات الطبية و الصحية باعتبارهم الاكثر عددا (بعد كليات التربية) و باعتبار تاثير الفروقات الجندرية للخريجين (مقدمى الخدمة) على المهنة الطبية و على متلقى الخدمات الطبية. كما ان زيادة عدد الخريجات الاناث لن تكون مقتصرة على العام 2010-2011م وحده, فمن خلال نظرة لاعداد المسجلين فى الكليات الصحية لعدة اعوام تتضح غلبة عددهن على الذكور, فهن يشكلن نسب 59.1% للعام 2003-2004م, و نسبة 59.9% للعام 2004-2005م, و نسبة 64.9% للعام 2007-2008م, و نسبة 63.9% للعام 2009-2010م. اذن نحن امام زيادات مضطردة لاعداد الخريجات الاناث فى مجال العلوم الطبية و بالتالى وجب دراسة هذه الظاهرة و تحليلها و معركة تاثيرها على المهنة و سوف اركز اكثر على فئة الاطباء باعتبارها الفئة الاكثر تاثيرا و تاثرا بالفوارق الجندرية كما سوف نرى. قد يقول قائل ان الارقام و النسب اعلاها متضخمة بحساب الخريجين من غير الاطباء و لكن نظرة للاحصاءات الرسمية تبرز غلبة عنصر الطبيبات على الاطباء. ففى العام الجامعى 2009-2010م بلغت نسبة الاناث المسجلات فى كليات الطب اكثر من 63% من مجموع كل الطلاب. تاريخبا فان اول وجود نسائى فى كلية الطب (الوحيدة انذاك) كان فى العام 1946م حين تم لاول مرة قبول طالبتين فى كلية الطب و ذلك بعد اثنين و عشرين عاما بعد تاسيسها. فى السبعينات وصل مجموع الاناث ما نسبته 20% من مجموع طلاب الطب نتيجة لزيادة اعداد المقبولين فى كلية الطب و لزيادة اعداد الطلاب المبتعثين لدراسة الطب الى مصر و دول شرق اوروبا. تحت ظل الاوضاع الراهنة فان هناك بعض التاثيرات السلبية على الخدمات الطبية يمكن ان تنشا من غلبة اعداد الطبيبات. معظم الطبيبات الخريجات هن من ساكنات العاصمة و المدن الكبرى, و جلهن لا يرغبن فى العمل فى الارياف او حتى فى ضواحى العاصمة و اطرافها (اكثر من نصف السكان يسكنون فى الارياف). هذا الوضع نتج عنه حرمان اماكن كثيرة فى البلاد من خدمات الاطباء (اخذين فى الاعتبار الهجرة الواسعة للخارج وسط الاطباء الذكور). كما نتج عن هذا الوضع اكتظاظ غير مرشد فى مستشفيات العاصمة و مراكزها الصحية بالطبيبات من غير حوجة فعلية, او بطالة لفترات طويلة فى انتظار اقتناص وظيفة فى العاصمة. هناك ايضا لا تزال توجد النظرة السلبية من قبل بعض المرضى تجاه الطبيبات و انهن (اقل كفاءة) من زملائهن الرجال, بل ان ما يثير الدهشة ان هناك انطباع ان المريضات يفضلن المعالجة عند الاطباء الرجال حتى فى الفرع الذى يختص بامراضهن الخاصة (طب امراض النساء و التوليد). تعانى الطبيبات من نوع من التمييز وسد المخدمين (القطاع الخاص و ربما بعض الجامعات الحكومية) باعتبار ان مردود خدمتهن اقل كما و نوعا من الاطباء الذكور. بنظرة عامة و رغم ازدياد عدد الطبيبات الا ان وجودهن فى الدراسات العليا و تمثيلهن فى المناصب القيادية فى وزارة الصحة الفيدرالية و الوزارات دون نسبتهن العددية بكثير (يمكن ان يطرح البعض من خصوم الدور المهنى للنساء تساؤلا عن موارد مهدرة فى تاهيل خريجات بقف عطائهن عند حدود بضع سنوات). هناك حديث عن تعارض الدور الاجتماعى للطبيبة كام و زوجة الامر الذى يؤدئ الى تساقط اعداد من الطبيبات جراء الفشل فى التوفيق بين اوضاع متعارضة للحفاظ على كيان الحياة الاسرية. هناك بعض التخصصات مثل الجراحة و التخدير لا تجد اقبالا من قبل الطبيبات الامر الذى يمكن ان يحدث فيها نقصا ملموسا. هل من حلول تحافظ على مكاسب النساء و فى نفس الوقت الحفاظ على اداء مهنى مرضى. يبدو من الصعب اعتماد نظام الكوتا فى القبول لكليات الطب لتعارضه مع الدستور و للمقاومة المنتظرة من الحركات النسوية و انصار المراءة. يمكن ان يتم نوع من (التمييز الايجابى) بقبول خاص لطلاب من الارياف (البعيدة) نظير التزامهم بالعمل لعدد من السنوات وسط اهلهم. كما يمكن توفير حوافز و بيئة عمل مناسبة للطبيبات فى المستشفيات الريفية. [email protected]