السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزاعم اسرائيل وشهادات ملكا
أملاك اليهود في السودان..
نشر في الصحافة يوم 07 - 01 - 2012

واجهت اول حكومة وطنية بعد اعلان الاستقلال موقفا دوليا يتسم بالتعقيد فقد بادرت كل من اسرائيل والصين وتايوان بالاعتراف بالبلاد، وهو ما لا قبل لحكومتنا حينها بقبوله، لانه يستتبع دخولها في مسار محفوف بالمزالق، يؤدي لاعتراف متبادل واقامة علاقات دبلوماسية.
وما تجنبته حكومة الاستقلال الاولى بخصوص اسرائيل تحديدا، لم ينعكس على اوضاع العلاقة الاجتماعية المتجذرة لاهل البلاد باليهود. فقد كانت امدرمان ومدن السودان المختلفة تحتضن جاليات يهودية، تعمل فى مختلف المجالات وتعيش فى وئام مع الناس وتتناغم مع معتقدات السودانيين وثقافاتهم.
وتحمل شهادات موثوقة لعدد كبير من ابناء تلك الجالية في مهاجرهم المختلفة باصقاع العالم، تاكيدات لا لبس فيها على ان يهود السودان نعموا بما لم يجده رصفاؤهم فى اماكن اخرى.
والجديد الذي حمل تاريخ «حياة اليهود» في السودان الى الواجهة، كان ضم تل ابيب السودان الى لائحة من الدول العربية تطالبهم الدولة العبرية بالتعويض عن أملاك 850 ألف يهودي قيمتها 300 مليار دولار أمريكي مقسمة فيما بينهم طبقًا للتعداد السكاني الأخير لليهود عام (1948) والقائمة تشمل مصر وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان والأردن والبحرين. فيما تطالب اسرائيل المملكة العربية السعودية لوحدها بما يناهز (100) مليار دولار. وهي الخطوة التي تحفظت الحكومة السودانية على التعليق عليها، مما يشير بان الخرطوم لن تحفل بالمطالبة الاسرائيلية، وربما تتجه الى التعامل معها تبعا للآليات العربية المحددة.
وتعود بدايات قصة اليهود مع السودان الى بداية القرن العشرين حيث أخذت أفواج اليهود تتدفق نحو السودان تجارًا ومغامرين وموظفين في السلطة الاستعمارية ومؤسساتها، بحسب الكاتب والصحافي مكي ابو قرجة، والذي اشار الى ان منهم من مارس نشاطًا تجارياً محمومًا في أسواق جديدة واعدة فكونوا الشركات وراكموا الثروات وشيدوا المنازل الواسعة الفخمة، وانتقل بعضهم إلى المدن الإقليمية، وأقاموا علاقات واسعة مع السودانيين، وتشربوا الحياة الثقافية السودانية وتأثروا بالقيم الاجتماعية والأخلاقية، إلا أنهم ظلوا يهودًا ملتزمين بديانتهم، فأقاموا معبدًا وناديا اجتماعيا وأخذوا يتصاهرون في إطار جاليتهم، وتكاثروا حتى بات لديهم مقبرتان في الخرطوم وأم درمان.
ويمضي ابوقرجة ليضيف ان الحال استمر على هذا المنوال حتى تفجر الصراع العربي الإسرائيلي وأعلن الكيان الصهيوني دولته عام 1948، فحدث تحول واضح في شعور العرب والمسلمين تجاه اليهود المقيمين ببلدانهم وإن لم يرق إلى مستوى المضايقات السافرة حتى وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وأخذت الجاليات اليهودية في الدول العربية بما في ذلك السودان ترتب أوضاعها وفق رؤى جديدة فأخذوا يتسللون إلى إسرائيل والدول الأوروبية والولايات المتحدة.. وفي السودان ربما يكونون تباطأوا قليلاً إلا أنهم أخذوا يغادرون عائلات وفرادى عبر مصر وإريتريا حتى منتصف الستينيات من القرن الماضي.
وترجم مكي أبوقرجة كتابا عن يهود السودان حصل علي مادته من خلال قراءته لكتاب نادر كتبه اليهودي إلياهو سولومون، حمل عنوان « ابناء يعقوب فى بلاد المهدي» وهو ابن كبير الحاخامات للجالية اليهودية في السودان، سولومون ملكا (1878 - 1949) الذي قدم إلى السودان من طبرية بفلسطين في أغسطس 1906. وهذا الكتاب الذي ألفه إلياهو يؤرخ للجالية اليهودية في السودان، وهو رغم انتمائه العاطفي للسودان ذلك البلد الذي ولد فيه وعاش حتى كهولته حاملاً جنسيته، يعترف بصراحة أنه كان يحمل في داخله انتماء آخر ويسعى إلى تحقيقه وهو قيام وطن لليهود في فلسطين.
وقدم مكي أبو قرجة ترجمة وقراءة لكتاب إلياهو سولومون برؤية تمكن القارئ السوداني والعربي من الوقوف على حياة اليهود في السودان، ومنها حكايات حول ارتداد يهود المهدية عن الإسلام بعد دخول الإنجليز السودان وقمع الحركة المهدية وكيف تزوج بعض السودانيين من يهوديات وأنجبوا منهن أولادًا خدموا السودان خدمات عظيمة.
على ان مؤلف الكتاب الياهو سولومون ابدى لصحافي سوداني عبر رسالة إلكترونية، عدم رضائه عن عمل ابوقرجة، مشيرا الى ان الترجمة كانت ناقصة وغير مكتملة، وان المترجم اقحم آراءه الشخصية فى العمل. ولا تذهب انتقادات الياهو الا الى ان الكتاب يهدف الى عكس الصورة الطيبة التي كانت عليها العلاقة بين اليهود وبقية مكونات المجتمع السوداني، فالياهو يبرز عبر الرسالة الالكترونية للصحفي السوداني، الذي تحدث للصحافة امس الاول، اهتمام كل من السيد عبدالرحمن المهدي والسيد علي الميرغني وغيرهم من الاعيان، بالحضور لتشييع كبير الحاخامات للجالية اليهودية في السودان، سولومون ملكا عند وفاته عام (1949).
والثابث ان مؤلف الكتاب ولد وعاش فى السودان ولم يخرج عنه الا في السبعينيات، وطالما لم يرد فيه ان ابناء جلدته تعرضوا للمطاردة ومصادرة الممتلكات، فان حقيقة ما تدعيه اسرائيل تصبح بينة ولا تحتاج للدحض. وربما هذا ما دفع الحكومة في الخرطوم، لتجاهل الرد على اعلان وزير الخارجية الاسرائيلي.
لكن التواجد اليهودي فى السودان لم يوثق بشكل يسمح بمعرفة حجم الممتلكات اليهودية فى السودان، ولا يمكن الاعتماد فى ذلك على المزاعم والروايات التي يتناقلها بعض ابناء من بقوا فى البلاد، والتي تقول بانها املاك اليهود قد تعرضت للمصادرة، وتعرضوا هم للتضييق بعد حرب 1967، مما ادى الى هجرة من تبقى الى منافي العالم.
الا ان رئيس لجنة الامن والدفاع بالبرلمان د. كمال عبيد قلل للصحافة بالامس من اهمية المزاعم التي تروج لها تل ابيب حول املاك اليهود، وقال ان هدف الحكومة الاسرائيلية الرئيس هو شغل الحكومة السودانية عن التعامل مع قضايا البلاد. ورأى عبيد ان الاهتمام الاعلامي بتلك المزاعم والانصراف الى دحضها، بدلا من كشف وتتبع ما تقوم به اسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، هو عين المرام لدى تل ابيب. واشار د. كمال عبيد ان اليهود عاشوا في السودان دون ان يدري احد بحقيقة هويتهم، حتى اماطوا هم لوحدهم اللثام عنها، وان السودان دولة ومجتمع لم يتعرض لهم على الاطلاق، وعندما خرجوا عن البلاد باعوا ممتلكاتهم وغادروا بطريقة قانونية سليمة، سعيا من وراء الحلم الاسرائيلي، مضيفا ان الامر ينطبق على رصفائهم في الدول العربية، قبل ان يمضي متسائلا: من احق بالتعويض؟، هل هم الفلسطينيون الذين سلبت اراضيهم وبيوتهم وارواحهم ،ام الذين خرجوا بعد ان باعوا املاكهم وحملوا اموالهم؟.
وقال د. عبيد ان اليهود في كل العالم العربي لم يكونوا يعانون من اي مشاكل حتى قيام دولة اسرائيل، مشيرا ان يهود مصر والشام كانوا ضد اعلان دولة اسرائيل، واعلنوا عن رفضهم لها، مما يدلل على ان اوضاع اليهود فى الدول العربية كانت مستقرة وآمنة.
ويقول الخبير السابق في منظمة العمل الدولية، والمهتم بتاريخ اليهود في السودان د. محمد المرتضى مصطفى ان يهود السودان ظلوا من النسيج الاجتماعي للبلاد، الا انهم تعرضوا لمضايقة بعد نكسة (67). ويكشف مصطفى ان خروج اليهود من السودان تم بسرعة لان بعضهم وصلته معلومات قبل ذلك التاريخ تفيد بانهم سيواجهون وضعا صعبا، وشرعوا في تهيئة انفسهم والتخلص من اعمالهم التجارية. واشار د. محمد المرتضى الى ان الصحافة وبعض القيادات السياسية الحاكمة، زادوا من حالة العداء لليهود التي كانت قد سرت بفعل احتلال فلسطين وحرب النكسة، بخاصة وان الجالية اليهودية كانت كبيرة ومنتشرة فى انحاء العاصمة المثلثة، وبعض الولايات.
وشهادة مصطفى عن الجالية اليهودية يمكن الاعتداد بها لان اسرته احتكت كثيرا بالجالية اليهودية، مما اكسبه دراية باوضاعها، كما انه ظل على اضطلاع بحركة الجالية بعد مغادرته البلاد، بحكم اهتمامه بالتوثيق لذلك التواجد. لكن الشهادة لا تثبت تعرض املاك اليهود لاي نوع من المصادرة، وان لفتت الى العوامل الرئيسة فى قرارهم بالهجرة.
ويبين مصطفى ان اعضاء الجالية كانوا يشكلون حضورا فى مجال التجارة الخارجية والتصدير» الحبوب الزيتية والجلود» مستفيدين من صلاتهم وعلاقاتهم المتعددة في العالم، وكانت تربطهم علاقات اجتماعية مميزة بعدد من الشخصيات المؤثرة فى السودان. ويشير الرجل الى ان اليهود ايضا شكلوا حضورا فى الجامعات السودانية، وان بعضاً من ابنائهم الذين درسوا في جامعة الخرطوم، شغلوا مناصب رفيعة فى الدولة العبرية والعالم، وان اول سفير اسرائيلي فى مصر عقب «كامب ديفيد» كان من ابناء اسرة يهودية مشهورة» سولومون «، وان ذلك السفير ظل يشير الى انه من خريجي جامعة الخرطوم فى مناسبات مختلفة.
ويرجع د. محمد المرتضى مصطفى اصول الجالية اليهودية فى السودان الى اسبانيا، حيث بدأت رحلتهم الى المغرب ثم السودان، مؤكدا انها تمت تاريخيا قبل بداية العهد التركي فى البلاد بقليل، واستمرت جماعاتهم فى التوافد مع بداية حكم الاتراك الى السودان، مرجحا سببها الى انهم كانوا من رعايا الدولة العثمانية. واشار د. مصطفى الى ان الادارة الانجليزية حيدت تواجدهم تماما، حيث لم يكن لهم نشاط سياسي يذكر، وانحصر اهتمامهم بالعمل التجاري، الا انهم واجهوا المتاعب حين ابرزت حرب النكسة، والتي جلبت عداء معلناً من المجتمع وعداءً مستتراً من بعض الناس، مضيفا ان اليهود احسوا حينها بعدم وجود مستقبل لهم في هذا البلد ، فخرجوا فى جماعات كبيرة الى فرنسا وبقية بلدان اوربا، ولم تذهب من هناك «الا القلة منهم الى اسرائيل».
ولا يقطع د. محمد المرتضى بحدوث مصادرات لاملاك بعض اليهود فى السودان، لكنه اشار الى ان الرئيس نميري وجه مناشدة ليهود السودان بعد « كامب ديفيد» بان يرجعوا الى السودان وان ممتلكاتهم ستعود اليهم». غير ان الرجل عاد ليؤكد ان اغلب اليهود قد باعوا ممتلكاتهم بيسر قبل رحيلهم، واستفاد من ذلك الامر السودانيون الذين كانوا يمتلكون اموالاً بالخارج.
ويوضح د. مصطفى بان املاك اليهود فى ذلك الوقت ما كانت لتقدر بملايين، او الوف حتى، لان البلاد كانت ترزح فى الفقر وحجم الاعمال التجارية لا يتعدى مئات الجنيهات. ويلفت ان اليهود كانوا يمتلكون محلات تجارية ومصانع بسيطة مثل مصنع « شعيرية»تملكه اسرة الحاخام الاكبر، واعمال مشابهة لا تتعدى الاستثمار البسيط.
ثم يمضي د. المصطفى ليشدد على ان كل اليهود قد غادروا السودان، ما عدا شقيقين بقيا هنا معلنين هويتهما الحقيقية» عائلة اسرائيل»، فضلا عن من تزاوجوا من سودانيين وانصهروا في المجتمع بعد اسلامهم، ولم يعد من سبيل لتتبع اثرهم.
ويقول الرجل ان من ابرز مظاهر التواجد اليهودي فى الخرطوم زمان، المحفل اليهودي الذي يقع فى شارع القصر، وبيع من «قبلهم» ليصبح الآن مقراً لبنك شهير، بالاضافة الى مقر الجالية جوار فندق مريديان، ومدفن الجالية فى المنطقة الصناعية.
بيد ان احد يهود امدرمان ويدعى مصطفى اسحاق اسرائيل كتب فى اواخر العام (2010)، على مدونته في الشبكة العنكبوتية، ان املاك جده ووالده الواسعة قد تعرضت للمصادرة، وقال اسرائيل انه قدم مظلمة بالخصوص الى رئاسة الجمهورية. وذكر مصطفى ان والده «اسحق اسرائيل» ابن ل»اسرائيل داؤود» والاخير من اليهود الذين قدموا الى السودان وبقي في امدرمان وكان يتنقل بين ربوعه وله املاك كبيره باسمه ، وبقي في بقعه امدرمان وكان يزاول اعمالاً شتى وحين حضور المهدي الى امدرمان تزوج من سودانيهة وانجب منها ابناء، وحين وفاته كان اولاده على دينه وقام ابنه المهندس اسحق اسرائيل بحصر تركته بوصية من ابيه ووصفها مصطفى بالمهولة، لكنه قال ان هنالك ايدي آثمة امتدت وعبثت في هذه الاملاك واستغلتها واثرت منها ثراءً حراماً مؤيدين من افراد داخل الحكومة وموظفين عديمي امانه وضمير، وقال مصطفى فى المدونة» لقد قمت بطرق كل الابواب حتى وصلت رئيس الجمهورية،وانا الآن في انتظار الرد». لكن مصطفى اسرائيل توفي فى امدرمان فى الثالث من يناير من العام ( 2011) م. ولم يتسنَ للصحافة استقصاء حقيقة ما كتبه مصطفى، ومصير المظلمة التي قال انه قدمها للرئاسة.
بيد ان مصطفى اسرائيل يقدم عبر المدونة توثيقا نادرا للتواجد اليهودي فى السودان، ويورد من العائلات اليهودية المعروفة آل إسرائيل من الأسر التي استوطنت الخرطوم جوار السكة حديد قرب شارع الاسبتالية وأمهم تدعى وردة إسرائيل ومن بناتهم ليلى اسحق إسرائيل التي عملت سكرتيرة الرئيس نميري وتزوجها الصحفي حسن الرضي الذي عمل في صحيفة الأيام ، ومنهم دكتور منصور اسحق إسرائيل الذي امتلك صيدلية في امدرمان.
و آل قرنفلي ارتبطوا بمدينة بور تسودان
، آل منديل استوطنوا مدينة النهود ومنديل عمل كخبير مجوهرات منهم آدم داود منديل عمل في مصلحة الغابات وصار مسئولاً كبيراً ،سليمان داود منديل عمل في البوستة واستقال منها وأسس جريدة ملتقى النهرين ومطبعة منديل التي حققت العديد من الكتب اشهرها كتاب طبقات ود ضيف الله، سميرة حسن آدم داود منديل أصبحت طبيبة ، محمد داود منديل اسلم وطبع العديد من كتب الأذكار في شارع البلدية ، مجدي منديل عمل في سودانير ،محمد منديل درس في باكستان تقانة كمبيوتر.
آل مراد بسيسي في مدينة بربر، آل المليح زابت في كسلا
، آل عدس في مدينة ود مدني وهو من اليهود السوريين من أولاده يعقوب إبراهيم عدس وفيكتور إبراهيم عدس وموسى إبراهيم عدس وزكي إبراهيم عدس هؤلاء ولدوا بود مدني أما سوزان إبراهيم عدس ولدت في امدرمان وهاجرت إلى الإسكندرية وتزوج زكي مراد العيني ميري إبراهيم عدس وهاجروا إلى نيجريا بعد النكسة سنة 1967.
و آل سلمون ملكا وهو حاخام من يهود المغرب استقدمه يهود السودان من اجل إقامة الصلوات ، وتعليم الصغار من أولاده الياهو سلمون ملكا «مؤلف كتاب ابناء يعقوب في بقعة المهدي» و دورا ملكا زوجة الياهو ملكا هاجرت إلى سويسرا ، أيستر سلمون ،فورتو سلمون ، ادمون ملكا ألف كتاب على تخوم الإيمان اليهودي ،سكنت أسرة سلمون في حي المسالمة بأم درمان حيث كان يقيم الأقباط واليهود «الذين اجبرهم الخليفة عبد الله التعايشي إلي الدخول في الإسلام» ، أسهم سلمون في ارتداد الكثيرين من يهود السودان وفتح كنيسة في منزله بالمسالمة.
وآل قاوون منهم نسيم قاوون الذي أسهم بشكل كبير في افتتاح كنيس الخرطوم ومن أسرتهم ديفيد قاوون الذي سكن في بور تسودان وأصبح باشكاتباً ونسيم ديفيد وأخوه البرت كل الأسرة هاجرت إلى السويد.
، آل باروخ هاجروا إلى السودان عن طريق مصر وهم من يهود المغرب ، واستقروا في مدينة ود مدني وعملوا في مجال تجارة الأقمشة ، منهم زكي باروخ وايستر عذرا باروخ هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، حزقيال باروخ .
و آل دويك وهم من يهود سوريا المتشددين عملوا في مجال تجارة الأقمشة ، استوطنوا في أم درمان وجزء منهم في الخرطوم بحري ، منهم اسحق إبراهيم دويك ودويك إبراهيم دويك وارون دويك وشاباتي دويك وزكي دويك ، عمل أبناء الأسرة في القطاع الخاص والتجارة العمومية بالسودان
(يهود) آل تمام سكنوا في أم درمان والخرطوم ، منهم أيلي تمام وفيكتور أيلي تمام واينز موريس تمام وزكي والبرت ، هاجر أفراد الأسرة إلى نيجريا ومنها إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية .
و آل كوهين استقروا في الخرطوم بحري واشتروا منزلاً كبيراً جوار المنطقة المركزية العسكرية في الخرطوم ، وأسسوا عملاً تجارياً بالشراكة مع عثمان صالح ، منهم ليون كوهين الذي هاجر إلى سويسرا واستقر في جنيف .
يهود) آل ساسون) عاشوا في كردفان ، عمل جدهم مع يعقوب جراب الرأي إبان حقبة الثورة المهدية وهاجروا للخرطوم ، من أبنائهم أول سفير لاسرائيل فىالقاهرة.
و آل عبودي سكنوا بحري منهم موريس عبودي عمل في بيع لعب الأطفال، وإبراهيم جوزيف عبودي الذي ترأس الجمعية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية وشلوموا جوزيف عبودي الذي درس الطب وافتتح مستشفى خاصاً في الولايات المتحدة ويوسف عبودي سكن بحري بالقرب من سينما الحلفاية و داود عبودي الذي أصبح محامياً مشهوراً في الولايات المتحدة الأمريكية .
و آل حكيم عملوا في مجال تصدير السنمكة والمنتجات السودانية منهم رفائيل حكيم وهو صاحب رخصة تصدير ، وشالوم حكيم الذي تزوج من روز السودانية وله أراضي شاسعة في سوبا ، صوميل شالوم حكيم هاجر إلى خارج السودان ، جير شون حكيم تزوج أيضا من سودانية وله منها بنات ومنهم أيضا أصلان حكيم ونسيم شالوم. وهذا بالاضافة الى عائلات تمام وعبودي و بسيوني في امدرمان وايلي وشولا والسيده استر بسيوني وزوجها سيزار ليفي ، علاوة على عائلة المراش وهو تاجر اقمشه، وعائلة عدس، والعاني، وايضا من ترك ديانة اليهودية واعتنق الاسلام مثل عائلة منديل.
ويتناقل البعض روايات عن انصهار الكثير من احفاد تلك الاسر فى المجتمع السوداني، وتدينهم بالاسلام مما يصعب من امر تتبع آثار بقايا هذا التواجد.
لكن الثابت بحسب المراقبين ان املاك اليهود فى السودان، لم تتأثر بقرارات مايو التأميمية. لان اغلب اليهود كانوا قد باعوا ممتلكاتهم وغادروا البلاد اثر سريان روح عدائية تجاه الدولة العبرية، بعد نكسة العام 1967.
يشار الى ان الخرطوم كانت هي من نظم مؤتمر اللاءات الثلاث الذي اعقب نهاية الحرب، وساهمت في اعادة توحيد الجبهة العربية، خلف الدول التي تقود الحرب ضد الوجود الاسرائيلي.
ويدعم من ذلك ما قاله المراجع العام لجمهورية السودان الاسبق محمد علي محسي، والذي اشار ان معظم اليهود باعوا ما لديهم من املاك، لكنه لم يجزم بان بعضهم قد تركوا ما لم يستطيعوا التصرف فيه. ونفى محسي بشدة تعرض املاك اليهود لمصادرات عقب النكسة، وقال ان الحكومة لم تتعرض لهم البتة. وحول حجم الاملاك والاصول المالية في السودان لدى مغادرة الجالية اليهودية، قال انه يصعب التكهن بها لان اليهود كانوا كتومين في كل ما يخص اعمالهم التجارية، لافتا الى ان الحركة التجارية باكملها فى السودان تلك السنوات لم تكن ضخمة، ومجال الاعمال كان يتداول ارقاماً قليلة نسبيا.
وشهادة المراجع العام الاسبق لجمهورية السودان فى تلك السنوات، تضع نقاطاً اضافية فوق الحروف، بعد التي تكفل بها ابن الحاخام ، ود. محمد المرتضى مصطفى، لكن الحكاية الحقيقية ليهود السودان» وثائق وسجلات»، ربما تظل حبيسة جهات اشار اليها كل من المراجع العام الاسبق ود. محمد المرتضى. وربما ايضا تلجأ الجهات المعنية لها ان اضطرتها تصعيدات الدولة العبرية لمساومة السودان والعرب بملف التعويضات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.