القاهرة - أبدى الرئيس المصري محمد مرسي استعداده لإلغاء حالة الطوارئ الذي فرضها الاحد في مدن القناة الثلاثة، في ردّ فعل يقول مراقبون إنه يكشف حالة ارتباك شديدة وتوتر حقيقي بسبب أزمة يبدو أن جميع نهاياتها مفتوحة على سيناريوهات مخيفة لرجل الإخوان في أعلى هرم السلطة في مصر. ويقول محللون إن الرئيس المصري الإخواني وبعد ان خرج رابحا في كانون الاول/ديسمبر 2012 من اختبار قوة مع المعارضة حول الدستور، أصبح يواجه في هذه الأيام ازمة جديدة سيكون عليه من الصعب هذه المرة نزع فتيلها من دون تقديم تنازلات. وكان مرسي يتحدث في اجتماع حضره عدد من زعماء بعض القوى الإسلامية وخصوصا الإسلامية في اطار الحوار الوطني الذي دعا اليه وقاطعته جبهة الإنقاذ الوطني، الائتلاف الرئيسي للمعارضة. وجاء في بيان للرئاسة "ان خيار اعلان الطوارئ رغم قانونيته لم يكن الخيار الامثل بالنسبة للسيد الرئيس انما الأصعب (...) والأسبوع القادم سيكون هناك تقرير مطول يعرض الحالة الأمنية بوجه عام". واضاف انه "بناء عليه سيكون القرار المناسب.. اما استمرار حالة الطوارئ لمدة 30 يوما أو تقليص مدتها أو تقليصها جغرافيا أو إلغائها بالكامل". وأعلن الرئيس المصري الاحد فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في بورسعيد والاسماعيلية والسويس لمدة شهر اثر سقوط نحو 52 شخصا منذ الجمعة الماضية في اعمال عنف بينهم 40 قتيلا في بورسعيد وحدها. ووافق مجلس الشورى، الذي يتولى مهمة التشريع بصفة مؤقتة، على قرار فرض الطوارئ، الا ان الآلاف من ابناء المدن الثلاث نددوا هذا القرار ونزلوا الى الشوارع في ساعات الحظر تحديا له. وهتف المتظاهرون في بور سعيد "بالروح بالدم نفديكي يا بورسعيد" و"يسقط يسقط حكم المرشد" في اشارة الى محمد بديع مرشد جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي. وفي الاسماعيلية، خرج الالاف من المتظاهرين للتعبير عن رفضهم قرار حظر التجوال. ويبدو الوضع المصري اليوم اكثر تعقيدا من أي وقت مضى. وكان الرئيس المصري خاض من قبل اختبار قوة مع جبهة الإنقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الرئيسي) حول مشروع دستور اعدته جمعية تأسيسية هيمن عليها الاسلاميون. الا ان مرسي كسب رهانه ونجح في تمرير الدستور عبر استفتاء في كانون الاول/ديسمبر 2012 رغم عدة تظاهرات حاشدة نظمتها جبهة الإنقاذ الوطني التي اكدت حدوث عمليات تزوير كبيرة في هذا الاستفتاء. ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد "هذه الازمة لن تمر بسهولة"، موضحا ان الازمة السابقة حول الدستور كانت "مواجهة بين القوى الليبرالية واليسارية من جهة والإسلاميين من جهة اخرى ولم تكن الجماهير بالمعني الواسع مشاركة فيها". وتابع "اما في اللحظة الراهنة دخلت الجماهير غير المنظمة والتي لا تنتمي بالضرورة لاي تنظيم سياسي في المعادلة وخرجت تعبر عن استيائها من تردي اوضاعها واحوالها المعيشية". في ظل هذه المعطيات "لن يكون هناك حل دون تنازلات من الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي اليها"، بحسب ما يقول الكاتب الصحفي عبد الله السناوي. ويضيف السناوي ان "الحل الأمني وصل الى منتهاه والشرطة مستنفذة وهي موضع لوم ونقد مهما فعلت فاذا تصدت بالعنف تتهم بالاخونة واذا وقفت على الحياد تتهم بالانضمام الى صفوف المعارضة وفي الحالتين تفقد حرفيتها وثقة الشعب فيها". من جهته دخل الجيش المصري، الذي التزم الصمت منذ بداية الاضطرابات على الخط الثلاثاء محذرا من "انهيار الدولة" اذا ما استمر الوضع الحالي في البلاد. وقال السناوي إن تصريحات وزير الدفاع المصري الأخيرة كانت بمثابة "انذار واضح لمرسي وانذار بدرجة اقل للمعارضة". ويعتقد السناوي ان الرئيس المصري ربما يضطر الى "تقديم تنازلات والاستجابة لاكثر مطالب جبهة الانقاذ جوهرية وهي تشكيل حكومة انقاذ يضع على رأسها شخصية وطنية مثل محمد البرادعي (احد قادة جبهة الانقاذ)". ودخل الجيش المصري، الذي التزم الصمت منذ بداية الاضطرابات التي اوقعت 52 قتيلا في بضعة ايام، على الخط الثلاثاء محذرا من "انهيار الدولة" اذا ما استمر الوضع الحالي في البلاد. وطالب وزير الدفاع القائد العام للجيش "كل القوى السياسية" بان تضع نزاعها وخلافاتها جانبا من اجل ايجاد حل "للتحديات والإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التى تواجه مصر حاليا". وشدد على ان الجيش يواجه "اشكالية خطيرة" وهي "كيفية المزج بين بين عدم مواجهة المواطنين المصريين وحقهم فى التظاهر وبين حماية وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية والتى تؤثر على الأمن القومى المصرى وهذا ما يتطلب الحفاظ على سلمية التظاهرات ودرء المخاطر الناجمة عن العنف أثناءها". وجاءت تصريحات السيسي غداة اقرار مجلس الشوري، الذي يتولى السلطة التشريعية حاليا في البلاد، قانونا يتيح للجيش المشاركة في حفظ الامن "كلما طلب منه ذلك مجلس الدفاع الوطني" الذي يترأسه مرسي ويضم وزير الدفاع ورئيس المخابرات العامة وعددا المسؤولين السياسيين. لكن مصطفى كامل السيد "يستبعد" ان يقدم الرئيس المصري تنازلات من تلقاء نفسه. ويقول "امام عجز الحكومة والشرطة عن فرض الامن ومحاصرة قوات الشرطة في اقسامها وغياب اي افق للخروج بتسوية سياسية ومشاركة الجيش في فرض الامن، فالامور مرشحة لتدخل اعمق من جانب القوات المسلحة". ويتابع ان "قيادة الجيش قد تجد نفسها مضطرة للتدخل بشكل غير مباشر ومن وراء ستار من خلال املاء اجراءات معينة مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية".