ارتفع منسوب البحر الميت هذا الاسبوع بمقدار 10 سنتيمتر، بفعل الأمطار الغزيرة والعواصف الثلجية التي رافقت المنخفض الجوي الذي اجتاح منطقة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، وهو أول ارتفاع يطاله منذ العام 2003، الذي شهد في حينه ارتفاعا مقدراه 29 سنتيمترا. وذكرت سلطة المياه الإسرائيلية أن الأحوال الجوية العاصفة أدت إلى اندفاع المياه بقوة وإلى فيضانات في الوديان في منطقة وادي عربة وسيول منحدرة من المناطق الجبلية المحيطة بالبحر الميت صبت فيه، لكن السبب الأساسي لهذا الارتفاع يعود لكميات المياه الكبيرة التي جلبتها الأمطار لنهر اليرموك، والتي أدت إلى فيضانه وتدفق المياه منه إلى نهر الأردن، حيث تابعت مشوارها من هناك لتصب في البحر الميت. لكن هذه السنتيمترات القليلة التي يعيد تدفقها شيئا من ملامح الحياة لا تشفع للبحر الميت الذي يهدده الجفاف، فيمضي في رحلة الموت التي يخسر فيها من ارتفاعه ما بين متر ومتر ونصف من المياه في كل عام، بحسب المعطيات الإسرائيلية، كما يخسر من اطرافه بسبب انخفاض منسوب المياه ، وتقل مساحته بنحو 30% سنويا. استغلال المياة وعملية التبخر ومن أشهر الأسباب التي تؤدي إلى استمرار تقلّص البحر الميت، قيام اسرائيل باحتجاز كميات كبيرة من مياه نهر الأردن الذي يعتبر شريان الحياة الرئيسي للبحر الميت ويحمل إليه مياهه ومياه نهر اليرموك المتصل به، وذلك من خلال إنشائها سدودا تمنع تدفق المياه من بحيرة طبريا إلى نهر الأردن. أبرز تلك السدود سد داجانيا وسد ألوموت ومنذ انشائها قلت كميات المياه المتدفقة من نهر الأردن إلى البحر الميت بشكل كارثي. فبعد أن كان النهر يحمل إلى البحر نحو 1200 مليون كوب سنويا من المياه في أعوام مضت، فإنه يضخ ما بين 100 و 200 مليون كوب فقط في السنوات الاخيرة، في حين تعجز السيول التي تشهدها المناطق المحيطة بالبحر الميت بسد حاجته. وسجل منسوب البحر الميت انخفاضا العام الماضي وصل الى 423 مترا تحت سطح البحر. وتلعب مصانع البحر الميت التي تستغل مياهه ومعادنه في الجانبين الإسرائيلي والأردني، إضافة إلى عملية التبخر القوية الناجمة عن الحرارة المرتفعة في المنطقة، دورا بخسارة البحر الميت كميات كبيرة من مياهه. وتقوم اسرائيل في السنوات التي تحمل كميات جيدة من الأمطار بفتح السدود وتسمح بتدفق كميات من مياهه لنهر الأردن وبالتالي للبحر الميت، لكن المرة الأخيرة التي فتحت فيها سد داجانيا كانت عام 2003. وفي أعقاب المنخفض الشديد الذي شهده الأسبوع الماضي، تحدثت سلطة المياه في اسرائيل عن ارتفاع ملحوظ في بحيرة طبريا بلغ نحو متر واحد حتى اليوم مع توقعات بامتلاء البحيرة حتى نهاية الموسم، الامر الذي قد يتيح فتح السد مجددا بعد عشر سنوات من اغلاقه آخر مرة. وينقص البحيرة نحو مترين اثنين لتبلغ الخط الأحمر العلوي، وهو الخط الذي إذا ما تجاوزته المياه ، تقوم اسرائيل عندها بفتح سد داجانيا الذي يقبع البحر الميت تحت رحمته. في سبعينات القرن الماضي وقف مستوى المياه في البحر الميت عند 394 مترا تحت سطح البحر، ومنذ ذلك الوقت خسر اكثر من 30 مترا أخرى.