القاهرة - من محمد عاطف: التصريحات التي ظهرت حول عودة اليهود المصريين إلى بلدهم من الذين خرجوا ايام عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أثارت العديد من علامات الاستفهام والمناقشات والخلافات. هل الفنانين اليهود الذين خرجوا من مصر كان بشكل إجباري لهم، وكيف كان وضعهم على الساحة وقت مشاركتهم بالأفلام السينمائية. هناك نجوم حققوا حالة فنية قوية على الساحة الفنية في مصر، كيف ينظر لها التاريخ ومدى مساهمة هؤلاء في الحالة السياسية والاجتماعية. يطرح الأستاذ الدكتور محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة العديد من الردود وتوضيح المواقف خلال هذا الحوار خاصة ان له دراسات قام بها حول حياة اليهود في مصر. يقول د. محمد عفيفي: اليهود في مصر منذ أيام الفراعنة واستمروا بها عبر امتداد الزمن، وكان بالإسكندرية أكبر جاليات اليهود، والحضارة الإسلامية ساهمت لليهود بالإقامة ولم تمنعهم من ممارسة حياتهم التي قاموا بها. أضاف: السينما المصرية ساندت الشخصيات اليهودية بأفلامها، مثلا بفيلم 'لعبة الست' بطولة نجيب الريحاني الذي قدم شخصية اليهودي التي جسدها الفنان سليمان نجيب ويدعى 'ايزاك عنبر' الذي قرر الهرب وقتها من هتلر وترك أمواله للمصري الذي جسده نجيب الريحاني، هذا نموذج ايجابي لليهود في السينما ولم يظهر في أي سلبيات. أشار الى ظهور مجموعة من افلام الممثل اليهودي 'شالوم' وكانت تحمل اسمه في بطولة مطلقة وقدم خلالها شخصيات متنوعة مثله مثل أي ممثل مصري مسلم أو مسيحي، ولذا تواجد اليهودي في مصر بشكل دائم مثله مثل أي مسلم أو مسيحي، والعلاقة كانت مترابطة، وتعود المصري ألا يفرق في علاقاته مع الآخرين وفقاً لديانة كل شخص، ولكن حُسن المعاملة الأساس بين أفراد المجتمع في ذلك الوقت، ولذا لم يضطر أي يهودي لترك مصر بسبب السياسة أو المجتمع. أوضح د. عفيفي أن حارة اليهود في مصر كانت مفتوحة ولم تتحول إلى 'جيتو' مغلق كما حاولوا أن يقولوا ذلك، وقال: كتبت دراسة عن حارة اليهود التي وجدت انها لم تكن لليهود فقط بل ضمت المسلمين والمسيحيين، كما اقيم بها مسجدا وقت معيشة اليهود بها، واستطاعت مصر ان تستوعب الجميع، والفنانين اليهود صرحوا كثيرا ان مصر كانت جنة لهم. أضاف: لدينا مشكلة في الارشيف لأن العديد من الوثائق خرجت من مصر بشكل غريب من مصر بينما الوثائق الأمريكية والبريطانية عليها محافظة تامة وهي تكشف الكثير من الأمور وتفضح كل شيء. أشار الى ضرورة وجود قانون يحمي تاريخ الارشيف لأن الباحثين تقابلهم صعوبة شديدة عند الإطلاع على الارشيف منذ عام 1952 وحتى الآن فهذه المرحلة غير متوفر لها أي أرشيف، ويتمنى د. محمد عفيفي أن يهدي الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل نسخة كاملة من الارشيف الذي يحتفظ به عنده إلى الدولة. أكد د. عفيفي أن بعض الفنانين اليهود مثل ليلى مراد تبرعوا بأموال للجيش المصري، وقدمت ليلى مراد 500 جنيه الى الجيش، وحدثت أزمة عنيفة بينها وبين زوجها وقتها الفنان أنور وجدي الذي أشاع انها يهودية وتكره مصر مما جعلها تخرج الإيصال الذي تبرعت مقابله بالمال للجيش. أضاف: وأيضا الفنانة نجوى سالم التي حصلت على درع الجهاد المقدس تقديراً لدورها في التواجد خلال حرب الاستنزاف بفرقتها المسرحية على خط النار الأمامي للترفيه عن الجنود، وهي اعلنت إسلامها عام 1960 وتزوجت من الناقد الفني عبدالفتاح البارودي. كما أشار إلى ان الدور اليهودي في السينما المصرية ازدهر ولم يسألهم أحد عن جنسيتهم، لابد من قراءة التاريخ جيدا قبل التحدث فيه بشكل خاطيء لأن التاريخ سلاح ذو حدين ان لم يستخدم جيدا ينقلب الى الضد، ومصر صنعت التاريخ وإذا لم نفهم بضاعتنا ونستفيد منها فاننا نضيع بلدنا.