تونس - طالب الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي ب"التنحي عن رئاسة الحركة والتفرغ للعمل الدعوي" مشددا على أن "النهضة لا تسير في الطريق الصحيح بسبب الغنوشي" الذي يقودها نحو العزلة السياسية والشعبية نتيجة "أسلوبه السلفي" ورفضه الانفتاح على القوى السياسية اليسارية والعلمانية. وقال مورو في تصريح صحفي الثلاثاء إن "المشهد السياسي التونسي متعدد ومتنوع تنشط فيه أحزاب إسلامية ولكن تنشط فيه أيضا أحزاب يسارية وعلمانية ومن حق كل الأحزاب المشاركة في إدارة العملية السياسية خلال هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة لأن تونس الديمقراطية لا تبنى إلا بمشاركة كل التونسيين". وشدد على أن حركة النهضة "تسير في الطريق الخطأ بسبب راشد الغنوشي الذي يسير النهضة كما لو أنها شأنا عائليا"، ملاحظا أن "الشعب التونسي كان قبل أكثر من سنة يحب حركة النهضة وعلق عليها آمالا لكنه اليوم فقد ثقته فيها إلى حد كبير بسبب التسيير الخاطئ" لراشد الغنوشي. واتهم مورو الغنوشي بجر تونس إلى "الهاوية" لأنه يتمسك بمواقف متشددة قسمت "المجتمع التونسي المتسامح إلى إسلاميين وعلمانيين" وبأنه بات يمثل "عقبة" أمام التعايش بين التونسيين بمختلف انتماءاتهم السياسية ومرجعياتهم الفكرية. وقال مورو:"أنا أعتبر أن المكان المناسب لراشد الغنوشي في حركة دعوية وليس على رأس حزب سياسي". ويعتبر الشيخ مورو الذي أسس رفقة الغنوشي سنة 1981 حركة الاتجاه الإسلامي "النهضة حاليا" من أبرز القيادات اللبرالية في حركة النهضة التي تخوض معركة شرسة مع صقورها من أجل ثنيها عن مشروعها السلفي. ويسعى الرجل الذي يحظى بتقدير الأوساط السياسية إلى الفصل بين النهضة كحركة إسلامية دعوية والنهضة كحزب سياسي مدني. وبرأي مورو فإن "المجتمع التونسي متعدد اجتماعيا وسياسيا تحكمه قيم التعايش والتضامن ويرفض التعصب الديني والعنف السياسي" وهو ما يستوجب من حركة النهضة "مراجعة منظومتها الفكرية السياسية لتنفتح على التيارات اللبرالية في البلاد وتنأى بنفسها عن عقلية الإقصاء". وقال مورو" سألت راشد الغنوشي إذا كان يستطيع التجول في تونس دون خوف فأجاب: "لا أستطيع لأني أخاف من الناس". وأضاف "سألته كيف تفسر مطاردة الشعب التونسي لك؟ فلم يجبني". وخلال الأشهر الأخيرة تزايد السخط السياسي والشعبي تجاه راشد الغنوشي نتيجة حالة الإحباط من حركة النهضة ولكن أيضا نتيجة عدم ثقة التونسيين في الرجل الذي يعتبر الحاكم الفعلي لتونس. واهتزت صورة الغنوشي أكثر لدى التونسيين إثر اغتيال المناضل اليساري شكري بلعيد حيث اتهم بالوقوف وراء حادثة الاغتيال خاصة وأنه لا يخفي دعمه للجماعات السلفية. وطرد أهالي مدينة تالة غرب (محافظة القصرين) راشد الغنوشي وهشّموا بلور سيارته أثناء زيارته الاثنين. وأوضح مورو أن "الشعب التونسي لم يعد يرغب في حركة النهضة وان نسيان الأخطاء التي ارتكبتها يتطلب الكثير من الوقت" مشيرا إلى أن "مكان الحركة في المعارضة وستبقى فيه لمدة 20 سنة" في تلميح إلى أنها فشلت فشلا ذريعا في الحكم وفي كسب تأييد التونسيين. وتأتي تصريحات مورو خلال المشاورات بشأن تشكيل حكومة جديدة لتؤكد أن التيار الليبرالي داخل النهضة ضاق ذرعا بسطوة الغنوشي واختار الانتفاض ضده على تحمل المزيد من الصمت تجاه مواقفه التي زجت بالبلاد في أزمة سياسية عمقت عزلة النهضة سياسيا وشعبيا. غير أن الرجل الثاني في النهضة الحاكمة يواجه تهميشا مقصودا من راشد الغنوشي حتى أنه لا يستشار في أي قرار أو موقف تتخذه الحركة. ويقول المراقبون إن حركة النهضة تسير نحو الانشقاق إلى تيارين، الأول سلفي متشدد يقوده رئيس الحركة راشد الغنوشي، والثاني لبرالي منفتح يقوده كل من الشيخ مورو وحمادي الجبالي الأمين العام للحركة.