قضت محكمة القضاء الإداري في مصر أمس بإلزام الحكومة، ممثلة في وزارتي الاتصالات والاستثمار، بحجب موقع «يوتيوب» المملوك لشركة «غوغل» لمدة 30 يوما، بسبب تعمده عرض الفيلم المسيء للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) رغم صدور قرارات بوقف عرضه. وهو القرار الذي أثار مخاوف من تشديد السلطات المصرية قبضتها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة المقبلة. وبينما قال الدكتور عمرو بدوي، رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، إنه «سوف يتخذ الإجراءات اللازمة فور وصول صورة حكم المحكمة إليه»، أكد مصدر مسؤول في شركة «غوغل» بمصر ل«الشرق الأوسط»، على «احترام الأحكام القضائية»، مشيرا إلى أنه لن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية قبل وصول إخطار رسمي من السلطات القضائية. وتخوفت الناشطة الحقوقية إنجي حمدي، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، من أن يكون الحكم بداية لغلق مواقع التواصل الاجتماعي في مصر. وجاء حكم المحكمة أمس (السبت) في الدعوى المرفوعة من أحد المحامين ويدعى محمد حامد سالم، والتي يطالب فيها بحجب ووقف موقع «يوتيوب» عن العمل داخل مصر لحين حذف الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأي فيلم آخر مناهض للإسلام، وحجب كل المواقع التي تعرض فيديوهات للفيلم المسيء. وأكدت الدعوى أن تلك المقاطع والأفلام قد يترتب عليها نتائج يتعذر تداركها من استفزاز للمصريين والمسلمين، واستنفارهم، واستدراجهم للفتن الطائفية وأعمال عنف متكررة، بسبب استمرار عرض هذا الفيلم على موقع «يوتيوب» على الإنترنت، واستهدافه أطفال المسلمين لتشويش صورة النبي الكريم في أذهانهم ونفوسهم لأجيال قادمة، والتعدي على الثوابت الإسلامية، والتعدي على هيبة الرسول. وكان لمواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت: «تويتر» و«فيس بوك» و«يوتيوب»، أهمية كبيرة خلال أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، وفي أحداث الثورات العربية أيضا، إذ حولها من مجرد احتجاجات شبابية فردية إلى تنظيم قوي، حيث قام بدور التعبئة الشعبية لها، فانقلبت من ثورة افتراضية على الإنترنت إلى ثورة حقيقية على أرض ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة. ويتخوف نظام الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر بعد أحداث العنف والقتل التي تشهدها البلاد منذ الذكرى الثانية للثورة، من مواقع التواصل التي أسقطت نظام الرئيس السابق حسني مبارك. من جانبها، قال إنجي حمدي ل«الشرق الأوسط»، إن السلطات في مصر تعتبر أن مواقع التواصل الآن بعد عامين من الثورة سلاحا في يد الشعب». وتابعت: «أصبح السياسيون الآن يطرحون آراءهم ويتواصلون مع الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما ساهم في جمع الناشطين في جميع الفعاليات». وحذرت حمدي من قيام الحكومة بغلق مواقع التواصل على خلفية حكم المحكمة، قائلة: «أصبح أي مواطن عادي لديه حرية رأي غير مسبوقة في إبداء رأيه في أي موضوع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما كان محروما منه خاصة الشباب طيلة 30 عاما خلال حكم مبارك، والعودة لنفس هذا النهج مرة ثانية غير مقبول ومرفوض وسيدفع الشباب لمزيد من العنف». من جهتها، أدانت جبهة الإبداع (وهي تضم نقادا ومبدعين وفنانين مصريين) الحكم، ووصفته ب«الكارثي». وقالت في بيان لها أمس، إن «الرد الخاطئ أحيانا ما يكون الصمت خيرا منه.. ليس دفاعا عن الفيلم المسيء الذي رفضناه وبشدة وقت ظهوره، ولكن استخدامه ذريعة لممارسة قمع لحرية التعبير خاصة، وهو موقف ليس موجها لصناعه أو للفيلم ذاته، وإنما لموقع إلكتروني، هو متنفس للتدوين البصري للملايين من المصريين والمليارات من الأفراد من شعوب العالم». كما استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الحكم، ووصفت قرار المحكمة بأنه «تعدي القرار على الحرية الشخصية لمستخدمي شبكة الإنترنت، وتجاهل لقرارات وأحكام سابقة رفضت دعاوى مشابهة».
